حسين رياض .. ” أبو السينما المصرية ” صاحب الألف وجه .. أصيب بالشلل من إجادة التمثيل
د. أحمد عبد الصبور
بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة الفنان ” حسين رياض “
الفنان الكبير ” حسين رياض ” ، أبن برج الجدي مواليد الشتاء ، القادم من السيدة زينب بخليط يجمع ما بين الوالد ابن المنطقة الشعبية المصرية الأصيلة ، والأم السورية التي جاءت من بلاد الشام ، كيف نجح ” حسين رياض ” في حصد كل هذة المحبة في قلوب المصريين طوال عقود طويلة وأجيال مختلفة ؟ ، كيف أصبحت صورة الوالد الطيب والأب الحنون مرتبطة في الذاكرة الجمعية للمصريين بصورة ” حسين رياض ” ؟
” حسين محمود شفيق ” ، الذي نعرفه بأسم ” حسين رياض ” ، صاحب رصيد فني حافل ، تتجاوز أدواره السينمائية حاجز الـ 200 فيلم ، بالإضافة إلى ما يزيد على 250 مسرحية ، لقبوه بـ أبو السينما المصرية ، للإجادة التي قدمها في أدوار الأب ، والتي أتعبت كل من جاء بعده في محاولة اللحاق به .
ولد ” حسين رياض ” في حي السيدة زينب في 13 يناير عام 1900 م ، مغامرتة الفنية كانت بدايتها من المسرح ، حيث صنع هناك نجوميته التي فتحت الطريق له على مصراعيه لدخول الفن السابع بعد ذلك من الباب الملكي ، ومن أشهر مسرحيات ” حسين رياض ” ( عاصفة على بيت عطيل – تاجر البندقية – لويس الحادي عشر – أنطونيو وكليوباترا – مدرسة الفضائح – القضاء والقدر – الناصر – العباسة – شهر زاد – العشرة الطيبة ) .
حكاية ” حسين رياض ” مع المسرح … كان الفنان الكبير ” يوسف وهبي ” لاعباً رئيسياً فيها ، فعندما أفتتح ” يوسف وهبي ” مسرح ( رمسيس ) في أوائل عام 1923 م ، أنضم ” حسين رياض ” لفرقة رمسيس ، حيث صنع بمصاحبة ” يوسف وهبي ” مجداً مسرحياً كبيراً ، كان ” يوسف وهبي ” يؤمن إيماناً مطلقاً بقدرات ” حسين رياض ” الفنية الخارقة ، وقال عن ” حسين رياض ” : ” في المستطاع أن تسند إلى ” حسين رياض ” أي دور وأنت مغمض العينين ” ، وقد عمل “رياض ” في فرقة ( فاطمة رشدي ) لعدة سنوات ، كما أنضم مع عدة فرق مسرحية كبيرة منها : فرقة الريحاني ، ومنيرة المهدية ، وعلي الكسار ، وعكاشة ، وإتحاد الممثلين .
قدم ” حسين رياض ” ما يتجاوز 150 مسلسلاً إذاعياً مستغلاً قدراته الصوتية الكبيرة التي رسخت لحقيقة موهبته كفنان شامل ، وهو ما جعل الزعيم الراحل ” جمال عبد الناصر ” يتوجه بوسام الفنون عام 1962م ، كما أحتفلت جمعية كتاب ونقاد السينما بمئويته بمشاركة الفنان ” حسن يوسف ” و ” عمر الحريري ” و ” نور الشريف ” و ” نادية لطفي ” و ” ماجدة ” .
موهبة ” حسين رياض ” كانت واضحة منذ نعومة أظافره وهو ما جعله يشتهر بلقب ” صاحب الألف وجه ” ، والده تاجر الجلود وأمه السورية إلتفتا إليها مبكراً ، ولذلك بدأت تجربته مع التمثيل خلال دراسته الثانوية ، وأنضم مع شقيقه الفنان ” فؤاد شفيق ” لفرقة عبد الرحمن رشدي في شبابهما ، وعندما دخل ” حسين رياض ” الكلية الحربية أضطر إلى مغادرتها بعد ذلك ليحترف الفن ، عندما شارك أصدقاءه ” يوسف وهبي ” و ” أحمد علام ” و ” عباس فارس ” و ” حسن فايق ” في العمل على فرقة ” هواة التمثيل المسرحي ” كانت مسرحيتهم الأولى ” فقراء قريش ” دافعاً للفنان المسرحي الكبير ” عزيز عيد ” أن يقدم النصيحة لـ ” حسين رياض ” أن يهب حياته للفن ، وهذا هو ما جعله يقرر ترك الكلية الحربية .
الإجادة الفنية والإخلاص في العمل التي صاحبت ” رياض ” طوال حياته ، كانت مصدراً للمتاعب الصحية التي تعرض لها ، تحكي أبنته ” فاطمة ” خلال إحدى اللقاءات التليفزيونية مع الإعلامية ” لميس الحديدي ” ، أن والدها أصيب بالشلل بسبب دوره في فيلم ” الأسطى حسن ” عام 1952 م ، وذكرت أنه أصيب بالشلل في الجزء الأيمن من جسده في ذراعه وساقه كما كان دوره في الفيلم ، عندما كان يقدّم شخصية لرجل أصبح عاجزاً ، ويجلس على كرسي متحرك ، وبسبب تقمّصه الشديد للدور أصبحت حالته تُشبه حالة الشخصية التي يقدّمها ، إلا أن زوجته قامت بالتدخل السريع وقتها حتى لا تتفاقم الأزمة الصحية أكثر من ذلك .
كان ” حسين رياض ” عاشقاً للثقافة والفن ، وكان يعقد في منزله صالوناً ثقافياً أدبياً شعرياً بشكل دائم ، كان الصالون يشهد حضور الشاعر ” إبراهيم ناجي ” و ” إمام الصفتاوي ” والموسيقار ” عبده صالح ” والفنانة ” زوزو حمدي الحكيم ” والفنانة ” زينب صدقي ” وغيرهم … من نجوم الثقافة والفن والأدب .
توفي ” حسين رياض ” في مثل هذا اليوم من عام 1965م ، قبل أن يكمل فيلمه الأخير ( ليلة الزفاف ) ، وجاء رحيله أثناء العمل بعد أن أصيب بأزمة قلبية .