دور التخطيط الإعلامي في ادارة الازمات القومية “بقلم الدكتور عادل عامر”

دور التخطيط الإعلامي في ادارة الازمات والنهوض بالرسالة الإعلامية لكي تواكب حركة وتطور العصر والدفاع عن الأوطان وتوعية الشعوب

تختلف الخطط الإعلامية لإدارة الأزمات باختلاف طبيعة ونوع الأزمة من ناحية، وطبيعة وإمكانيات الجهة التي تواجه موقف الأزمة من ناحية أخرى، ولكن هناك عناصر أساسية مشتركة يجب أن تقوم عليها أي خطة إعلامية لإدارة الأزمة، لا شك أن وسائل الإعلام تؤدي دورًا محوريًا في تكوين الاتجاهات والميول،

دور الاعلام في حل الازمات

يلعب الإعلام دوراً رئيسياً ومهماً خلال الأزمات على اختلافها، حيث يناط به كثير من المهام، بالإضافة إلى كونه وسيلة تواصل بين الناس. لكن متى يجب أن تكون هناك خلية أزمة إعلامية؟ وما هو الدور الذي تلعبه مثل هذه الخلية في أوقات الأزمات؟
بسبب أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام نسلّط الضوء هنا على بعض الملاحظات التي تمس الأداء الإعلامي، لاسيما في الظروف الحالية، سواء الاجتماعية أو السياسية أو الطبيعية، ونتساءل: ما المطلوب للنهوض بالرسالة الإعلامية لكي تواكب حركة وتطور العصر والدفاع عن الأوطان وتوعية الشعوب؟
ما يستدعي الحديث عن الإعلام ودوره المحوري والمؤثر، هو ما تشهده منطقتنا من أحداث ساخنة، كما أن الكثير من الأزمات والأحداث الكبيرة التي شهدها العالم، كان للإعلام نصيب الأسد فيه، حيث استطاع التأثير في مجريات الأحداث بشكل ملحوظ، سلباً أو إيجاباً، حسب المحتوى.
لذا وجبت الإشارة إلى أن هذا الموضوع مدار البحث ليس سوى محاولة لرؤية دور الإعلام على حقيقته، وهل كان بحجم المسؤوليات التي تُلقى على كاهله في مواجهة الأزمات التي تمر بها المنطقة حالياً.
وتعتبر كلمة «أزمة» واسعة في معناها، ويصعب حصرها في قضية محددة، وهي من المفاهيم التي يصفها البعض بالمراوغة، إذ يصعب تحديدها. ويرى البعض أن ذلك يعود إلى الطبيعة الشمولية لهذا المصطلح، واتساع نطاق استخدامه، فهل يعني مثلاً أزمة الهوية أو الأخلاق، أو الأزمة الاقتصادية أو السياسية أو المجتمعية…؟ إن مصطلح أزمة هو مصطلح شمولي ناهيك عن خصوصية المنظور الذي ينظر من خلاله إلى هذه الأزمة أو تلك. لذا فقد نتج عن كثرة التعاريف، وتنوع المعالجات زيادة غموض هذا المفهوم.
ويحاول البعض الفصل بين مصطلح الأزمة وغيره من المصطلحات، كالمشكلة أو الحادث أو الصراع، مع أن هذه المصطلحات الثلاثة تقترب إلى حد ما من مفهوم الأزمة، وقد تتحول هذه الحالات إلى أزمة في حال لم يتم التصدي لها بشكل سريع ومتقن. لابد من فهم العلاقة بين الإعلام والأزمات، فكما هو معلوم فإن إدارة الأزمات تعني من الناحية العلمية الاستعداد لما قد يحدث من أزمات أو كوارث، ووضع الخطط المناسبة للتعامل معها، بشكل يساعد على التنبؤ بها قبل وقوعها أولًا، ثم التقليل من الخسائر بعد وقوعها ثانياً. وهي مهمة تتطلب وجود إعلام متخصص ومدرب ومحصن. والمتابع لتاريخ الشعوب على اختلافها، يلاحظ أن المجتمعات التي اعتمد رأس الهرم القيادي فيها على فرق خاصة وكفؤة في التعامل مع الأزمات، كانت مجتمعات أصلب عوداً وأكثر قدرةً على المواجهة على تخفيف خسائرها،
من تلك المجتمعات التي انتهجت الارتجالية ومنهج رد الفعل والتصدي العشوائي للأزمات، مما يصيبها بالضعف والتفكك، خاصة أن الأزمات ليست حكراً على مجتمع بعينه، وإنما هي ظواهر تاريخية ترافق سائر الأمم والشعوب في جميع المراحل. ولو تمعّنّا جيداً في تاريخ العالم لوجدنا أنه في كل مرحلة من مراحل التاريخ، توجد هناك أزمات كبرى تحرك الناس وتشعل الصراع وتحفز الإبداع وتمهد السبيل لمرحلة جديدة، أي أن التاريخ سلسلة أزمات تتخللها مراحل قصيرة من الحلول المؤقتة.
ومن هنا نشأت أفكار جدية ونافعة ومفيدة من أجل دراسة وتحليل الأزمة ورصدها، ومحاولة الخروج منها بأقل الخسائر وتأخير الأزمة اللاحقة إن تعذر تعطيلها وإخمادها في مهدها.
وتؤثر في عملية اكتساب الجمهور المعارف والمعلومات خاصة وقت الأزمات؛ حيث تزداد درجة اعتماد الجمهور على هذه الوسائل في ظل حالات عدم الاستقرار والصراع وانتشار أحداث العنف والإرهاب؛
وذلك بهدف خلق معانٍ ثابتة للأحداث، وإيجاد التفسيرات الملائمة لها؛ نظرًا لما تتسم به حوادث الإرهاب من عنف ومفاجأة واضطراب للمعايير والقيم المستقرة في المجتمع. د الأمني لمواجهة ظاهرة الإرهاب واحتواء آثارها،

دور المؤسسات الإعلامية سواء الرسمية أو الخاصة لمواجهة الإرهاب

إلا أن هذه المواجهة تتطلب تفعيل دور المؤسسات الإعلامية ــــ سواء الرسمية أو الخاصة ــــ لمواجهة الإرهاب من واقع المسئولية الاجتماعية التي تمارسها هذه المؤسسات في المجتمع، وهي المسئولية التي تحاول التوفيق بين استقلال وسائل الإعلام والتزاماتها تجاه المجتمع.
