جرعة أنوثة | ” أنثى من المباحث الفيدرالية “
بقلم| بسنت يوسف
(( نعم أغار وفي أمرك أنا أحتار، نعم أغار ولو كان سبب غيرتى حكاية صغار، كأني طفلة تخاف أن تضيع من يدها لعبة صغيرة )).
مع إن الغيرة والحب وجهان لعملة واحدة إلا أنها تعتبر عادة غير محببة للرجال حيث يعتبرها البعض مقيدة لحريتهم وهى عند النساء علامة من علامات الحب.
الغيرة هي أحد الأساليب للتعبير عن الحب وعن مشاعرنا تجاه من نحب، فنغار عليهم حتى من نسمة الهواء التي تلامسهم، نحب وجودهم بجانبنا ونرفض أن يشاركنا أحد حبهم، فكل ما نفعلة بدافع الغيرة يكون من أجلهم ومن أجل بقائهم بقربنا، ولكن فى بعض الأحيان يساء استخدامها بطريقة جارحة فتكون نتيجتها الابتعاد أو الفراق، لذلك يجب ان تكون باعتدال بدون مبالغة.
تعتبر الغيرة مزيج من مشاعر الخوف من الفقدان والغضب مغلفة بالحب العفيف، تحدث نتيجة الشعور بتهديد حقيقي أو وهمي من دخول طرف ثالث للعلاقة وهى وسواس يصيب جميع العلاقات: العلاقات الرومانسية، العلاقة التى تربط بين الأصدقاء، العلاقة الأسرية كعلاقة الإخوة ببعضهم وتنافسهم على الحصول على اهتمام أحد الوالدين، الغيرة فى مكان العمل.
على الرغم من كون الغيرة تجربة عاطفية مؤلمة إلا أنها مهمة وضرورية ويجب عدم قمعها من خلال ممارستها بطريقة معتدلة، الغيرة الرومانسية هي إحدى أكثر أنواع الغيرة حدوثا بين الأفراد وتعتبر السبب الأول لنشوب الخلافات والمشاكل بين الاحباب والأزواج وذلك نتيجة للروابط العاطفية القوية التى تخاف أصحابها من تحطم قلوبهم.
اثبتت بعض الدراسات أن مشاعر الخوف وعدم الامان والاستقرار العاطفى تزول بمجرد دخول الشخص في علاقة آمنة ووقوعه فى الحب لذلك عند شعورة بوجود اى تهديد للعلاقة حتى ولو كان هذا التهديد ناجما عن رؤية شخص ثالث أكثر جاذبية تعود لدية مشاعر الشعور بعدم الأمان على شكل ثورة من الغيرة.
كثيرا ما يتم الخلط من الرجال والنساء بين مفهوم الغيرة والشك، الحق يقال ان هناك شعرة رفيعة بين الشك والغيرة ولكن يمكننا التفريق بينهم بقليل من المنطق والعقل.
الغيرة تتخذ اتجاهين مختلفين وهما:
_ الاتجاه الإيجابي: حيث تكون الغيرة احساسا يربط بين شخصين ينتج عنه خوف أحداهما من فقدان الطرف الآخر بسبب محبته له وعدم مقدرته على العيش بدونة مما يدفعه إلى اتخاذ كافة الطرق والاساليب الجاذبة وإبعاده عن أى مؤثرات خارجية قد تؤدي إلى خسارته.
_ الاتجاه السلبي: هو عندما يسيطر تفكير النقص على تفكير الشخص مما يدفعه للحقد والكراهية وعدم رغبته بالتعامل مع الآخرين يدفعه للانطواء أو التعامل بشكل عدائى.
_ أما الشك هو عبارة عن إحساس سيء يدفع الإنسان إلى سلوكيات تسىء لة وللآخرين حيث انه يفقد الثقة بنفسه وبهم وخصوصا عندما لا يكون هناك سبب واضح ودليل منطقى للشك ولا يجب للإنسان أن يترك نفسه لأحاسيسة لأنها غالبا ما تخطئ، الشك يجعل الانسان يفسر تصرفات الاخرين بشكل خاطىء وأحيانا يتوهم ويفترض ما ليس له أساس من الصحة.
