جابر جمال: كرامتي خط أحمر.. وهذه الأغنية كانت سبب دموع هاني محروس

جابر جمال: حريص على أن أكون أنا لا نسخة تشبه أحد ولا امتداد لغيري

إعداد وحوار: ريهام طارق

الملحن جابر جمال الدين موهبة حقيقية تشق طريقها بثبات، تبحث دائما عن الاختلاف والتميز، حلمه أن يقدم أعمال فنية تحقق نجاحاً كبيراً وتظل عالقه في ذاكرة الجمهور.

في هذا الحوار الحصري، لـ جريدة أسرار المشاهير نفتح دفاتر ذكريات جابر جمال الدين، لنكتشف خفايا رحلته من لحظات الإحباط إلى التألق، من محطه الغناء وكتابة الشعر الي وصوله لمحطه التلحين، يروي لنا لماذا بكي وعاش لحظات مليئه بـ الإحباط واليأس، ومتي عاش لحظات الإنتصار والنجاح من اغلق الأبواب في وجهه ومن قدم له الدعم والمساندة كل هذه التفاصيل سنتعرف عليها في السطور التالية:

في البداية نرحب بـ الملحن جابر جمال الدين في جريدة أسرار المشاهير ونشكره على إتاحة الفرصة لإجراء هذا الحوار

في البداية نحب أن نتعرف على جابر جمال الدين الإنسان قبل الفنان.. حدثنا عن بداياتك، نشأتك و دراستك؟

أنا جابر جمال الدين مواليد مدينة الإسكندرية، في التاسع عشر من مايو، مواليد برج الثور، نشأت في بيئة محبة للفن وهذا ما زرع في داخلي حب الفن منذ الطفولة، تخرجت من كلية التجارة و أقيم حاليًا في مدينة الإسكندرية.

تامر حسني
تامر حسني

هل كان دخولك في المجال الفني بمحض الصدفة، أم كان حلما يراودك منذ الطفولة؟

دخولي إلي المجال الفني لم يكن صدفة أبدًا، بل كان حلمًا منذ كنت طفلا واول من لاحظ موهبتي هم والدي ووالدتي، وحرصا على تنميتها وقدموا لي كل الدعم والحب، كنت عاشق لاغاني المطرب الكبير  كاظم الساهر وأحب إلقاء القصائد الشعرية، وكانت لدي قدرة كبيرة على الحفظ السريع لكل ما اسمعه من أغاني، وفي كل تجمع أو مناسبة عائلية، كنت أغني، وكان رأي الجميع آنذاك أنني أمتلك صوتا جميل وموهبة واعدة.

و رحلتي بدأت كمحب للموسيقى والغناء ومع مرور الوقت، بدأت أولى خطواتي في عالم التلحين، عندما لفت نظري عدد من القريبين مني أنني ملحن موهوب، و من أوائل من آمنوا بموهبتي كان النجم تامر حسني، الذي قال لي في عام 2018: “أنت موهوب جدًا، وعندك جمله موسيقية حلوة وجديدة”، هذا التشجيع كان نقطة تحول دفعتني إلى التركيز أكثر على التلحين والاجتهاد على صقل موهبتي.

جابر جمال الدين: أمي أول من آمن بي وهي صاحبة الفضل الأول في حياتي 

من كان صاحب الدور الأهم في اكتشاف موهبتك ودعمك الفني: والدك أم والدتك؟

والدتي، حفظها الله، كانت صاحبة الفضل الأكبر في اكتشاف موهبتي في بداياتي،و كانت الأقرب إلى نفسي، و الأكثر وعيًا بتفاصيل شخصيتي و ميولي الفنية، كانت تتابعني عن قرب وتلاحظ أدق تصرفاتي و اهتماماتي، آمنت بموهبتي منذ اللحظة الأولى، ووقفت بجانبي بكل حب وإيمان، تدفعني دائما للاستمرار، حتى قبل أن أستوعب أنا نفسي أن لدي موهبة تستحق الالتفات، ولولا دعمها المبكر وثقتها يقينها بموهبتي ، لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، إنها الداعم  الأول لي، وسبب أساسي في كل ما حققته من خطوات ناجحة في مشواري

الشاعر الغنائي اسلام الجريني
الشاعر الغنائي اسلام الجريني

جابر جمال الدين: إسلام الجريني رفيق رحلتي.. أول من اكتشف موهبتي في التلحين 

حدثني عن بداياتك مع التلحين؟ وما أبرز التحديات والمواقف الصعبة التي واجهتك في هذا المشوار؟

