الستر في الإسلام: فضيلة مفقودة في عصر الفضائح الإلكترونية

بقلم: ريهام طارق

من أعظم ما أنعم الله به على عباده، نعمة الستر.. تلك الهالة الربانية التي تخفي عيوبنا وزلاتنا، وتجعلنا نبدو أمام الناس أفضل بكثير مما نحن عليه في الحقيقة.

لو كشف الله المستور لانفض الناس من حولنا، فكل إنسان بداخله ضعف و خطيئة، ولكن رحمة الله تسبق عدله، يسترنا ليلًا ونهارا، في صحونا و منامنا، أمام أعين الخلق وأمام أنفسنا.

وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي ﷺ: “من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة”، ليضع قاعدة إنسانية راقية، تؤكد أن الستر ليس فقط منحة من الله لعباده، بل هو فرض يجب أن يتعامل به البشر فيما بينهم.

المشاركة في الإثم كالقيام به تمامًا:

في العصر الرقمي زادت الفضائح على مواقع التواصل، وأصبح نشر فيديوهات التشهير بالناس شيء عادي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت مقاطع فيديو تكشف ستر الناس، و تفضح خصوصياتهم، من أجل زيادة عدد المشاهدات أو جمع الإعجابات والتعليقات، هؤلاء الذين يلتقطون زلات غيرهم و ينشرونها، لا يدركون أنهم يرتكبون إثما عظيما، لأنهم يسعون لكشف ما ستره الله، و يهدمون حياة إنسان ربما يتوب غدًا، أو يعود إلى رشده.

والرسول ﷺ حذر من ذلك بقوله: “من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته”.

إنها هذا الفعل ليس مجرد مشاركة أو إعادة نشر، بل ذنب جسيم، لأنه مشاركة فعلية في نشر الفضيحة، والمشاركة في الإثم كالقيام به تمامًا.

تذكر أيها القارئ الكريم، قبل أن تقدم على نشر مثل هذا المحتوى، أن الله سبحانه وتعالى يحب الستر وأمرنا به، وأن من يفضح اليوم قد يفضح غدًا، ومن يرحم الناس يرحمه الله، واعلم أن ما تفعله يعود إليك، فكما تدين تدان، لذلك، فإن واجب المسلم حين يصادف مثل هذه المواد أن يغض بصره عنها، وألا يشارك في تداولها، بل يحذر غيره من نشرها، ليحمي نفسه من العقاب، ويحفظ كرامة أخيه الإنسان.

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [{لنور: }19

وقال النبي ﷺ: “من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة.”

الستر يعيد للإنسان كرامته:

ليس المقصود بالستر أن نتغاضى عن الخطأ أو ننكر الحق، بل أن نواجهه بحكمة بعيدًا عن أعين الناس، بالنصيحة الصادقة واللين، لا بالفضيحة والتشهير.

الستر يمنح الإنسان فرصة لاستعادة كرامته، ويفتح أمامه باب التوبة والعودة إلى الصواب، بينما قد تدفعه الفضيحة إلى الانكسار والضياع، أو حتى التمادي في الخطأ بدافع العناد أو الانتقام.

الستر يزرع الرحمة في قلوب البشر:

الستر يزرع الرحمة في القلوب، و يجعل المجتمع أكثر إنسانية و تماسكا فإذا ستر كل إنسان أخاه، عاش الناس في طمأنينة، و تذوقوا طعم الأمان النفسي والاجتماعي، فلتكن هذه النعمة سببا لنشر الخير بيننا، و لنجعل دعائنا دائمًا

{اللهم استرنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة، ولا تفضحنا يوم نلقاك، اللهم اجعل لنا سترا لا يكشف، وعفوا لا ينقطع، ورحمة لا تزول اللهم استرنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض عليك}

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.