فمجتمعاتنا العربية بحاجة هذه الأيام إلى ترسيخ ونشر ثقافة الحوار كبديل عن ثقافة العنف السائدة، وهو عمل حضاري ومشروع يحتاج إلى أن تبذل من أجله الجهود في المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية،
كما تتطلب إرساء قواعد ثقافة التسامح، وقبول الآخر النقد الذاتي بدلًا من الانشغال بالبحث عن سلبياته، وإحسان الظن بالآخر، ونبذ ثقافة الكراهية وتفعيل ثقافة فن الإصغاء له،
والإيمان بأن الحوار أرحب من أن يختزل في مذهب أو تفسير واحد، بالإضافة إلى القدرة على التفاعل مع الآخرين، وقابلية احترام وجهة النظر المعارضة، فإذا ما تحققت هذه المقومات امتلكنا ثقافة تسامح وحوار تنبذ العنف والكراهية.
فإن الإعلام يمكن أن يقوم بأدوار مهمة في كل مرحلة من هذه المراحل الخمس في عمر الأزمة، بما يعنى أن الخطة الإعلامية لمواجهة الأزمة لا تبدأ مع انفجار الأزمة، بل إنها يجب أن تسبق هذه المرحلة، بحيث تعالج مرحلة ما قبل الأزمة أو اكتشاف إشارات الإنذار، ثم مرحلة الأزمة، وأخيرًا مرحلة ما بعد الأزمة.
تظهر قوة وسائل الإعلام على المجتمع والحكومات في زيادة حجم التأثير على الرأي العام والقرارات السياسية، فقد أضحت ذات أهمية في تسيير الأزمات، لاسيما وأن المجتمع يصبح أكثر تفاعلا مع وسائل الإعلام للتطلع على تفاصيل أكثر عن الأزمة وظروفها أيا كان نوعها.
والواقع أن الأزمة تخلق جوا من الارتباك والذعر وحالة من الطوارئ، ويود المجتمع لو يتطلع إلى ما استجد لمعرفة وفهم هذه التفاصيل. وتظهر الدراسات العلمية المختلفة حجم تدخل وسائل الإعلام في إدارة الأزمات من خلال محاولة التعريف بها وتسليط الضوء على ما يكتنفها من تحولات وتطورات. وتعد هذه الورقة مدخلا علميا يسلط الضوء على حجم وأهمية إدارة الأزمات وسائل الإعلام، وفهم التحديات التي تواجه عملها.
اﻹﻋــﻼم ﺑوﺳــﺎﺋﻠﻪ اﻟﻣﺗﻌــددة ﻫــو أﻛﺛــر وﺳــﺎﺋﻝ اﻟﺗــﺄﺛﻳر ﻋﻠــﻰ ﻋﻘــوﻝ وأﻓﻛــﺎر اﻟﻧــﺎس، وﺑــذﻟك ﻓﺈﻧــﻪ اﻟوﺳــﻳﻠﺔ اﻷوﻟــﻰ اﻟﺗــﻲ ﺗﺷــﻛﻝ اﺗﺟﺎﻫــﺎت اﻟﻧــﺎس ﻧﺣــو اﻟﻣواﺿــﻳﻊ واﻟﻣواﻗــف اﻟﺣﻳﺎﺗﻳــﺔ اﻟﻳوﻣﻳــﺔ اﻟﺗــﻲ ﺗﻌﻳﺷــﻬﺎ وﺗواﺟﻬﻬــﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﻳــﺔ،
وأﺻــﺑﺢ اﻹﻋــﻼم ﻳﺳــﺗﺧدم ﻓــﻲ اﻟﺗﻧظــﻳم واﻟﺑﻧــﺎء اﻻﺟﺗﻣــﺎﻋﻲ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣــﻝ ﻣــن أﺟــﻝ ﻣﺻــﻠﺣﺔ اﻟﻔــرد واﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ ﻛﻛــﻝ ﻓــﻲ ﺷــﺗﻰ ﻣﺟــﺎﻻت اﻟﺣﻳــﺎة اﻟﻣﻌﺎﺻــرة ﺳــواء ﻓــﻲ اﻟﺟواﻧــب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳـــﺔ، أو اﻻﻗﺗﺻـــﺎدﻳﺔ، أو اﻟﺳﻳﺎﺳـــﻳﺔ، وﺑﺎﻟﺗـــﺎﻟﻲ اﻷﻣﻧﻳـــﺔ ﻋﻠـــﻰ ﻛﺎﻓـــﺔ اﻟﻣﺳـــﺗوﻳﺎت، اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﻬﺎ وﻣﻊ اﻟﺗطوارت اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺷـﻬدﻫﺎ اﻟﻌـﺎﻟم ﻣﻧـذ أواﺧـر اﻟﻘـرن اﻟﻌﺷـرﻳن ﺣﺗـﻰ اﻵن، وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻻﺗﺻﺎﻝ وﺗﻛﻧوﻟوﺟﻳﺎ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
أﺻﺑﺢ اﻟﻌﺎﻟم ﻗرﻳﺔ ﻛوﻧﻳﺔ ﺻـﻐﻳرة ﻻ ﻓﻘــد أﺻــﺑﺣﻧﺎ ﻧﻌــﻳش ﻋﺻــر اﻷﻗﻣــﺎر اﻟﺻــﻧﺎﻋﻳﺔ وﻣــﺎ ﺗﻧﻘﻠــﻪ ﻣــنها ، ﻳﻣﻛــن ﻓﺻــﻠﻬﺎ إﻋﻼﻣﻳــﺎ ﻣﻌﻠوﻣـــﺎت وأﺧﺑـــﺎر، وﻣـــﺎ أﺣدﺛﺗـــﻪ ﻣـــن ﺗﻘـــﺎرب ﺛﻘـــﺎﻓﻲ وﻣﻌرﻓـــﻲ أﺗـــﺎح اطـــﻼع اﻟﻔـــرد ﻋﻠـــﻰ أﺣداث اﻟﻌﺎﻟم ﺣﻳن ﺣدوﺛﻬﺎ، ﻣﻣﺎ أزداد ﺗﺄﺛﻳر اﻹﻋـﻼم ووﺳـﺎﺋﻠﻪ وﻗدرﺗـﻪ ﻋﻠـﻰ اﻟﻬﻳﻣﻧـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻷﻓراد واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت، والأﻣـــــن ﻻ ﻳﻘـــــﻝ أﻫﻣﻳـــــﺔ ﻋـــــن اﻹﻋـــــﻼم ﻓﻬـــــو ﻣـــــن اﻻﺣﺗﻳﺎﺟـــــﺎت اﻷﺳﺎﺳـــــﻳﺔ ﻟﻠﻔـــــرد واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ، ﻓﻘد اﺗﺳﻊ ﺗﺄﺛﻳر اﻹﻋﻼم ﻟﻳﺷﻣﻝ ﻛﻝ ﺟواﻧب اﻟﺣﻳﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ واﻻﻗﺗﺻـﺎدﻳﺔ، واﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ، واﻟﺑﻳﺋﺔ، واﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ، واﻟوطﻧﻳﺔ .وﻣﻊ اﻟﺗطور ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