بدأت مشواري الفني كمطرب، قبل أن أكتشف شغفي بكتابة الأغاني و أخوض تجربة الشعر الغنائي، وهي التجربة التي لاقت استحسان كل من حولي، و أكدت امتلاكي لموهبة حقيقية في هذا المجال، لكن نقطة التحول الحقيقية في مسيرتي جاءت منتصف عام 2018، حين اجتمعت بصديق العمر ورفيق مشواري، الشاعر إسلام الجريني، كنا نجلس معًا، فقرأ عليّ كلمات أغنية كتبها، وبشكل عفوي أخذت الورقة وبدأت أدندن لحنًا ارتجاليًا، لم أتخيل حينها أن يلفت الأمر انتباهه بهذا الشكل، لكنه نظر إليّ قائلاً: “إنت ملحن موهوب، واللحن ده خطير فعلًا.. لازم تبدأ تدخل مجال التلحين فورًا”.

كانت تلك الكلمات بمثابة الشرارة الأولى، دفعة قوية من الثقة والدعم، ومنها انطلقت رحلتنا الفنية المشتركة، شكلنا سويًا ورشة عمل إبداعية أنتجنا من خلالها العديد من الأفكار الجديدة، وكانت أولى ثمارها أغنية “صباحك حلو” من كلماته و ألحاني، و غنتها المطربة رنا سماحة.

ورغم انتهائنا من تسجيل الأغنية منذ عام 2018، إلا أنها لم تطرح بعد، ومن المنتظر أن ترى النور قريبًا، وهذا يعد تصريحًا حصريًا يُكشف لأول مرة عن هذه الأغنية لجريده أسرار المشاهير 

أما على مستوى التحديات، فربما كان أصعب ما واجهته هو كسر حاجز الانتقال من شاعر إلى ملحن، وإثبات نفسي في هذا الاتجاه الجديد الذي تطلب جرأة وثقة ومثابرة حقيقية

هاني محروس
هاني محروس

جابر جمال الدين: رأيت دموع هاني محروس عندما سمع لحن “أنا بطولي”.. كانت شهادة ميلاد لي كـ ملحن

ما هو أول لحن لك؟ وهل هناك موقف لا تنساه مرتبط بهذا اللحن؟

أول لحن لي تم طرحه رسميًا في السوق كان أغنية “أنا بطولي” بصوت المطرب سيف مجدي، والتي صدرت عبر المنصات الموسيقية في عام 2020، لم يكن هذا العمل مجرد بداية عادية، بل كان بمثابة نقطة تحول فارقة في مسيرتي، لأنه لم يمثل فقط أول ظهور رسمي لي كملحن، بل حمل موقفًا إنسانيًا لا يُنسى ظل محفورًا في ذاكرتي.

الفضل الأول في ظهوري كملحن يعود إلى الفنان الكبير والمنتج المبدع هاني محروس، الذي أكنّ له كل التقدير والامتنان، تعرفت عليه في نهاية عام 2019، ووقتها لم أكن معروفا داخل الوسط الفني، لكنني قررت أن أطرق بابه بثقة، وعندما استمع إلى بعض ألحاني، آمن بموهبتي، وفتح لي مكتبه وقلبه دون تردد.

اللحظة الأهم بالنسبة لي كانت حين سمع لحن “أنا بطولي” للمرة الأولى، لم يكن رد فعله عاديًا؛ فقد تأثر بشكل بالغ، و انهمرت دموعه، ثم أعاد تشغيل الأغنية أكثر من مرة و كأن شيئًا في اللحن مس وجدانه وذكريات خاصه عالقه في ذاكرته ذلك التأثر منحني دفعة معنوية لا تُقدّر بثمن، و شعورًا حقيقيًا بأنني أسير على الطريق الصحيح.

وبالفعل، بعد طرح الأغنية، لاقت استحسانًا واسعًا لدى الجمهور وداخل الوسط الموسيقي، وسجلت عددًا كبيرًا من المشاهدات، لتكون انطلاقتي الحقيقية وبداية قوية وواعدة في عالم التلحين.

جابر جمال الدين: حريص على أن أكون “جابر جمال” فقط لا نسخة مكررة من أحد ولا امتداد لغيري 

ما هو أول درس تعلمته بعد دخولك عالم الفن؟

أول وأهم درس تعلمته في هذه المهنة هو أن الصبر مفتاح النجاح الحقيقي، فالمجال الفني لا يمنح ثماره سريعًا، لكنه يُكافئ من يجتهد بصدق ويواجه التحديات بثبات، و تعلّمت ألا أسمح لليأس أو للطاقة السلبية بأن تتسلل إلى داخلي، وألا ألتفت للمحبطين أو أتأثر بآرائهم، مهما بدت الظروف معقدة أو الطريق محفوفًا بالعقبات، لذلك، وضعت لنفسي هدفًا واضحًا لا أحيد عنه: أن أعمل على تطوير ذاتي باستمرار، من خلال الاطلاع والمتابعة الدائمة لكل جديد في عالم الموسيقى، مع الحفاظ على هويتي الفنية الخاصة، وكان حرصي الأكبر هو أن أخلق بصمة تُشبهني، وهوية تُمثلني، لا أكون فيها تكرارًا لأحد، ولا امتدادًا لأي تجربة سابقة، أطمح لأن أكون دائمًا “جابر جمال”… لا أكثر، ولا أقل.

