أطفال غزة: أصوات تناجي ربها في السماء تطلب طوق النجاه

هنيئًا لمن نال الشهادة من أبناء غزة، فهم الآن تحت رحمة الله ورعايته

أطفال غزة: أصوات تنادي السماء في لحظات اليأس

 

كتبت ريهام طارق 

في لحظات الظلام العميق، يصعب تصوّر مدى مأساة أطفال غزة، فهم يتحدثون إلى الله الآن، ويقصون لله رب العالمين كيف عاشوا في أعظم مأساة إنسانية، كيف تحوّلت حياتهم إلى مشهد من فيلم مرعب، يفتقد لأدنى مشاعر الإنسانية.

تحكي أنفسهم عن كيف زادت القسوة والبشاعة في حياتهم، كيف جفت قلوب البشر من الرحمة، وكيف تمت سرقة أمانهم على يد العدو الصهيوني، ليجدوا أنفسهم محاصرين بألسنة النيران والدمار، ينتظرون الشهادة في أي لحظة.

يحكون كيف عاشوا في عالم مرعب، مشوه بالنكبات، حيث لا يسمعون إلا صوت القذائف ولا يرون إلا مستقبلاً مظلماً بلا أمل، في عالم تحولت فيه الحدائق إلى بقايا رماد، يغمرها التراب والأنقاض وتتصاعد منها ألسنة النيران، لم يعد هناك سوى رائحة الموت والجثث تعم المكان. 

هاجرت الطيور سماءها، واختفت أصواتهم الجميلة لتحل مكانها صرخات وبكاء الأطفال، إنها قصة تشبه فيلم رعب بشع، حيث يبدو العالم وكأنه يوشك على الانهيار، واليأس يسود كل شبر من هذه الأرض المنكوبة.

وفي ظل استمرار أحداث مأساوية تحت أنقاض المباني المدمرة، تتجلى صور اليأس والألم، ولكن في قلب هذا الظلام، تظهر لنا لقطات مؤثرة تجسد براءة الأطفال وبساطة طلباتهم. بين محاولات الإنقاذ، سمعت صوت طفلة تحت الأنقاض تطلب ماء، وكانت هذه الكلمة تحمل في طياتها ألم لا يوصف.

وفي الظلام العميق، تصاحب صرخات الأمهات والآباء الذين فقدوا أحباءهم، فرأيت أما تجفف دماء ابنها وتقبله، وأبا يحمل أشلاء ابنه بين ذراعيه، وطبيبًا يخرج جنينًا حيًا من بطن أمه الشهيدة، وهو يسعى لإنقاذ حياته، و رأيت زوجًا يكتب على كفن زوجته بحبك يا عمري وهو يودع حبه الأبدي.

 

في عيون الأطفال، تجلى اليأس والقهر، تتوسل أعينهم لطلب أبسط حقوقهم في هذه الأرض التي وهبها لهم الخالق، يصل صراخهم المستمر إلى آذاننا كل لحظة، مذكِّرًا بالألم الذي يغمر حياتهم اليومية، وبالظروف القاسية التي يواجهونها، وتحت

غطاء الدمار والخراب، أصبحت وجوه الأطفال متشابهة، حيث لا يمكن التفريق بينهم إلا بالاسم المكتوب على أيديهم، ليعرف أحبائهم جثثهم في حالة الشهادة، تلاشت الهويات في هذا البحر الأسود من الألم والفقدان.

هنيئًا لمن نال الشهادة من أبناء غزة، فهم الآن تحت رحمة الله ورعايته، ولن ينالهم بعد الآن ألم ولا ضيق، كما ندعو الله أن يرحم الأحياء منهم، وأن يكونوا تحت حمايته ورعايته، في وقت يتحول فيه الضعفاء إلى المظلومين، وتتلاشى حيلتهم أمام الظروف القاسية، نجد أنفسنا عاجزين، لا نملك سوى الدعاء.

نسأل الله أن يسخر لهم جنود السماء والأرض، وأن يكونوا تحت رعايته الكاملة، حيث لا يشملهم بعد اليومسوى السلام والسكينة.

قد يعجبك ايضآ

التعليقات مغلقة.