ﻛﺎن ﻻﺑد أن ﻳﻧﺷﺄ ﻣﻔﻬــوم ﺟدﻳــد ﻳﺳــﺎﻳر اﻟﺗﻘــدم اﻟــذي ﺣــدث ﻓــﻲ اﻟﻣﺟــﺎﻝ اﻷﻣﻧــﻲ، ﻫــذا ﻣــن اﻟﺟﺎﻧــب اﻷﻣﻧــﻲ، أﻣﺎ ﺟﺎﻧب اﻹﻋﻼم ﻓﻘد اﻋﺗارﻩ اﻟﺗطور اﻟﻛﺑﻳر أﻳﺿﺎ، اﻷﻣر اﻟـذي أدى إﻟـﻰ زﻳـﺎدة اﻟﺗـدﻓق اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻋﺑر اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻘﻝ اﻷﺧﺑﺎر ﻻﺳﻳﻣﺎ اﻷﻣﻧﻳـﺔ، ﻓﺗﻌـددت اﻟﻣﺻـﺎدر ﻟﻸﺧﺑـﺎر ﻓـﻲ اﻟوﻗـت ذاﺗـﻪ.
إن هناك اتفاقًا ضمنيًا على أهمية دور الإعلام في نشر الشائعات أو مواجهتها والقضاء عليها، وهذا الدور يرتبط بمجموعة من العوامل، منها طبيعة وحدود التأثير الإعلامي، وطبيعة النظام الإعلامي، وطبيعة ومضمون وشكل الشائعة،
وأخيرًا مدى المصداقية التي تتسم بها وسائل الإعلام لدى الجمهور. وفي ظل شمول البيئة الإعلامية لأكثر من نمط من وسائل الإعلام ما بين التقليدي منها والجديد، ظهرت إشكالية جديدة في مجال إعلام الأزمات، ت
زداد أهمية مصداقية وسائل الإعلام بوجه خاص أثناء الأزمات؛ حيث تحتاج هذه الوسائل إلى أداء من نوع خاص، مهنيًا وأخلاقيًا ووطنيًا، انطلاقًا من بعض المداخل والنظريات التي تستند إلى المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام، وممارسة الإعلام لدور الشفيع (المحامي) عن كل الفئات دون تهميش أو إهمال للفئات المهمشة،
بما يوفر حق المعرفة الشاملة والكاملة والمتعمقة والتعبير عن الذات بحرية بعيدًا عن سياسة الصمت الإعلامي تجاه مشاكل البعض أو واقعهم، بالإضافة إلى تنشيط الجهات ذات الصلة للقيام بواجباتها ومسئوليتها، والقدرة على توسط العلاقة بين الأفراد وصناع القرار، وتفعيل الحق في الاتصال بمفهومه الشامل الحق في أن يعلم الجميع وأن يُعلم عن نفسه بحرية.
إن الطريقة التي يجري بموجبها تناول الأزمة في وسائل الإعلام بالتقارير الإخبارية هي إحدى المحددات الكبرى والرئيسة لمستوى تعافي المنظمة من الأزمة التي تمر بها،
ويمكن القول إن سمعة المنظمة (التي هي أهم أصول الأزمة) يمكن أن تنهار بين عشية وضحها فيما إذا توحدت مجموعة من الوسائل الإعلامية بنوايا سلبية لتحطيم سمعة المنظمة.

مفهوم الأنشطة والاتجاهات والمهام الرئيسة لإعلام الأزمة

مفهوم اتصالات وإعلام الأزمة:
تبرز أهمية اتصالات وإعلام الأزمة من اللحظة الأولى لوقوع الأزمة، ويجب أن تعطي المنظمة اهتماما كبيرا وأولوية للتأكيد من أن لكادرها الإعلامي دورا واضحا وفاعلا في إيصال أخبار الأزمة إلى الفئات المستهدفة المختلفة.
أولا: مفهوم اتصالات الأزمة:
يقصد باتصالات الأزمة جميع أنشطة وجهود الاتصال التي تجريها العلاقات العامة (أو أي جهة في المنظمة) عند وقوع أزمة ما، وتجري اتصالات الأزمة في ظل ظروف غير عادية، وفي ظل أجواء سلبية، وتهدف اتصالات الأزمة إلى المحافظة على سمعة حسنة للمنظمة في ظل آثار الأزمة وانعكاساتها.
ثانياً: أهمية اتصالات الأزمة:
لاتصالات الأزمة أهمية كبيرة في أثناء وقوع الأزمة، وتبرز هذه الأهمية من خلال مجالات ومحاور متعددة أهمها:
1-الانعكاسات النفسية (السيكولوجية) للأزمة: إذا أن الأزمة تترك آثار نفسية تتطلب معالجة ومواجهة من خلال اتصالات الأزمة (الخطة الإعلامية للأزمة)، إذ إن هذه الاتصالات تركز على إزالة هذه الآثار والانعكاسات.