المطرب مدحت صالح
المطرب مدحت صالح

جابر جمال الدين: كل نجم تعاونت معه كان بمثابة حافز قوي في مشواري ساعدني على الإبداع والتطور من فني 

من هو الفنان الذي تعتبر التعاون معه هو الأهم في مسيرتك الفنيه؟

الحمد لله، كان لي شرف التعاون مع كوكبة من نجوم الغناء في مصر والوطن العربي، من بينهم الفنان مدحت صالح، رامي صبري، أصالة، لطيفة، حمادة هلال، مصطفى قمر، مسلم، نهال نبيل، وغيرهم من الأسماء اللامعة التي أكنّ لها جميعًا كل الاحترام والتقدير.

أؤمن أن لكل فنان من هؤلاء بصمة خاصة أضافت لي الكثير، ولكل منهم مكانة مميزة في قلبي، و كل عمل جمعني بأيٍ منهم كان بمثابة خطوة مهمة في رحلتي، و حافزًا جديدًا منحني طاقة للإبداع، وساهم في تطوّري الفني بشكل ملحوظ، و أجمل ما سمعته منهم، فهو أنهم يرونني كملحن أقدّم شيئًا مختلفًا ومميزًا، وهي شهادة أعتز بها كثيرًا، لأنها جاءت من نجوم يمتلكون تاريخًا فنّيًا كبيرًا، وتُعد بالنسبة لي تأكيدًا على أنني أسير في الاتجاه الصحيح.

 

 

جابر جمال الدين: تامر حسني يحب الحاني ورغم ذلك لم نعمل معا حتى الآن واتمني ان يحدث هذا قريباً.

من هو المطرب الذي تجمعك به علاقة طيبة وتواصل مستمر، ورغم ذلك لم يجمع بينكم تعاون فني حتى الآن؟

تربطني بالنجم تامر حسني علاقة يملؤها الود والاحترام المتبادل، وهو من الفنانين الذين أكنّ لهم تقديرًا خاصًا، سواء على المستوى الإنساني أو الفني، ورغم هذا التواصل الجميل والمستمر بيننا، لم يجمعنا حتى الآن أي تعاون فني، لكن ما يسعدني بحق أن تامر يتابع ألحاني ويعبّر دائمًا عن إعجابه بها، وقد أخبرني في أكثر من مناسبة أنه يرى فيّ إحساسًا مختلفًا وطابعًا خاصًا في التلحين، وبلا شك، أحلم أن يجمعنا عمل فني قريبًا.

الموزع ماهر صلاح و الشاعر اسلام الجريني مع اصاله وجابر جمال
الموزع ماهر صلاح و الشاعر اسلام الجريني مع اصاله وجابر جمال

جابر جمال الدين: اللحن الجيد ينادي صاحبه في الوقت المناسب وسيصل في النهاية إلى الصوت الذي يليق به.

إذا أخبرك مطرب بعد سماع لحن لك أنه لا يناسبه أو رآه ضعيف.. كيف تتعامل مع هذا الموقف؟

أؤمن تمامًا أن الفن أذواق، وما يعجب شخصًا قد لا يلفت انتباه آخر، وهذا أمر طبيعي جدًا، وإذا قال لي مطرب إن اللحن لا يناسبه أو لم يعجبه، لن أنزعج على الإطلاق، لأنني أدرك أن كل فنان يرى العمل من زاويته الخاصة، ويتعامل مع اللحن بناءً على إحساسه الشخصي وصوته وتوجهه الفني.

وفي المقابل، قد يرفض مطرب لحن لي ، لكنه ينال اعجاب نجما آخر ويعتبره من أهم الألحان التي قدمها في مشواره، لذلك لا أتأثر سلبيا بهذه المواقف.. بل أتعامل معها، بحيادية و بـ احترافيه، لأنني أؤمن أن اللحن الجيد ينادي صاحبه في الوقت المناسب، وسيصل إلى الصوت الذي يليق به، في النهاية مهما طال الوقت.

