حقيقة الحصول على الأدلة في قضية إذلال الأم وعقوق الأب
حقيقة الحصول على الأدلة في قضية إذلال الأم وعقوق الأب
د/أحمد مقلد
تعودت في جميع مقالاتي الماضية أن أسهب في العرض لموضوعات متنوعة وبرؤية ربما تكون مختلفة وبلغة ربما ليست دارجة في تناولها، ولرغبتي في التنوع كان هناك فكرة قد جذبتني وأردت أن أشارك في بلورتها وطرحها عليكم عسى أن تلقى لديكم القبول فهي فكرة غير مسبوقة لواقع نعيشه.
حقيقة الحصول على الأدلة
نحن جميعاً نسير في خط زمني واحد تتبادل فيه خطوط الظلام والنور والصباح والمساء ولكن يبقى أبطال العمل على ساحة مسرح الحياة وكل شخص يقوم بدوره لحين خروجه من على خشبة المسرح ليحمل على النعش ويرسل في رحلته للعالم الآخر، ولكون نمط حياتنا متغير وطبيعة أفعالنا مصبوغة بصفة الفردية ولكن من يشاهدها يراها وفق نظرته الشخصية ووفق ما لديه من خبرات ومعارف متراكمة.
حقيقة الحصول على الأدلة وتصور إيجابي للقضية
دعونا نستطلع بعض المشاهد التي تم اقتناصها لتكون عمود الخيمة في الوصف والتعبير عنها، وفي بداية هذه المشاهد نرى صورة إيجابية لأم تحمل طفلة على ظهرها أثناء عملها على عربة لبيع مشروب شعبي للعامة، وذلك سعياً لطلب الرزق وهي صورة ربما حين تراها لا تجد فيها شيء يسترعي الإنتباه لكني أردت أن أعبر عنها ببعض الكلمات.
حقيقة الحصول على الأدلة والصورة من وجهة نظر الكاتب
هذه الصورة من وجهة نظري عبارة عن تصور لحقيقة هذا المشهد وفقاً لما يلي:
ربما يرى البعض أن هذه السيدة والأم الجميلة والمحبة لابنتها لم تستغل جمالها في شيء سيئ رغم احتمالية فقدها عائلها ولم تتحمل أن تظل بلا مصدر للدخل فتحملت المسئولية وخاضت غمار المجازفة طلبا للرزق مع إحتمال كلام الناس والجماهير التي تمر إما بشكل داعم ومعجب بالفكرة أو بشكل مسيء من خلال ألفاظ وعبارات ربما ليست محفزة ولكن برغم ذلك كله تجد الابتسامة على شفاهها.
حقيقة الحصول على الأدلة
تجد الأبنة التي تحملها أمها على ظهرها وهي تحتضن أمها طلباً للحنان وربما طلباً لمنحها الشعور بالتضامن والدعم رغم صغر السن، كما نجد الأم تمد يدها لتحافظ على إتزان جلسة ابنتها ومنحها الشعور بأنها تبادلها الدعم بالعطف والحب والحنو.
حقيقة الحصول على الأدلة الإبن العاق وإذلال الأم
في مشهد أخر أكثر رعباً نجد فيه ابن عاق وزوجته يسخران من أمه حيث جعلها تزحف على سلالم بيته وهي عاجزة عن الحركة ليرضي زوجته، رغم أن الأم هي التي ذهبت بحثاً عن ودهم وطلباً للسكن في حضنهم ولكنهم لفظوها وتركوها تنزل درج السلالم بمنزلهم زحفاً نظراً لإصابة الأم بشلل في قدمها فهل يا سادة فقدنا الضمير أم أن قسوة الحياة حولت البشر وقلوبهم إلى أحجار صلدة لا تقبل أن تتفتت على أعتاب البر والرحمة والرفق بالكبير وتحمل الأم في وقت الاحتياج.