2-تعدد وتنوع وسائل الأعلام في ظل ثورة الاتصالات: تأتي أهمية إعلام الأزمة في ظل التعدد والتنوع الكبير لوسائل الأعلام على الصعيد المحلي وعلى الصعيد العالمي.
3-الدور المتزايد لوسائل الأعلام في تكوين الآراء والموافق والاتجاهات: أصبح الأعلام يلعب دورا متزايدا في تكوين آراء الأفراد ومواقفهم واتجاهاتهم،
ثالثا: المتحدث الرسمي:
إن جميع نماذج إدارة الأزمات تؤكد على ضرورة وجود متحدث رسمي واحد يتحدث باسم المنظمة عن الأزمة وأحداثها وتطوراتها وأسبابها ونتائجها وانعكاساتها، وهو المسؤول عن جميع العلاقات والتفاعلات مع وسائل الإعلام، وهذا المتحدث الرسمي يجب أن يكون أحد أعضاء الإدارة العليا بحيث يمتلك صلاحيات اتخاذ القرار، ويفضل أن يكون لهذا المتحدث الرسمي خبرة سابقة في التعامل مع وسائل الإعلام.
رابعا: الأنشطة والمهام الرئيسة لاتصالات الأزمة:
هناك مجموعة من الأنشطة والمهام الرئيسة لاتصالات الأزمة أهمها:
– وضع وتنفيذ ورقابة خطة إعلامية تعمل على إيصال الرسالة الإعلامية إلى الفئات المستهدفة المختلفة وضمان تحقيق هذه الرسالة لأهدافها.
– بناء احتياطي من السمعة الحسنة للمنظمة، وهذا الأمر يتطلب أن لا تبدأ اتصالات الأزمة عند وقوع الأزمة، بل أن هذه الاتصالات يجب أن تكون قد بدأت عندما لا تكون الأزمة قد نشأت، ويجب أن يكون هناك نشاط مستمر لاتصالات الأزمة.
– المحافظة باستمرار على العلاقات حسنة مع وسائل الإعلام وتحقيق درجة عالية من الثقة والمصداقية.
خامسا: اتجاهات إعلام الأزمة:
الإعلام هو من أهم الأدوات التي تستخدمها المنظمات في العصر الحديث، فهذه الأداة تمكن هذه المنظمات من وصف الأحداث القائمة وصفا شاملا ودقيقا، والتأثير في مجريات وتتابعات هذه الأحداث، ونقل البيانات والمعلومات عن هذه الأحداث بسرعة كبيرة بفضل ما يتوفر للإعلام من إمكانات تكنولوجية وتتركز جهود إعلام الأزمة في اتجاهين رئيسين هما:
الاتجاه الأول: اتجاه إخباري:
يجري استخدام هذا الاتجاه قبل الأزمة وفي أثناء الأزمة وبعد الأزمة وذلك بهدف نقل أخبار الأزمة إلى عناصر بيئة المنظمة، ويجري التركيز في هذا الاتجاه على تعريف بهذه الأزمة وواقعها وتتابع أحداثها ونتائجها ومحاولات الإدارة وجهودها في التصدي لهذه الأزمة.
الاتجاه الثاني: إعلام إرشادي توجيهي:
إن استخدام الإعلام في إرشاد وتوجيه كادر المنظمة (وأحيانا في إرشاد وتوجيه عناصر أخرى من أصحاب المصالح) يؤدي إلى توفير الدعم والمؤازرة والتأييد لإدارة المنظمة من جميع أصحاب المصالح ومن المجتمع.
سادسا: أهمية التنسيق والتعاون مع وسائل الإعلام:
هناك مجموعة من الأسباب التي تجعل التنسيق والتعاون مع وسائل الإعلام أمرا ضروريا ومهما، وأهم هذه الأسباب:
– إن التنسيق والتعاون مع وسائل الإعلام يعطي فريق الأزمة فرصة أكبر ليكون مؤثرا في الأحداث وليس مستجيبا لهذه الأحداث.
– إن التنسيق والتعاون مع وسائل الإعلام يؤدي إلى تحقيق فرصة أفضل في السيطرة على الرسالة الإعلامية المتعلقة بالأزمة.
– إن التنسيق والتعاون مع وسائل الإعلام يعطي فرصة كاملة لإزالة سوء الفهم المتعلق بالأزمة وتصحيح هذا المفهوم.
– إن رفض اللقاء مع وسائل الإعلام في بعض الأحيان يعطي فكرة أن الأمور ليست على ما يرام وأنه لا تجري السيطرة على زمام الأمور في المنظمة، كما أن رفض اللقاء مع وسائل الإعلام قد يفسر على انه شكل من أشكال الغطرسة والتعجرف.
سابعا: التعاون الإعلامي للتأثير في الرأي العام:
إن تحقيق التأثير المطلوب في اتجاهات الرأي العام يتطلب تحقيق التعاون والتنسيق بين فريق الأزمة والكوادر الإعلامية المختلفة (داخل المنظمة وخارجها)، ويمكن تعزيز هذا التعاون في هذا المجال من خلال اعتماد وتبني مجموعة من المبادئ أهمها:
– التحكم في كمية وطبيعة البيانات والمعلومات التي يجري نشرها، مع مراعاة تحقيق التوازن بين توفير المعرفة المطلوبة في الوقت المناسب والانعكاسات السلبية المحتملة من وراء هذه المعرفة.
– تحقيق السيطرة المناسبة على المضمون الإعلامي في أثناء الأزمة، وهذه السيطرة قد تكون مباشرة أو غير مباشرة.
ثامنا: خطة إعلام الأزمة:
إن نجاح اتصالات الأزمة يتطلب إعداد خطة فاعلة هي خطة إعلام الأزمة، وهذه الخطة تتكون من العناصر الآتية:
1-تحديد الأزمات المحتملة وإبعاد هذه الأزمات.
2-تحديد الأهداف (أهداف الخطة الإعلامية).
3-تحديد الفئات المستهدفة بخطة إعلام الأزمة.