المطربه لطيفه مع جابر جمال
المطربه لطيفه مع جابر جمال

هل تختلف طريقتك في التلحين باختلاف شخصية الفنان؟

أنا لا أتعامل مع التلحين بوصفه قالب جاهز يقدم لأي صوت، بل أفضل أن تولد الموسيقى بحريه دون قيود وأبدأ من إحساسي الفني كـ جابر جمال، و أجتهد أن يكون كل عمل يكون تجربة متفردة ومختلفة عما سبقتها ، وبعد الانتهاء من صياغة اللحن، أبدأ في مرحلة التفكير في الصوت الأنسب لتقديم وقدرة المطرب على ترجمه إحساسي باللحن، و حريص أيضا على أن يكون اللحن بمثابة نقلة موسيقية جديدة، وإضافة في مشوار المطرب، و أكثر ما أسعدني ان عدد كبير من المطربين، الذين تعاونت معهم أظهروا شغفا حقيقيا لخوض تجارب جديدة ومغامرات موسيقية مختلفه وكان لديهم الجرأة الكافية للابتعاد عن مناطق النمطية والتكرار، الذي اعتاد المستمع أن يراه بها وهو ما خلق بيننا حالة إبداعية استثنائية.

من هو الفنان الذي خذلك خلال مسيرتك؟

لم يحدث أبدًا على العكس تمامًا، كل الفنانين الذين تعاملت معهم كان بيني وبينهم علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والحب الفني والإنساني والمطربين الذين لم يجمعني بهم عملا فنيا حتى الآن، جميعهم تجمعني بهم علاقة طيبة مليئة، بـ المودة والاحترام والتقدير.

من هو المطرب الذي شعرت أنه أخرج أفضل ما فيك كـ ملحن؟

كل مطرب تعاونت معه ساعدني في إظهار جانب مختلف من موهبتي، فأنا أؤمن أن لكل صوت طابعه الخاص، وكل صوت قد يُلهمني بفكرة فنيه جديدة، ولهذا أستطيع القول إن كل مطرب تعاونت معه، استطاع أن يستخرج مني أفضل ما أملك، بما يتناسب مع إحساسه وصوته وأسلوبه في الغناء.

الشاعر الغنائي اسلام الجريني مع جابر جمال
الشاعر الغنائي اسلام الجريني مع جابر جمال

 

جابر جمال الدين: إسلام الجريني ومحمود سليم من الشعراء القادرين على اظهار افضل ما عندي

من هو الشاعر الغنائي الذي استطاع أن يستفز طاقتك الإبداعية ويخرج أجمل ما فيك كـ ملحن؟ 

في البداية، نمتلك ساحة فنيه ثريه تمتلك عدد ضخم من الشعراء الغنائيين المصريين الموهوبين، وأتمنى من قلبي أن تتاح لي الفرصة للتعاون معهم جميعا لأن كل شاعر منهم يمتلك بصمة خاصة وأسلوبًا مميزًا يُثري الأغنية ويمنحها طابعًا فريدًا.

و مصر حاليا مليئة بالشعراء الذين أثبتوا أنفسهم بقوة في المشهد الفني، ومن الصعب حصر الأسماء حتى لا أنسي أحدًا دون قصد، لكنني سأتحدث عن الشعراء الذين تشرفت بالتعاون معهم بالفعل، وكان لهم تأثير كبير في رحلتي الفنية.

اولهم الشاعر الغنائي إسلام الجريني، ليس فقط لأنه صديق وأخ ورفيق مشواري منذ أكثر من 15 عامًا، بل لأنه شاعر يمتلك أسلوبًا خاصًا، جريئًا و متجددًا في أفكاره، وله بصمة واضحة ومستقلة في كل ما يقدمه. تجمعني به كيمياء فنية مميزة، وقدمنا معًا العديد من الأعمال الناجحة التي أعتز بها كثيرًا.

كذلك الشاعر محمود سليم، من الأسماء التي أعتبرها محورية في بداياتي، فقد كتب أول أغنية لحنتها في مسيرتي “أنا بطولي”، والتي كانت انطلاقتي الحقيقية كمُلحن، وحققنا من خلالها صدى واسعًا. كما قدمنا سويًا أغنية “شاي زرده” للفنانة نهال نبيل، والتي مثلت تجربة جريئة وجديدة عليها، إلى جانب أغنية “الناس الزعلانة” للنجم مدحت صالح، و”عندي سر ليك” للفنان فريد، وهي تجربة مختلفة تمامًا من حيث الشكل والمضمون.

حاليًا، نعمل سويًا على مشروع غنائي جديد مع النجم الكبير مصطفى قمر، من كلمات محمود سليم ومن ألحاني، ومن المقرر طرحه قريبًا بإذن الله.

