القضاء على التمييز ضد المرأة في مصر
القضاء على التمييز ضد المرأة في مصر ؟!
بقلم يوسف عبد اللطيف
الحقوق في الأرض والسكن والملكية ضرورية لمساواة ورفاه المرأة وحقوق المرأة في الأرض والسكن والملكية والحصول عليها والسيطرة عليها عامل محدد في الأحوال المعيشية للمرأة وبصفة خاصة في الاقتصادات الريفية وهو عامل ضروري للبقاء اليومي والأمن الاقتصادي والسلامة البدنية للنساء وأطفالهن وعلى الرغم من أهمية هذه الحقوق للنساء وللأسر المعيشية التي تعيلها نساء .. مازالت النساء يفتقرن على نحو غير متناسب لأمن الحيازة
وكثيراً ما يكون هذا ناجماً عن الحقيقة التي مؤداها أن تسجيل الملكية يتم باسم رجل ( الأب أو الزوج أو الأخ ) وفي حالة الانفصال أو الطلاق كثيراً ما يحتفظ الرجل بالحقوق في الملكية أو الأرض في حين أن المرأة تصبح بلا مأوى أو يتعين عليها تقاسم الملكية مع أصهارها دون أن تكتسب سيطرة أو حقوقاً عليها .. كما تعني التشريعات التمييزية بشأن الملكية والأرض والسكن والافتقار إلى السيطرة على الملكية والأرض والسكن أن النساء يُستبعدن من عمليات اتخاذ القرارات المجتمعية التي يقودها الرجال وهم عادة ملاك الأراضي وفي المجتمعات الريفية تحدد ملكية الأرض كلاً من الوضع الاجتماعي والطريقة التي تُمارَس بها السيطرة على موارد ودخل أسرة معيشية ووضع النساء الاقتصادي السيْ في هذا الصدد يتسبب في حدوث اعتماد هيكلي على الرجال للحصول على الموارد وهو ما يمكن أن يؤدي بدوره إلى تعريض النساء لانعدام الأمن وللعنف
والممارسات الثقافية والدينية وكذلك الممارسات العرفية يمكن أيضاً أن يكون لها تأثير على حقوق النساء المتعلقة بالأرض والملكية والسكن وهذه الممارسات كثيراً ما توجد بالتوازي مع القوانين التشريعية وكثيراً ما تميز هذه الممارسات ضد النساء في مجالات الملكية والأرض والسكن وتكون لها في بعض الأحيان الغلبة على القوانين الوطنية وبالإضافة إلى ذلك فإن تفسير القوانين التشريعية يتأثر بالقوانين أو الممارسات العرفية على نحو يضر بحقوق النساء وكثيراً ما لا تتسنى للنساء أي إمكانية للمشاركة في اتخاذ القرارات فيما يتعلق بالأرض والملكية والسكن على الرغم من أن هذه المسائل تؤثر عليهن بشكل مباشر وخطير والتحيز الجنساني داخل الإدارة الرسمية يفضي أيضاً إلى استبعاد النساء من اتخاذ القرارات بشأن السياسات والبرامج المتعلقة بالسكن والأرض
وتواجه النساء اللائي يعانين من أشكال تمييز متعددة مثل النساء المسنات أو ذوات الإعاقة أو المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية ( الإيدز ) أو المنتميات إلى مجتمعات الأقليات عقبات إضافية تعترض سبيل حصولهن على الأرض والملكية وعلى سبيل المثال يُلقى اللوم في بعض الأماكن على الأرامل والمسنات في كثير من الأحيان لقتلهن أزواجهن بإصابتهم بالعدوى بفيروس نقص المناعة البشرية ( الإيدز ) ويستخدم أصهارهم هذا كمبرر لتجريدهن مما بحوزتهن وطردهن وبعدئذ تفقد النساء إمكانية الحصول على الموارد الإنتاجية التي تزداد أهميتها في سياق حاجتهن إلى الرعاية الطبية
وتنص المادة 17(1) و(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق كل شخص في الملكية بصرف النظر عن نوع الجنس وتنص المادة 25 من الإعلان على الحق في مستوى معيشي مناسب بما في ذلك السكن وفي تأمين معيشته في حالة الافتقار إلى سبل كسب الرزق وتنص المادة 16 من الإعلان على أن لكل شخص حقوقاً متساوية مع غيره فيما يتعلق بالزواج وذلك خلال الزواج وخلال فسخه على السواء .. كما تقضي المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ذات الحكم الواسع النطاق الذي ينص على عدم التمييز بحظر التشريعات أو السياسات التي تميز ضد المرأة بما في ذلك في مجالات الحقوق المتعلقة بالملكية والسكن والأرض وتكفل المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في السكن اللائق وبالإضافة إلى ذلك تطلب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة إلى الدول أن تقوم على وجه التحديد باتخاذ جميع التدابير الملائمة للقضاء على التمييز ضد المرأة الريفية وبضمان تمتعها بأحوال معيشية مناسبة بما في ذلك السكن اللائق (المادة 14-2 من الاتفاقية) وتطلب المادة 16-1 من الاتفاقية إلى الدول أن تتخذ جميع التدابير الملائمة للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع المسائل المتعلقة بالزواج والأسرة وأن تضمن على وجه الخصوص نفس الحقوق للزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها.