4-تحديد الإمكانات البشرية والمادية والفنية اللازمة للخطة.
5-إعداد الرسالة الإعلامية الخاصة بخطة إعلام الأزمة.
تاسعا: مراحل التغطية الإعلامية للأزمة:
في ضوء نتائج البحوث والدراسات الإعلامية فإن اهتمام وسائل الأعلام بتغطية الأزمة يمر في مراحل الرئيسية الآتية:
1-مرحلة التغطية الإعلامية العشوائية اللازمة: في بدايات الأزمة تتصف طبيعة التغطية الإعلامية لهذه الأزمة بالعشوائية بسبب عدم توافر البيانات والمعلومات والمعرفة الكافية عن الأزمة وأسبابها وتداعياتها والمواقف المختلفة تجاهها.
2-مرحلة التغطية الإعلامية المنظمة للأزمة: عندما تتضح معالم الأزمة وملامحها وتنجلي أسبابها وتبدد آثارها وانعكاساتها فإن اهتمام وسائل الأعلام بالأزمة يدخل مرحلة جديدة هي مرحلة التغطية الإعلامية للأزمة، وفي هذه المرحلة فإن وسائل الأعلام تسخر إمكانات بشرية ومادية كافية للتعاطي الإعلامي مع هذه الأزمة وتزويد الفئات المستهدفة بالمعرفة الكافية عن الأزمة وتطورها.

الشائعات ومفهومها والعوامل المؤثرة في فهم طبيعة الأزمة

الشائعات في ظل الأزمة:
في كثير من أنواع الأزمات تنتشر شائعة أو أكثر وهذه الشائعات تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، وهنا يبرز دور اتصالات الأزمة في مواجهة هذه الشائعات والتصدي لها ولأخطارها.
والشائعة سلوك اجتماعي، ولا يخلو مجتمع من هذا السلوك. وتجد الشائعات طريقها إلى الانتشار في ظل الأزمات، إذ أن ظروف الأزمات تشكل أرضية خصبة لنشؤ الشائعات وانتشارها.
أولا: مفهوم الشائعة:
هناك مفاهيم وتعريفات متعددة للشائعة منها:
– الشائعة هي الترويج لخبر مصطنع (مختلق) من أساسه، وهذا الخبر يوحي بالتصديق، والشائعة قد تكون المبالغة في سرد خبر ما، وهذا السرد قد يتضمن جانبا محدودا من الصدق والحقيقة.
– الشائعة هي اصطلاح يجري إطلاقه على رأي محدد يجري طرحه حتى يؤمن به من يسمعه، والشائعة تنتقل من شخص إلى آخر بوساطة الكلمة الشفهية وهي لا تتطلب دليلا أو برهانا.
ثانيا: قياس درجة شدة (قوة) الشائعة:
توصل الباحثون إلى أن درجة شدة (قوة) الشائعة يمكن أن تقاس من خلال مجموعة عناصر هي:
– الأهمية (أهمية موضوع الشائعة).
– الغموض (غموض الأدلة والبراهين والحجج المتعلقة بالشائعة).
– الزمن (الزمن الذي يستغرقه انتشار الشائعة).
– مجتمع الشائعة (المجتمع المستهدف بالشائعة).
ثالثا: أساليب انتشار الشائعات في ظل الأزمات:
فيما يتعلق بكيفية انتشار الشائعات في ظل الأزمات، وفي ظل ثورة التكنولوجيا والاتصالات، فإنه يمكن القول أن هناك أسلوبين رئيسين لنقل الشائعات وانتشارها هما.
– انتشار الشائعات بأسلوب الاتصال المباشر (الاتصالات الشفهية بين الأفراد).
– انتشار الشائعات من خلال وسائل الإعلام الجماهيري مثل الصحف والمجلات والراديو والتلفاز والانترنيت، وقد باتت الإنترنيت أكبر وسيلة لنشر الشائعات.
رابعا: كيفية تعامل فريق الأزمة مع الشائعات:
إن مواجهة الشائعات والتصدي لها الأسس التي ينبغي أن يعتمدها هذا الفريق في التعامل مع الأزمات، وأهم هذه الأسس ما يأتي:
– الاستعانة بأهل العلم والخبرة لصياغة الخطط المدروسة التي تكافح الشائعات من جذورها.
– كسب ثقة أصحاب المصالح (داخل المنظمة وخارجها).
– الالتزام بالشفافية العالية في عرض الحقائق، إذ أن هذه الشفافية سوف تقطع الطريق أمام مروجي الشائعات.
خامسا: تأثير إعلام الأزمة في الرأي العام:
يقصد بالرأي العام مجموعة من التعبيرات الإرادية الصادرة عن الجماهير نحو مشكلة ما أو قضية ما أو أزمة ما محل اهتمام الجماهير وتكون موضع نقاش وحوار وجدل بهدف الوصول إلى حل يؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة.

العوامل المؤثرة في فهم طبيعة الأزمة:
تنطوي الأزمة عادة على معلومات مفزعة، وتضارب في التصريحات، وعدم ثقة البيانات وقلة الوقت اللازم للتأكد وتحديد المسئوليات، وهنا تساعد الخبرات لدى القائمين على الاتصال في تقليل الخسائر الناجمة عن الأزمة إلى حدها الأدنى، بل في أحيان أخرى كفاءة الاتصال تحول الأزمة وتستثمرها للخروج بمكاسب مادية ومعنوية، فالاتصال الفعال هو العامل الحاسم في الحفاظ على سمعة المؤسسة في مواجهة الإعلام المضاد وجماعات الضغط.
وعند مواجهة الأزمة يتطلب كفاءة الاتصال مراعاة الاعتبارات التالية:
أولاً: استيعاب دروس الأزمات السابقة:
وهذا يتطلب فحص أزمات الآخرين والتساؤل عن:
•ماذا حدث؟
•لماذا حظيت هذه الأزمة بقدر كبير من النشر والشهرة والتداول.
•كيف واجهت الإدارة هذه الأزمة.
•ما هي الإيجابيات والسلبيات عند مواجهة الإدارة لتلك الأزمة.