وهناك أيضًا اسم جديد أؤمن بموهبته وأتوسم فيه خيرًا، وهو الشاعر الصاعد سمير طارق، الذي أرى فيه مستقبلًا واعدًا، ونعمل حاليًا على الانتهاء من أغنية جديدة من كلماته وألحاني، أتوقع أن تكون خطوة قوية له على طريق النجاح.

الشاعر الغنائي سمير طارق مع جابر جمال
الشاعر الغنائي سمير طارق مع جابر جمال
المطربه نهال نبيل
المطربه نهال نبيل

 

هل تعتمد في اختيارك للمطرب على شهرته ومكانته الفنية أم على موهبته الحقيقية حتى لو كان مطرب صاعد في بداية مشواره؟

الموهبة الحقيقية هي ما تجذبني أولا وأخيرا، بغض النظر عن شهرة المطرب، ومكانته، لأن النجاح لا يصنعه الاسم، بل الموهبه والإحساس والقبول والاختيار المبني على إدراك ووعي وثقافة المطرب .. المعادله هنا مختلفه أنا يمكن أن أحقق مع صوت صاعد بسبب موهبته القوية، و ذكائه وقبوله لدى الجمهور، ما لم استطع أن تحقيقه مع نجم كبير لو اختيارته خطأ، بجانب أهمية التفاهم والراحه النفسيه في العمل.

الشاعر محمود سليم مع جابر جمال
الشاعر محمود سليم مع جابر جمال

جابر جمال الدين: اغنية “سابوك في البيت”، من أعمالي القريبه من قلبي جدا لأنها تمثلني بصدق

ما هو اللحن الذي استغرق منك وقت طويل في التلحين؟ 

أطول لحن استغرق مني وقت وجهد هو لحن أغنية “سابوك في البيت” للمطرب مسلم، كلمات الشاعر محمود سليم ، هذه الأغنية تحديدا كانت حالة خاصة لمستني و عشتها بالكامل، لدرجة أنني كنت أُطفئ كل أنوار الاستوديو، لاعيش مع حاله الاغنيه ومعاني مع الكلمات واللحن، عشتها لدرجه أنني كنت أبكي وأنا أعمل، لأنها لمست بداخلي كثير من المشاعر الإنسانية الصادقة والمؤلمة في آن واحد، ولهذا استغرقت وقتا أطول من المعتاد، وأنا اعتبر هذه الأغنية من اقرب أعمالي إلي قلبي لأنها من الألحان التي تمثلني بصدق.

 

هل هناك لحن وليد لحظته الأولى فور سماعك للكلمات؟

بلا شك، كانت هناك أكثر من تجربه وُلدت لحظيًا دون سابق إعداد، ومنها أغنية “هوينا هوينا” للفنانة لطيفة، من كلمات إسلام الجريني، الذي أرسل لي الكلمات عبر ‘واتساب’. وما إن قرأتها حتى التقطت الهاتف وسجلت لحنها فورا برسالة صوتية، و كأن اللحن كان بداخلي منذ زمن، ينتظر فقط كلماته.

المطرب والملحن رامي صبري
المطرب والملحن رامي صبري

الأمر ذاته تكرر مع النجم رامي صبري، حين لحّنت له إحدى أغنياته، خرج اللحن من المرة الأولى فور قراءتي للكلمات، دون تعديل أو مراجعة.

أما الأغنية التي أعتبرها من أسرع ما لحّنت على الإطلاق فهي “العنب الساقع” للنجمة أصالة، كنا نجلس سويًا أنا والشاعر إسلام الجريني، وما إن سمعت الكلمات حتى لحّنتها في دقائق معدودة، أعتبر تلك اللحظات بمثابة نفحات إلهية، و رزق يخص الله بها من يشاء من عباده.

أحببت أن أكتب تعليق خاص و وجهه نظري الشخصية عن هذه الاجابه تحديدا بعين ناقده فنيه أن ما يرويه الملحن جابر جمال لا يُعد مجرد سرد لمواقف عابرة، بل هو انعكاس حي لقيمة “اللحظة الإبداعية” في عالم التلحين والموسيقى، تلك اللحظة التي تتجاوز التخطيط، وتكشف عن تفرّد الفنان صاحب الموهبه الحقيقية.

أري أن خروج اللحن بهذه العفوية والسرعة لا يدل على التسرع، بل على تراكم داخلي من الإحساس والخبرة والموهبة الفطرية، التي تجعل جابر جمال قادرا على تحويل الكلمات إلى لحن رائع وهذا يثبت أن الفن لا يقاس بالزمن الذي استغرقه، بل بالإحساس الذي وُلِد منه، و بالأثر الذي يتركه، وأن ألحانه ربما تكون وليدة دقائق، لكنها تعيش طويلاً في ذاكرة الجمهور.