حقيقة الحصول على الأدلة الابن العاق والأب المشلول
ولكني يا سادة قد تذكرت قصة ربما في هذا السياق ذاته ولكنها وكلما ذكرتها تمنيت ألا أرى في حياتي من يفعل ذاك الفعل فقد حدث أن كان هناك رجل أعمال ثري ويمتلك من حطام الدنيا ما لا يمكن حصره، وكان له ابن وحيد وفي سن الرشد وقد كان من النابهين في دراسته وكانت زوجة هذا الرجل قد توفت وتحمل هذا الوالد مشقة تربيته ورعايته ثم استمرت الأيام تفعل فعلها وجاء اليوم الذي طلب الأب من ابنه أن يساعده في العمل وأوكل له بعض المهام في الشركة وكان يعاونه فتاة جميلة جداً فأعجبته وكانت هذه الفتاة ذات ذكاء غير محدود وطموح لا يحده حدود فأوحت للابن وبالتعاون مع محامي الشركة أن يطلب من والده عمل توكيل له بإدارة أعماله وأن يعلن لوالده برغبته في أن يتحمل مسئولية العمل كاملة وأنه حان وقت راحة والده من عناء سنين طويلة من التعب.
حقيقة الحصول على الأدلة ونكران الجميل
وجاء اليوم الذي يرغب الابن فيه أن يتزوج فتخير أن يتزوج من شريكة نجاحه سكرتيرته الجميلة وبعد أن أنجب الابن الأول كان قد أصاب الرجل الكبير أمراض الشيخوخة ووهن عظمه وأصابه الفالج (الشلل) وكان يحتاج لمن يخدمه فكانت الزوجة تقدم بعض المساعدة في بداية الأمر ومع تدهور الحالة الصحية للوالد لعدم تحكمه في وظائف جسمه ولا في حركته فطلبت من الابن أن ينقل والده من قصره الذي بناه بجهده إلى غرف الحارس بحديقة المنزل وللأسف نفذ الابن طلبها ولكونها كانت تشمئز من تقديم الطعام لجد ولدها فقد كانت ترسل ابنها بصينية الطعام وقد خصصت بهم طبق ملعقة لا يأكل بهم غير هذا الشيخ المسن، ويشأ الله ان تزهق الروح لهذا الشيخ الكبير ويتحقق للزوجة الراحة من مصدر الإرهاق والتعب لها.
حقيقة الحصول على الأدلة والجزاء من جنس العمل
ولكن تأتي رسالة إلهية يوم تلقي التعازي والمواساة في هذا الفقيد من المعارف والأحباب ولكن الحفيد الذي كان يطعم جده قد أعلن ذكره لجده بإحضار الطبق والملعقة وأخذ يلعب بهما ويصدر منهم صوت عالي فيقترب الأب من ابنه ويقول له هذا الفعل غير لائق فقال له الابن يا والدي لا تحزن فسوف أحفظهم لك لحين بلوغك سن جدي وسأطعمك بهما وربما ذلك ما يعرف بالجزاء من جنس العمل.
الخروج من إطار الأسرة إلى إطار الفرد
وفي أخر القصة ومع بلوغ المشهد النهاية أقول أن الصورة تحمل ألف معنى والرسالة تصل بلا كلمات فالمعنى واضح ان الأم هي السند وهي مصدر الطاقة وكذلك الأب الذي يجد ويجتهد ليجعل ابنه أفضل منه ولكن مع طيب التربية ورفاهية الحياة تظهر العزلة تحت مسمى الحرية والتفرد لذا تجد كل شخص يأكل في موعد وكل شخص يأكل ما يرغبه وفق الوقت الذي يرغبه لذا فقدوا الحوار والحديث أثناء الطعام، وكذلك يتبادلون الصمت اثناء اللعب بهواتفهم الذكية ، ومع هذا التحول النمطي في الحياة خرجنا من إطار الأسرة إلى إطار الفرد والمصلحة الذاتية
حقيقة الحصول على الأدلة
لذا نرجو البحث عن وسائل الجمع وعودة لم الشمل في زمن لا يعلم جموحه الا الله فنحن نسير نحو المجهول طلباً للتميز ولا نعرف نهاية هذا النفق المظلم ولا ندرك ما نرغب الوصول إليه.