ويتضمن إعلان ومنهاج عمل بيجين التزامات الدول بإجراء إصلاحات تشريعية وإدارية لمنح المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في الموارد الاقتصادية بما في ذلك الحق في ملكية الأراضي وغيرها من أشكال الملكية والتحكم فيها والائتمان والإرث والموارد الطبيعية والتكنولوجيا الجديدة الملائمة وقدم مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني) المعقود في اسطنبول في عام 1996 وإعلان اسطنبول الصادر عنه وجدول أعمال الموئل الخاص به خطة عمل بشأن الحقوق بما في ذلك حقوق المرأة في تنمية المستوطنات البشرية وتُلزم خطة العمل الحكومات بضمان أمن الحيازة وتساوي جميع الأشخاص بمن في ذلك المرأة والأشخاص الذي يعيشون في فقر في الحصول على الأراضي
أما في مصر نلاحظ تحسن طرأ لصالح المرأة في المجالات القانونية والمؤسسية والعملية وفي المجال القانوني سنت قوانين كثيرة لصالح المرأة من قبيل القوانين المتعلقة بالأسرة وفي فبراير 2000 أنشئ بموجب قرار جمهوري المجلس القومي للمرأة وهو أول مؤسسة سياسية من نوعها في مصر تركز على تمكين المرأة وترصد تنفيذ الاتفاقية والقوانين والسياسات التي تمس حياة المرأة ويرفع المجلس تقاريره مباشرة إلى رئيس الجمهورية واختير غالبية أعضائه الثلاثين من تخصصات وقطاعات مختلفة من بينها الأوساط والمنظمات غير الحكومية ويقوم علي تنفيذ البرامج الرامية إلى تخفيف حدة الفقر الناشئ عن الخصخصة وبرامج التكيف الهيكلي وخاصة بين النساء اللاتي يُعِلن أسرا معيشية من المناطق الريفية والحضرية الفقيرة على السواء
كما ساند المجلس القومي للمرأة في أثناء الانتخابات مشاركة المرأة فيها سواء أكانت مرشحة أو مقترعة وازداد بالتالي وعي المرأة بأهمية المشاركة السياسية حيث ضمنتْ وجود 25% من السيدات فى البرلمان و25% منهن في المجالس المحلية و10% في مجلس الشيوخ وتمثيلاً ملموسًا في مجالس إدارات الشركات المالية والقطاع المصرفي
وقد استعرضت اللجنة التشريعية التابعة للمجلس القومي للمرأة قانون الجنسية الحالي وأوصت بتعديله لإعطاء المرأة المصرية المتزوجة من أجنبي الحق في منح جنسيتها لأطفالها .. كما استعرضت مشروع قانون العمل وأوصت بإدخال تعديلات تكفل استمرار تمتع جميع النساء العاملات بمن فيهن العاملات في الحكومة أو في القطاع العام أو القطاع الخاص بالاستحقاقات السارية وبضمنها إجازة الأمومة وإجازة رعاية الأطفال وبالإضافة إلى ذلك استعرضت اللجنة التشريعية مشروع القانون المتعلق بجوازات السفر الذي جرى إعداده استجابة للحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا والذي قضت فيه بعدم دستورية القرار الوزاري الذي يشترط موافقة الزوج على إصدار جواز سفر لزوجته
واصبحت جميع القوانين والتشريعات التي اتخذت مؤخرا رامية إلى القضاء على التمييز بين المرأة والرجل واصبحت جميع الخدمات المقدمة للمرأة والرجل بدون تمييز ونصفها موجه للمرأة
وشهدت أرصدةُ التمويلِ المتناهي الصغر نموًّا لتصل إلى 9 مليارات جنيه بنسبة 11% وتصل نسبةُ السيداتِ المستفيدات منها إلى 62% في حين تم تقديمُ 4.3 مليار جنيه قروضًا لرائدات الأعمالِ خلال العامين الماضيين
كما أطلقت العديد من الحملات لتمكين المرأة وحمايتها من جميع أشكال العنف ومكافحة جرائم تقنية المعلومات والتنقل الآمن لها وتوعيتها بحقوقها وبالخدمات التي تقدمها لها الدولة وإدماج الرجال الشباب من بينها حملة ” التاء المربوطة سر قوتك ” و التي نجحت في تحقيق 135 مليون اتصال .. وحملاتٌ لـ طرق الأبواب حققتْ 42 مليون زيارة وأيضا تم إطلاق ” الكودِ الأخلاقىِّ للمرأةِ فى وسائلِ الإعلام ” وتم إنشاءُ مرصدٍ إعلامىٍّ لمتابعةِ تنفيذِه
وخلالَ جائحة كورونا تم تبني برنامج للتوعية بالمخاطر وتطويرُ نظمِ الإحالةِ والخطوطِ الساخنة لتوفيرِ الدعمِ الاقتصادىِ والنفسىِ بجانبِ حملاتِ التوعيةِ الإلكترونية .. كما أُطلقتْ حملاتٌ لمكافحةِ الجرائمِ الإلكترونية بالشراكة مع منصات الفيس بوك وانستجرام .. كما تم إنشاء اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وترأسُها سيدةٌ وتم إنشاءُ أولِ دورِ استضافةٍ لضحايا الاتجارِ بالبشر وتخصيصُ خطوطٍ للإبلاغِ عن هذه الجرائم وأُطلقتْ حملةٌ رئاسيةٌ للتوعيةِ بمخاطرِ الهجرةِ غيرِ الشرعية بقيادة وزارة الهجرة وأُنشئتْ دوائر جنائيةٌ متخصصةٌ داخلَ محاكمِ الاستئنافِ على مستوى الجمهوريةِ لتلك الجرائم “
ويتمُ أيضا الدراسةُ الجديةُ للإشكالياتِ المتعلقةِ بأوضاعِ عاملاتِ المنازلِ وتوفيرِ حمايةٍ ذاتِ أطرٍ شرعيةٍ وقانونيةٍ لهن وطرحُ مسودةِ عقدِ عملٍ لتحسينِ أوضاعِ العاملاتِ في هذا القطاع
لك الله يا وطني .. لك الله يا أرض الكنانة
التعليقات مغلقة.