هل ترى نفسك و أبناء جيلك من الملحنين والشعراء الغنائيين والموزعين أحدثوا تطور ملموس في شكل الموسيقى خلال السنوات الأخيرة؟

لا شك أن الموسيقى شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في أنماطها وتنوع أذواق جمهورها، وهو أمر طبيعي يتماشى مع تغير الزمن، فكل مرحلة زمنية تحمل بصمتها الخاصة وتعكس الواقع الثقافي والاجتماعي الذي نعيشه، ومن البديهي أن تظهر ألوان موسيقية جديدة ومتجددة تواكب هذا التغير وتلبي تطلعات المستمع الآن.

المطربه رنا سماحه مع جابر جمال
المطربه رنا سماحه مع جابر جمال

كيف تحافظ كـ ملحن على مواكبة هذا التطور دون أن تفقد هويتك الفنية؟

أؤمن بأن الاستمرارية الحقيقية لا تتحقق إلا بالتطور المستمر، لذلك أحرص دوما على متابعة كل جديد، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، أستمع باهتمام إلى معظم الإصدارات الحديثة، و أجتهد في تطوير أدواتي و مهاراتي دون أن أفقد هويتي الفنية الخاصة، أسعى إلى تقديم موسيقى تعبر عني، تواكب روح العصر، وتحمل في الوقت ذاته بصمة متفردة لا تشبه أحدًا، نحن نعيش في زمن يتسارع فيه الإيقاع بشكل مذهل، ومن لا يواكب هذا التطور، سيفقد مكانه سريعًا، و صلاحية حضوره قد تنتهي قبل الأوان

هل تصنع ألحانك بناءً على متطلبات السوق حتى وإن كانت بعيدة عن قناعاتك الفنية؟

أنا لا أقدم عملاً لست مقتنع به، في الوقت نفسه، أحرص على مواكبة متطلبات السوق وتنوع الأذواق بين الأجيال المختلفة، لكن دون أن أتخلى عن رؤيتي الخاصة، أعمل دائمًا على تقديم ألحان تواكب العصر و ترضى الذوق العام، لكن بروح تحمل بصمتي الفنية، بهدف الوصول إلى قلوب الجيل الجديد، مع الحفاظ على احترام ومحبة من نشأ و تربى على الموسيقى الأصيلة

جابر جمال الدين: لا اعتبر الترند مقياس.. الخلود الفني هو المقياس الوحيد الحقيقي للنجاح

هل تعتبره “الترند” مؤشرًا فعليًا على نجاح الأغنية أم مجرد ظاهرة مؤقتة؟

بالنسبة لي، لا يُعدّ الترند مقياسا حقيقيا لنجاح أي عمل فني، فهو في جوهره ظاهرة مؤقتة، قد تصنع عبر وسائل متعددة على منصات التواصل الاجتماعي، لكنها لا تعكس بالضرورة جودة العمل أو قيمته الفنية.

النجاح الحقيقي، في رأيي، يكمن في الاستمرارية، في أن يظل العمل حاضرا في وجدان الجمهور رغم مرور السنوات، فكم من أغنية لم تدخل قوائم الترند، لكنها باتت اليوم من كلاسيكيات الموسيقى العربية، وفي المقابل، هناك أعمال حققت أرقاما خيالية عند صدورها ثم اختفت تمامًا من الذاكرة.

لقد أصبحت أرقام المشاهدات جزءًا من لعبة افتراضية تديرها أدوات دعائية وتقنيات ترويجية دقيقة، لكنها تظل عاجزة عن منح أي لحن أو أغنية صفة الخلود، لأن البقاء الحقيقي لا تصنعه الأرقام، بل تصنعه القيمة الفنية.

جابر جمال الدين: لا انافس أحد سوي نفسي

هل هناك ملحن من أبناء جيلك تشعر تجاهه بالغيرة الصحية أحيانا؟

في الحقيقة، لا أشعر بالغيرة من أي ملحن، حتى كانت غيرة الصحية، و أكن للجميع كامل الاحترام والتقدير، وأقدر مجهود وتجربة كل زميل لي في هذا المجال، ولكن بالنسبة لي، المنافس الحقيقي الوحيد الذي اراه منافسا لي هو جابر جمال نفسه.

أنا في سباق دائم مع ذاتي، و أسعى باستمرار إلى أن يكون كل عمل جديد أقدمه أكثر نضجا و تميزا مما سبقه، و أرفض تمامًا فكرة التكرار، لأن الوصول إلى النجاح قد يكون ممكن، لكن التحدي الحقيقي يكمن في الاستمرارية و على الحفاظ عليه.