يقول أحد الرجال المتزوجين: أعانى من شك زوجتى الدائم والبحث فى هاتفي وحاسوبي الشخصى وتفحص ملابسى وملاحقتي عبر الهاتف اذا خرجت من أصدقائى كأنها مخبر سرى، أضحكني كثيرا وصف هذا الرجل وأوضح لى لما يسمون الازواج زوجاتهم المصريات الاصيلات بالحكومة والجماعة وأحيانا ام العيال.
قالت الطرف الآخر وهى إحدى المتزوجات حديثا: زوجى يمنعنى من العمل و الخروج بمفردي حتى لشراء أغراض المنزل ويذهب مع فى كل مكان بحجة انة لا يريد أن أختلط برجال آخرين ويبرر غيرته بأنها بدافع الحب لكني أخبرته أنة يحرمنى حقى فى الحياة والعمل وأنها ليست غيرة انما شك سيدمر علاقتنا.
دائما ما أرفض المبالغة فى كل شىء حتى المشاعر، حيث ان الغيرة الشديدة والغير منطقية قد تسبب الشك بين الطرفين وهذا يعد أمرا خطيرا على العلاقة حيث أن الشك سيولد المشاكل وتسوء العلاقة بينهم بشكل كبير خصوصا عندما لا يكون للشك اى سبب واقعى ويكون معتمدا على الإحساس و الظنون و الافتراضات الوهمية بدون دليل قوى متناسيا التفكير المنطقي والعقلي.
الغيرة ليس شىء بغيض فهى اساس الحب، فهناك غيرة عاطفية مستحبة وتكون لها آثار إيجابية على العلاقة تزيد الحب والمحبة، من خلال سعى كل من الطرفين ورغبته في الاحتفاظ بالآخر وإظهار انه يحبه اكثر من اى احد، والدليل على ذلك أن الغيرة شعور لم ينه عنه ووجدناه في حب سيدتنا عائشة (رضي الله عنها) التي كانت تغار على نبى الله (ص) وكان يمازحها قائلا: (غارت أمكم، غارت أمكم) فلم يظهر عصبيتة منها رغم المواقف التى كانت تحدث من غيرتها، لحقت به ليلا لترى ان كان قد خرج لأحد زوجاته فوجدته ذاهبا إلى البقيع ليدعو الله وعند عودته همت بالهرولة للمنزل، فرأى أنها لحقت به فلم يعنفها بل قال لها: أتغارين ..وأنت تعلمين أنك أحب الناس لي، هذا هو القدوة الحسنة التي يجب أن نتعلم منها فى ديننا ودنيانا.
أما الغيرة المذمومة هى التى تشكل عبئا على حياتك العاطفية أو الزوجية، وهى الغيرة التي تولد الشك وعدم الثقة وتجعل منك أنثى من المباحث الفيدرالية، حتى أن الشك عادة مكروهة لقول الله تعالى (إن بعض الظن أثم).
تخلصى من الغيرة والشك المبالغ فيها من خلال تحديد السبب ومصدر الغيرة بالاجابة على هذه التساؤلات بصدق ووضع إجابات عقلانية أكثر منها منطقية …….
_ هل غيرتك بسبب الحب؟
_ ام ان سببها الخوف من فقدان الحبيب؟! ام انها حب تملك ورفضك مشاركة الغير لهذا الحق؟
_ أم بسبب عدم الثقة فى النفس؟ أم أنها بسبب تصرفات شريك حياتك؟؟؟؟
فإذا عرفت السبب بطل العجب، فبعد التعرف على الأسباب تستطيعين إيجاد الحلول المناسبة .
انصحك بان لا تقارني نفسك بالاخرين سواء فى الامكانيات الجمالية او الامور الحياتية، ولا تنزعج بما يملكونه من قدرات وصفات فهذه وهبها الله لهم وهو القادر على أن يهبك أكثر وأفضل، فاذا كنتى على قدر بسيط من الجمال،فانظر إلى الأشياء الأكثر تميزا لديك واعملي عليها وتطويرها بروح إبداعية خلاقة ليرسم جمال روحك ملامحك الخارجية بشىء من البهجة والتفاؤل، فالله خلق فى كل منا شئ يميزه عن غيره قد يكون سبب حب الطرف الآخر له.