ومن المهم الاهتمام من قبل المسئولين بالتعرف على كيفية تعامل المنظمات المختلفة مع الأزمات المشابهة وخصائص كل أزمة وكيف كان رد الفعل تجاهها.
وهناك اهتمام في السنوات الأخيرة بإدارة الأزمات للأسباب التالية:
‌أ) تغير المجتمع:
بسبب التطور في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وظهور وسائل اتصال جديدة تسمح بنشر المعلومات بسرعة كبيرة لتحقيق السبق الإعلامي وتزايد التشهير من قبل وسائل الإعلام للنيل من بعض المنظمات.
‌ب) تطور القانون:
حيث تزايد دور القانون والمجالس النيابية في الوقوف إلى جانب المتضرر عند وقوع الأزمة وأصبح الآن المحامون يسارعون للتطوع عبر وسائل الإعلام لإثبات حقوق الضحايا وتوعية الناس عبر الإعلام بعدم التفريط في حقوقهم.
‌ج) تصاعد دور جماعات الضغط:
وهي جماعات غير حكومية تستهدف الوقوف بجانب فئة من المجتمع عمال، فلاحين، امرأة، طفل. وهكذا لرعاية مصالحهم، وهي جماعات نشطة يظهر دورها بوضوح أثناء الأزمات، حيث تثير جماعات الضغط وسائل الإعلام والجماهير للكشف عن المتسبب في وقوع الأزمة.
‌د) الموظفون الساخطون:
الذين يحاولون نيل الشهرة أو تصفية حساباتهم مع المنظمة عند مواجهتها للأزمة.
‌ه) وعي الإدارة:
تزايد وعي الإدارات في المنظمات الحديثة بأهمية العلاقات العامة وبتدريب العاملين على مواجهة الأزمات، وتشكيل إدارات متخصصة في التعامل مع الأزمات.
ثانياً: المدرك هو الحقيقة:
تقوم وسائل الإعلام بتقديم تفسيرات للواقع بالكلمة والصورة والحركة ويبني الأفراد معاني مشتركة للواقع المادي والاجتماعي من خلال ما يقرؤونه أو يسمعونه أو يشاهدونه، وبالتالي يتحدد سلوكهم جزئياً من خلال ما تقدمه وسائل الإعلام من معلومات، فهي بمثابة نافذة يطل منها الفرد على العالم الخارجي.
وينظر البعض لوسائل الإعلام على أنها تقوم بالتركيز على بعض الموضوعات والقضايا لتحقيق مصالح للقائمين على تلك الوسائل ولا تعكس الواقع، بل تخلق عالم يبدو للمتلقي حقيقيا، وقد يتقبل المتلقي هذا لكونه غير مدرك، ومع تراكم التعرض لوسائل الإعلام يبدو العالم الذي صنعته تلك الوسائل حقيقياً في الأذهان.
وبالنسبة للأزمة المهم هو ما يتصور الناس أنه حدث وليس “ما حدث” والمهم أن يعرف القائم بالاتصال كيف يخاطب اهتمامات الناس فهي أهم من الحقائق.
ومثال على ذلك: أزمة مرض “جنون البقر” في بريطانيا عام 1990، حيث أصاب الناس بحالة هستيرية نتيجة نقص المعلومات الدقيقة بالمرض مما أدى لتصاعد الأزمة، حيث أدى تداول وسائل الإعلام لكلمة أبقار وكلمة جنون إلى جعل الناس يعتقدون أنهم سيتجولون إلى أبقار ويصابون بالجنون.
وقد أدركت الحكومة قضية (الواقع المدرك في وسائل الإعلام) في الموجة الثانية من المرض حيث عاد ليظهر في انجلترا عام 1996، حيث عقدت ندوة للخبراء أعلنوا خلالها الحقائق وتم معالجة الأزمة بالأساليب التالية:
– معالجة القضية بشكل جاد وبدون تهوين أو تهويل.
– سرعة التصرف.
– جعل الجمهور على صلة بحقائق الموضوع.
ومع ذلك فإن سوء معالجة الحكومة للأزمة في المرحلة الأولى عام 1990 أفقدها مصداقيتها في عام 1996 بسبب تصورات الناس عن الواقع رغم ذكر الحكومة للحقائق.
ومن هنا نجد ضرورة أن نتعامل مع الحدث من منظور الآخرين وأن تظهر المؤسسة الاهتمام والتعاطف مع الناس وتحاول ترك أثر طيب يخفف من وقع الصدمة.
ثالثاً: خاطب الناس بما يريدون سماعه:
الجمهور يميل إلى تدعيم الاتجاهات التي يتبناها ويقاوم الاتجاهات المضادة وهو ما يطلق عليه (حواجز الاتجاه)، فلكل فرد حواجز نفسية تمنعه من تقبل الآراء المعارضة للاتجاهات التي يتبناها حتى وإن حاول مصدر ذلك سرد حقائق وحجج منطقية، ولكن ينخفض هذا الحاجز ويكون هناك فرصة أكبر للاقتناع بوجهة نظر أخرى إذا استخدم الشخص حملة تأييد أو دعم.
مثال: شخص لديه وجهة نظر سلبية نحو رجال الأعمال والمشروعات ويعتبرها أعمالاً غير أخلاقية وذلك نتاج خبرة مؤلمة سواء مباشرة أو عبر وسائل الإعلام، وهنا يكون لديه حاجز أمام أي وجهة نظر مخالفة. ولتخفيض هذا الحاجز النفسي وإقناع الشخص بوجهة النظر الأخرى يجب إتباع ما يلي:
1-طرح أسئلة تتفق مع معتقدات هذا الشخص مثل: لماذا تعتقد أن رجال الأعمال يمارسون عملاً غير أخلاقي؟
2-القفز فوق (الحاجز النفسي) من خلال إظهار الاتفاق مع وجهة النظر الأخرى للتمهيد لطرح الرأي البديل مثل: “أنا أوافقك. العديد من رجال الأعمال يمارسون أعمالاً غير أخلاقية، ولكن هناك بعض منهم شرفها”.