جابر جمال الدين: الاختلاف لا يفسد للود قضية لكن كرامتي خط أحمر

إذا حدث خلاف بينك وبين أحد من المطربين أو الشعراء الغنائيين ثم وجدت نفسك مضطرا للتعاون معه فنيا… هل ترفض أم تتعامل بـ احترافية وتقبل العمل معه؟ 

مبدئيا أؤمن أن الخلاف في حد ذاته لا يفسد للود قضية، طالما ظل في نطاق الاحترام المتبادل ولم يتجاوز حدود الكرامة أو يلحق بي أذى نفسي، في مثل هذه الحالات، يمكنني تجاوز الخلاف والتعاون مجددا إذا كان المشروع الفني يستحق ذلك، لأن الاحترافية تقتضي وضع المصلحة الفنية فوق الاعتبارات الشخصية.

أما إذا خرج الخلاف عن إطار الاحترام وتحول إلى إساءة مباشرة أو مساس بكرامتي، فحينها لا يمكنني، وتحت أي ظرف، أن أواصل التعاون، بالنسبة لي، الكرامة خط أحمر لا يمكن التهاون فيه

جابر جمال الدين: النجاح بالنسبة لي ليس محطة نهاية بل هي بداية تبني مع كل عمل جديد

اين ترى مكانتك الفنية في الوقت الحالي؟

الحمد لله، أشعر برضا كبير عن كل ما حققته حتى الآن، و أعتز بكل خطوة قطعتها وكل هدف وصلت إليه، وأدرك جيدًا أن ما أنا فيه هو فضل من الله أولًا، ثم بدعوات أمي الغالية، التي كانت دائمًا سندي الروحي في مشواري.

واليوم أرى مكاني وسط أهم الأسماء في عالم التلحين على الساحة الفنية المصرية، و أسعى بكل جهد وإصرار لأكون دائمًا في المقدمة، النجاح بالنسبة لي ليس محطة نهاية بل هي بداية تبني مع كل عمل جديد.

ما الذي يسعد جابر جمال أكثر من نجاح لحن له؟

أن ارى امي بخير و باحسن حال وان تكون راضيه عني دائما لان كل نجاح احققه بيكون سببه بعد توفيق الله سبحانه وتعالى هو رضا أمي، وايضا عندما اصنع لحنًا جميل وينال حب واعجاب الجمهور.

متى شعرت بالإحباط واليأس؟ وكيف تغلبت على هذا الشعور؟

شعرت بالإحباط في بداياتي، حين دخلت المجال الفني، وكنت لا املك الخبرة الكافية لفهم متطلبات السوق وفن التعاملات ، واجهت أبوابًا كثيره اغلقت في وجهي ورفضا متكرر، وكان هناك من لم يمنحني حتى فرصة الاستماع إلى ما أقدمه، كل هذه التجارب تركت أثرا نفسيا سيئا بداخلي ومرت عليّ ليالي كثيرة بكيت فيها من شعور قاسي مليء بالإحباط واليأس و الخذلان والقهر، لكنني قررت ألا أستسلم، حولت تلك الطاقة السلبية إلى قوة دافعة وإصرار داخلي، وقلت لنفسي: “سأثبت لهم جميعًا أنني أستحق” آمنت بموهبتي، ووضعت حلمي أمام عيني، وبدأت أعمل بجد على تطوير نفسي وإثبات أنني موهبة ولدي شيئا حقيقي اؤمن به، ومن هذا أن الإيمان بالنفس هو أول الطريق، وأن من يملك حلما حقيقيا يجب ألا يسمح لأحد أن يحطمه بل يجعل من كل لحظه يأس نقطة لبداية جديدة أقوي.

ما الذي تخطط له في المرحلة المقبلة؟

الفترة القادمة أركز على نظرية “الكيف لا الكم”، بمعنى أن يكون كل لحن أقدمه أقوى وأفضل من الذي سبقه، يحمل بصمة أصيله، لأنني أرفض أن أقدم عددًا كبيرًا من الأعمال بلا تأثير، وبجانب هذا حريص على الدراسة المستمرة لتطوير أدواتي، اسلوبي و رؤيتي الموسيقيه، واضع نصب عيني هدفا واحدا وهو أن أكون ضمن أهم ملحني الوطن العربي، أنا أخذ بكل أسباب النجاح واترك في النهاية النجاح والتوفيق لله عز وجل.

احلم أن اصنع مكتبة موسيقية ضخمة تبقي في تاريخ الموسيقى العربية ويفتخر بها كل من أحبني، من عائلتي و أصدقائي و جمهوري.

