تاريخ السينما ما بين الأبيض والأسود والألوان
تاريخ السينما ما بين الأبيض والأسود والألوان
بقلم: ريهام طارق
تجذبنا دائما مشاهده أفلام الأبيض والأسود فى ظل وجود شاشات تزخر بآلاف الألوان في الحاضر وكأن أفلام الأبيض والأسود ما تزال تحتفظ بمكانتها في قلوب المشاهدين على مستوى العالم بعد سيطرة الألوان على الشاشة منذ ستينيات القرن العشرين.
ومع بداية ظهور صناعة السينما كان المعتاد للجمهور الرؤية بالأبيض والأسود، قبل أن تتغير الأمور في أوائل القرن الـ20 عندما ظهرت تقنية “تكنيكولور” التصوير بالألوان، وكان استخدام هذه التقنية محدودة، وكانت الأشرطة تصبغ بعناية أو تلون باليد.
وفي عام 1908 ظهرت تقنية جديدة في أحد الأفلام عرفت بتقنية “كينيما كولر” (Kinémacolor)، وتقوم على عرض الصور على شاشة عرض سينمائي من خلال “فلاتر” باللونين الأحمر والأخضر، وكانت معدات العرض مكلفة للغاية كذلك.
أفلام العشرينيات
حتى جاءت أفلام العشرينيات التي غيرت مجرى صناعة السينما بإضافة الصوت والألوان، مما أدى إلى انتهاء عصر الأفلام الصامتة وظهور أول الأفلام السينمائية الملونة
من جانب آخر أثارت هذه التقنيات الجديدة قلق بعض صناع الأفلام والممثلين من أن يؤدي إقحام الألوان والصوت إلى تشتيت أذهان الجمهور.
و في عام 1922، بدأت مرحلة جديدة في السينما، بعد ما دخل عصر الألوان في السينما و صورت الأفلام السينمائية باستخدام تقنية الشريطين المنفصلين، والتي تعتمد تقسيم الضوء الأحمر والأخضر على شريطين، ثم دمجها في شريط واحد في آخر المطاف، وكانت عملية التصوير بالألوان في تلك المرحلة باهظة الثمن.
لذلك اقتصرت أغلب أفلام عشرينيات القرن الماضي على استخدام الألوان في عدد قليل من المشاهد.
الأفلام الملونة
ومع بداية الثلاثينيات حظيت تقنية “تكنيكولور” بانتشار أوسع، بعد أن استثمرت الشركة وقتا في البحث عن تأثير الألوان على الجمهور وعملت على تطوير تقنية جديدة تعتمد 3 ألوان لتوفير متعة أكبر للمشاهدين، وكانت الكاميرات الجديدة التي صنعتها الشركة ضخمة الحجم وتحتوي على 3 بكرات منفصلة.
وقد تم استخدام كل بكرة لإنشاء نسخة موجبة تسمى المصفوفة، ثم نقل الصبغة ومزج الألوان الأساسية للحصول على الصورة النهائية، وسيطرت تقنية نقل الصبغة على صناعة الأفلام الملونة لأكثر من عقدين.
وقد استخدمت في عدد من الأفلام السينمائية أبرزها “ذهب مع الريح” (1939)، و”مغامرات روبن هود” (1938)، و”ديزني سنو وايت” (1937).
وكان لـ تقنية التصوير بالألوان الفضل الكبير في النجاح الساحق الذي حققه فيلم “ساحر أوز” الذي أخرجه فيكتور فليمنج عام 1939، الذي يعتبر نقطة تحول مهمة في علاقة صانعي الأفلام الملونة والجمهور.
ظلت تقنية “تكنيكولور” مهيمنة على صناعة السينما حتى خمسينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي انتشرت فيها الأفلام الملونة بشكل كبير وأصبحت أقل تكلفة.
لكن تقنيتي “إيستمان كوداك” (Eastmancolor by Kodak) و”أنسكو كولور” (Ansco Color by Ansco) مثّلتا بديلين أقل تكلفة، فبدلا من استعمال 3 أشرطة لم تتطلب التقنيتين الجديدتان سوى بكرة واحدة.
و ركزت “تكنيكولور” على إظهار تفوقها في الألوان ووضوح الصورة، لتبقى في الصدارة وبدأت بتحويل أفلام مصورة بتقنيات أخرى إلى أفلام تعرض بتقنيتها، وأعادت تصميم كاميراتها الضخمة لتلائم الشاشات العريضة.
الأستوديوهات الحديثة
وبعد مرور خمسون عاما على ظهورها اندثرت تقنية “تكنيكولور” في سبعينيات القرن الماضي، بعد ما ابتكرت الشركة في الثمانينيات عملية كيميائية تعرف باسم “المعالجة دون تبييض”، وقد استخدم العديد من المخرجين هذه التقنية، ومنهم ستيفن سبيلبرج في فيلم “إنقاذ الجندي رايان”.
ومع تحول الأستوديوهات الحديثة نحو تقنية التصوير الرقمي أعادت الشركة في القرن الحالي إنتاج عدد من الأفلام القديمة واقتحمت مجالات متعددة في عالم الوسائط الرقمية، وتركت قنية “تكنيكولور” إرثا كبيرا في تاريخ صناعة السينما وكان لها تأثير كبير على مدار ثلاث أجيال من رواد صناعة السينما، وما زالت تشكل رمزا لجميع الأشياء الملونة النابضة بالحياة.