3-يمكن الاستعانة بشخص آخر يتفق مع وجهة نظر مختلفة فهو يجد أن هناك مجموعة كبيرة يفعلون أعمالاً غير أخلاقية ولكن هناك آخرون شرفاء، كذلك الاستعانة برجال الدين والخبراء يساعد على رفع الحاجز النفسي.
رابعاً: اجعل من الأزمة فرصة:
استطاعت العديد من المنظمات الاستفادة من الأزمة كفرصة للاستثمار وتسويق الأعمال، وقد لوحظ إن معظم الناس يتأثرون بالأزمة عند ذروة النشر عنها ولكنهم بعد فترة قد ينسون الأزمة ولكن يتذكرون اسم المنظمة، فالأزمة الفعلية نادراً ما تسبب الدمار، ولكن هذا يتوقف على طريقة المعالجة الإعلامية التي قد ترتفع بسمعة المنظمة أو تهبط بها إذ ليس هناك ما هو أسوأ من النشر السلبي.
خامساً: المنظمات الكبرى تحظى بتغطية أوسع:
يستجيب الناس للأسماء والمنظمات الكبيرة اللامعة أكثر من استجابتهم للمنظمات الصغيرة وهذا يحقق مزايا عديدة للمنظمات الكبرى في الأوقات العادية، ولكن يتحول إلى عيب كبير في الأوقات العصيبة.
سادساً: تأثير الظروف المحيطة:
تؤثر الظروف المحيطة بالأزمة على زيادة أو تقليص آثارها على الجهود:
مثال: واجهت بريطانيا عام 1991 أزمة كبيرة سببت الفزع عند الجماهير نتيجة اكتشاف فساد أنواعد عددية من الأطعمة مثل زيادة السالمونيلا السامة في البيض ووجود ملوثات في أنواع من الجبن والخبز مع أزمة جنون البقر، وكانت تلك الأزمات هي أهم القضايا التي تشغل أغلب الجماهير في بريطانيا وفي نفس الفترة الزمنية قامت العراق بغزو الكويت فتحول اهتمام الجماهير من قضية تسمم الأغذية إلى غزو العراق، وانصرف تركيز وسائل الإعلام من تغطية قضايا تلوث الطعام إلى غزو العراق.

من هنا نجد أن حجم تغطية وسائل الإعلام للأزمة يتوقف إلى حد كبير على الظروف المحيطة وحدوث أزمات أكبر.
سابعاً: تكرار الأزمات وتشابهها يضاعف من تأثيرها:
هناك قول شائع لدى الإعلاميين: ما يحدث مرة يعد حادثاً، فإذ تكرر مرة يعد اتجاهاً وإذا حدث ثلاث مرات يعد وباءً.
مثال: خلال فترة الفزع من الطعام المسمم في بريطانيا أدى تعدد الشركات المتهمة بتلوث الغذاء إلى مضاعفة الإحساس بالأزمة.
وفي مصر: عندما تكررت ظاهرة هروب بعض رجال الأعمال بعد اقتراض الملايين من البنوك ونقلها للخارج حدثت أزمات عددية لمصداقية رجال الأعمال.
•دورة حياة الأزمة:
إن تعقيدات الحياة المعاصرة جعلت المنظمات أكثر قابلية للتعرض للأزمات عن الماضي، وذلك جعل معظم المنظمات المتطورة تحرص على تطوير خطط متكاملة لإدارة الأزمات ومن أبرزها الإعداد لاتصالات الأزمة.
والإعداد لمواجهة الأزمة ضرورة لا غنى عنها لمحافظة أية منظمة على صورتها الذهنية ومصداقيتها، وهنا يبرز أهمية الاتصال في مواجهة الأزمات ويعني الاتصال ضرورة التفاعل والتفاهم مع مختلف أطراف الأزمة والمتأثرين بها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من العاملين بالمنظمة أو الجماهير الداخلية والخارجية ووسائل الإعلام وكافة مؤسسات المجتمع.
واتصالات الأزمة لها دور كبير في حماية سمعة المنظمة في أوقات الشدة وتحسين سمعة المنظمة بشكل عام.
وقد شهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي زيادة مطردة في بحوث اتصالات الأزمة نظراً لزيادة عدد الأزمات القومية والدولية والتطور الكبير في تكنولوجيا الاتصال مما انعكس على كثافة الاهتمام ببحوث اتصالات الأزمات.
دوافع الاهتمام باتصالات الأزمة:
يؤدي الاتصال دوراً مهماً في مختلف مراحل الأزمة، ويمكن حصر دوافع الاهتمام باتصالات الأزمة فيما يلي:
1-تزايد عدد الأزمات التي تعاني منها الشركات والمنظمات في السنوات الأخيرة مما زاد من سخط الجماهير والمقاضاة القانونية للشركات.
2-تزايد اهتمام وسائل الإعلام بتغطية أخبار الأخطار الصناعية والبيئية المؤثرة على الجماهير، وتغطيتها من خلال تقارير تقصي الحقائق.
3-التأثير العميق والمدمر للأزمات على الهيئات والشركات وما يعنيه ذلك من عواقب على السمعة والصورة الذهنية للمنظمة.
4-تخطي الأزمات والكوارث بتغطية واسعة في وسائل الإعلام باعتبارها أخبارا سلبية تحقق الانتشار لوسائل الإعلام لأنها تلبي حاجة الناس من المعرفة وحب الاستطلاع.
5-المشتغلون بالعلاقات العامة هم أحد المصادر الهامة لتدفق الأخبار والمعلومات في وسائل الإعلام وأصبح تواجدهم أمر أساسي في العديد من الشركات، وتؤثر طريقة تعاملهم مع مندوبي وسائل الإعلام على طبيعة التغطية الإعلامية للأزمة، السلب أو الإيجاب.
6-تستقطب الأزمات اهتمام السياسيين وجماعات المصالح الخاصة الذين يحاولون استثمارها لمنافعهم الشخصية.
7-لا يقف تأثير الأزمة ومردودها السلبي على منظمة معينة، بل قد يتجاوز إلى التأثير على قطاع كامل في الاقتصاد أو البيئة.
أهداف إدارة الأزمة:
1-توفير القدرة العلمية على التعرف على مصادر التهديد، والتنبؤ بالأخطاء والاستغلال الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة للحد من تأثير الأزمة الضار.