ما هو حلمك الذي تحقق؟ وما هو الحلم الذي لا تزال تسعى إليه؟

من الأحلام التي تحققت في مشواري الفني، كان التعاون مع كبار نجوم الغناء في الوطن العربي، وتحقيق نجاحات حقيقية معهم، أما الحلم الذي لا يزال يسكن قلبي و أسعى إليه بكل إصرار، فهو بناء مكتبة موسيقية ضخمة تُخلَّد في تاريخ الموسيقى العربية، وتُصبح مصدر فخر لكل من آمن بي ووقف إلى جانبي منذ البداية، من عائلتي وأصدقائي وجمهوري الذي أستمد منه طاقتي والدافع الاقوي لي لاستمر في طريقي.

أحيانًا يكون الجرح هو الدافع الأول للنجاح

قبل أن نختتم حوارنا هذا… ما هو أكثر سؤال لفت انتباهك أو لامس مشاعرك كـ ملحن؟ وهل كان هناك سؤال شعرت أنه استفزّ بداخلك شيئًا مختلفًا؟

من أكثر الأسئلة التي لامست مشاعري بصدق، كان: “متى شعرت بالإحباط؟”… لأنه أعادني إلى بداية الطريق، إلى تلك اللحظات الموجعة التي واجهت فيها الرفض والتجاهل، و أُغلقت في وجهي العديد من الأبواب دون سبب واضح.. ذكّرني هذا السؤال بتفاصيل لم تُمحَ من ذاكرتي، وكيف كان الصبر والإصرار هما السلاح الحقيقي الذي تمسّكت به وسط كل الإحباطات، حتى تمكنت، خطوة بخطوة، من إثبات نفسي والوصول إلى ما أنا عليه اليوم.

وهناك  سؤال اخر: “هل هناك ملحن تشعر بالغيرة منه؟” فقد حرّك بداخلي شعورًا مختلفًا تمامًا… شعور التحدي مع الذات. فأنا لا أرى أحدًا منافسًا لي سوى جابر جمال نفسه، وذلك ليس معناه تقليل من احد ولكن اعني انني أؤمن أن النجاح الحقيقي لا يكمن في التفوق على الآخرين فقط، بل في أن تتفوق على نفسك في كل مرة، ولهذا أضع أمامي هدفًا ثابتًا وهو أن يكون كل عمل جديد أقدمه أقوى وأعمق مما سبقه، وأن أظل في سباق دائم مع ذاتي لا ينتهي.

وأخيرا… هل هناك سؤال كنت تتمنى أن أطرحه عليك ولم تجده ضمن الحوار؟ وما هو هذا السؤال؟ وما إجابتك عليه؟

بكل صراحة، لم أشعر في هذا الحوار بوجود أي جانب ناقص، بل على العكس تمامًا، فقد كان حوارًا متكاملًا، ثريًا، تناول الجوانب الفنية والشخصية والنفسية بعمق واحترافية عالية.. لقد طرحتِ عليّ أسئلة لم أكن أتوقعها، لكنها نجحت في استحضار مشاعر وتفاصيل بداخلي أعبّر عنها لأول مرة، وهذه هي قوة المحاور الحقيقي: أن يصل إلى مناطق داخل ضيفه لم يسبق لأحد أن لامسها.

أقولها بكل صدق، أنتِ محاورة بارعة، و حوارك هذا من أمتع اللقاءات التي خضتها في مشواري، إدارتك للسؤال والحديث بسلاسة وذكاء تؤكد أنك واحدة من أهم الصحافيين في الوطن العربي.. أشكرك من قلبي على هذا اللقاء المميز، وأتمنى أن يتجدد اللقاء بيننا مع كل محطة نجاح جديدة في طريقي، بإذن الله. 

اشكرك علي رأيك اسعدتني به جدآ..وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نشكر الفنان جابر جمال علي هذا الحوار الأكثر من رائع على وعد بحوار آخر مع نجم جديد ونجاحات جديدة مع ريهام طارق 

الصحافية ريهام طارق
الصحافية ريهام طارق

ريهام طارق صحافية مصرية متخصصة في الشؤون الفنية والثقافية، تمتلك خبرة واسعة في إجراء الحوارات الصحفية مع كبار نجوم الفن في الوطن العربي، تعمل مدير قسم الفن في جريده اسرار المشاهير.

بدأت حياتها المهنية في عدد من الصحف والمجلات الرائدة، من بينها جريدة “إبداع” بالمملكة العربية السعودية، وجريدة “الثائر” في لبنان، وجريدة “النهار” في المغرب، ومجلة “النهار” في العراق، كما شاركت بكتابات تحليلية في مجال السياسة الدولية، ما يعكس تنوع اهتمامها المهني وقدرتها على الجمع بين الرؤية الثقافية والتحليل السياسي في آن واحد، كما عملت عضو اللجنه الاعلاميه في المهرجان القومي للمسرح المصري.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.