ارحموا من في الأرض

ارحموا من في الأرض

بقلم الإعلامية د.هالة فؤاد
إن القيادة هي :
عملية تفاعل إجتماعي لايمكن أن تتم في فراغ وإنما يلزم لها إطار من العلاقات والتفاعلات الاجتماعية بين عدد من الأفراد الذين يشكلون جماعة لكي يتبلور من خلالها الدور القيادي ويتحدد من خلالها التأثير والتأثر الذي يتم من خلال هذه العملية الاجتماعية.
وهي تفاعل متبادل بين القائد ومرؤوسي يؤثر فيهم ويتأثر بهم لكي تحقق رضا العاملين وتزيد تماسك الجماعة .
القيادة قديمة قدم الزمن ، بينما الحديث عن الادارة لم يبدأ الا في العقود الأخيرة .
تركز الادارة على أربع عمليات أساسية :
التخطيط ، التنظيم ، التوحيه ، والرقابة .
بينما تركز القيادة على ثلاث عمليات رئيسية هي :
_ تحديد الاتجاه والرؤية .
_ حشد القوى تحت هذه الرؤية .
_التحفيز وحشد الهمم .
ومع التقدم الحديث وظهور علوم إدارة الأعمال ظهرت معايير جديدة تساهم بالنهوض بالمؤسسات والشركات بشكل أكبر ضمن منظومة حديثة وهي : الادارة الحديثة.
وتتميز الادارة الحديثة بعدد من المميزات منها :
المرونة وعدم الجمود والتزمت في التعامل مع الأمور ، الاهتمام بالعنصر البشري ، ولذلك تم إنشاء إدارات مخصصة للموارد البشرية تعمل عل تطوير مهارات العامل وكفاءاته وتؤهله للقيام بالتكليفات الموكله إليه ، مع الاهتمام بالبيئة المحيطة بهم ،وحل مشاكلهم الشخصية لكي يكون ذهنهم صافي لاتمام عملهم على الوجه الأكمل .
الفرق بين المدير والقائد:
المدير :
لديه أفكار جيدة ، يحكم المجموعات ويحاول أن يكون بطلا ،و يبقى على الأوضاع على ما هي عليها .
المدير الاداري ، مدير تقليدي لايستشير فريق العمل معه ولايشركهم في عملية إتخاذ القرار ولا يسعى لتحقيق طلباتهم ، وهو يقوم بدور مسير الأعمال دون إحداث تغييرات جوهرية في بيئة العمل تؤدي إلى التطور المنشود .
أما القائد :
يطبق الأفكار ، يقنع أتباعه ، يصنع الأبطال ، يرقى بالمؤسسة إلى آفاق عالية .
يهتم القائد بروح الفريق ، بالرقابة وحل المشكلات ، بالرؤية المستقبلية .
ولذلك يجب أن يتوفر لدى المؤسسات والشركات المدير القائد ،وهو الشخص القادر على القيادة والإدارة في وقت واحد فالادارة تتعامل مع الأشياء المادية بينما القيادة تعني التعامل مع العنصر البشري.
أتمنى أن لا أكون قد أطلت عليكم ، ولكن أعتقد أن هذه المعلومات تصب في صلب الموضوع .
أعتقد أن الكثير منكم قد قرأ أو سمع عن حادثة إنتحار الموظف باحدى الشركات بمنطقة التجمع بالقاء نفسه من الطابق الثالث .
ودلت التحريات أن مديره كان يقوم بتوبيخه دائما ،وأن يوم الحادثة تأخر بعض الوقت في الحمام ، فقام المدير بتوبيخه وخصم أربعة أيام من راتبه ، وقد كان هذا الموظف يمر بضائقة مالية فلم يتحمل العبء والحمل المادي والمعنوي معا مما دعاه إلى الانتحار .
كل هذه الأعباء ليست وليدة يوم ، أين كان هذا المدير من موظفه ، لماذا لم يتناقش معه ويتعرف على مشاكله ويحاول أن يحلها معه ، لماذا لم يفترض أن تأخير هذا الموظف في الحمام لعلة أو مرض أصابه .
ولكن بمنتهي الجبروت والغطرسة والتسلط قام بتوبيخه وخصم من راتبه ليضغط على الجرح بقسوة مما أفقده الاحساس بالأمان والأمل ليفقد حياته نتيجة تعسف ممن بيده السلطة ،ليضعها سيفا على رقاب العباد دون رأفة أو رحمة .
ناهينا عما سيعاني مته هذا المدير ، لن أقول من تأنيب الضمير ، فهذه رفاهية لاتصلح لأمثال هذه الشخصية ، ولكن روح هذا الموظف الذي قتلته روح التسلط ستحوم حول قاتله ، لن تتركه يعيش في أمان ولا سلام ، ستنغص حياته ، لن تتركه ينام بعد الأن .
ولكن هذا ليس كافي ، يجب معاقبة مثل هؤلاء المديرين الذين لا يعرفون الرحمة بقوانين تؤيد سلطتهم ،لاتكون سلطة مطلقة .
تجريم توبيخ أي موظف ، واذا كانت هناك قوانين تعطي للمدراء الحق في التعسف والخصم من المرتب والرفد والتي يمكن أن يكون وراءها دوافع شخصية ، يجب تغيير هذه القوانين .
يحضرني صورة مشرفة للقائد الراقي صاحب الأخلاق الحميدة والكريمة ، القائد إبراهيم الرفاعي .
قائد عسكري في الجيش المصري ، كان قائد المجموعة 39 قتال صاعقة خاصة في حرب أكتوبر .
إبراهيم الرفاعي الملقب بأمير الشهداء لم يهتم فقط بتدريب العساكر والضباط ولكنه كان يهتم بمشاكلهم الشخصية ويحلها معهم بالفعل ، لأنه كان يؤمن أن الإنسان ليس أله ، ولكنه دم ولحم ،يفرح ويحزن ، ويعلم أن الانسان لايستطيع أن يعطي بكفاءة وذهنه غير صافي ملئ بالمشاكل .
ولذلك نجح كقائد وأميرالشهداء ، وسيظل أيقونة للرحمة في التعامل ، رحمة الله تعالى عليه .
وأخيرا رحمة الله تعالى على هذا الموظف وأمثاله من ضحايا التسلط والجبروت .

قد يعجبك ايضآ

التعليقات مغلقة.