2-تحديد دور الأجهزة المعنية بتنظيم وإدارة الأزمة وقت الأمان ووقت الأزمة والعمل على عدم تكرارها.
3-توفير الإمكانات المادية للاستعداد والمواجهة وسرعة إعادة التعمير بأقل تكلفة.
4-الاستعداد لمواجهة الأزمة من خلال التنبؤ بالمشكلات وتمكين الإدارة من السيطرة على الموقف، والمحافظة على ثقة جميع الأطراف المعنية وتوفير نظم الاتصال الفعالة.
5-التعامل الفوري مع الأحداث لوقف تصاعدها وتحجيمها من خلال تحليل الموقف، ورسم السيناريوهات، وتحليل نقاط القوة والضعف، والتهديدات الناتجة عن كل حدث والاستعداد المستمر للتعامل معها.
ﻓـــﻲ ظـــﻝ ﻋوﻟﻣـــﺔ اﻹﻋـــﻼم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﺗﻔﺗرض ﻋـدم إﺧﻔـﺎء اﻟﻣﻌﻠوﻣـﺎت أو ﺣﺟﺑﻬـﺎ، وﺗﺗطﻠـب ﻣﺳـﺗوى ﻋـﺎﻝ ﻣـن اﻻﻟﺗـزام ﺑﺎﻟﺣﻘــﺎﺋق اﻟﻣوﺿــوﻋﻳﺔ اﻟﻣﺟــردة، وﻫــﻲ اﻷوﻟــﻰ ﺑإﺣﺗرام اﻟﻘــﺎﻧون وأﺣﻛــﺎم اﻟﻘﺿــﺎء، وﻋﻠﻳﻬــﺎ اﻟﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ ﺗطوﻳر وﺗﺟدﻳد اﻟﺑراﻣﺞ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗوﻋﻳﺔ اﻷﻣﻧﻳﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳـﺗﺟدات واﻟﺗطـور واﻟوﻋﻲ اﻷﻣﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ﻳرﺗﺑط ارﺗﺑﺎطﺎ ﺣﻣﻳﻣـﺎ ﻣــن اﻻﻟﺗــزام ﻋﺎﻟمياَ بالحداثة ﻓــﻲ ﻣﺟــﺎﻝ اﻟﻣﻌﻠوﻣــﺎت واﻹﻋــﻼم المرئي، اﻷﻣــر اﻟــذي ﻳﻔﺗــرض ﻗــدار ﺑﺎﻟﻣوﺿــــوﻋﻳﺔ واﻟﺣﻳﺎدﻳــــﺔ،
وﻛﺷــــف اﻟﺣﻘــــﺎﺋق ﻛﺎﻣﻠــــﺔ، ﻓــــﻲ ظــــﻝ اﻠﺗﺟدﻳــــد واﻟﻣواﻛﺑﺔ ﻟﻛﻝ ﻣﺎ ﻳطرأ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم، وإﺣﺗرام اﻟﻘواﻧﻳن واﻟﻣواﺛﻳق اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم ﺳﻳر اﻷﻣور، ﻻ ﺗﻘـف ﻋﻧـد ذﻟـك اﻟﺣـد ﺑـﻝ ﺗـرﺗﺑط اﻟﺗوﻋﻳﺔ اﻷﻣﻧﻳﺔ ﻣن ﺣﻳث ﻛوﻧﻬﺎ إﻋﻼﻣـﺎ ﺑﺟواﻧب ﻧﻔﺳﻳﺔ وﺳﻠوﻛﻳﺔ ﻟﻠﻔرد واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ، ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻧﻲ اﺳﺗﺛﺎرة ﻟﻠوﻋﻲ وﺗﻧﻣﻳﺗﻪ ﺗﺟﺎﻩ ﻗﺿﻳﺔ أو ﻗﺿـــﺎﻳﺎ ﻣﻌﻳﻧـــﺔ ﺑﻬـــدف ﺗﻐﻳﻳـــر اﻷﻧﻣـــﺎط اﻟﺳـــﻠوﻛﻳﺔ، أو ﺗﻐﻳﻳـــر وﺗﻌـــدﻳﻝ اﺗﺟﺎﻫـــﺎت اﻟـــرأي اﻟﻌــﺎم ﺗﺟــﺎﻩ ﻫــذﻩ اﻟﻘﺿــﺎﻳﺎ ﻣــن اﺗﺟﺎﻫــﺎت ﺳــﻠﺑﻳﺔ إﻟــﻰ اﺗﺟﺎﻫــﺎت إﻳﺟﺎﺑﻳــﺔ، أو ﻣــن ﺗﻌــﺎطف إﻟﻰ رﻓض وﻣواﺟﻬﺔ ﺣﺳب طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻘﺿﻳﺔ وﺗﺄﺛﻳرﻫﺎ ﻓـﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣـﻊ واﻟﻣوﻗـف اﻟـذي ﻳﺗﻌـﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﺗﺧﺎذﻩ ﻣﻧﻬﺎ، وﻣﺟﺎﻻت التوعية اﻷﻣﻧﻳﺔ متعددة المجالات، اﻟﺗوﻋﻳــﺔ ﺑﺗﻌـــدد وﺷــﻣوﻟﻳﺔ ﻣﻬــﺎم اﻷﻣــن اﻟﻌـــﺎم ﻓــﻲ أي ﻣﺟﺗﻣــﻊ ﻣـــن أﻣـﺎم اﻹﻋــﻼم ﻓــﻲ ﻣﻛـﺎن ﻣــﺎ أﺻـﺑﺢ اﻟﻣﺟـﺎﻝ رﺣﺑــﺎ ً اﻟﻣﺟﺗﻣﻌـﺎت
، ﻓﻛﻠﻣـﺎ ﻛــﺎن اﻷﻣـن ﻣﻬـددا لتولي دورﻩ اﻟﺗﺛﻘﻳﻔﻲ اﻟﺗوﻋوي وﻫﻧــﺎك ﻣﺟــﺎﻻت ﺗﻌﺗﺑــر ﻣــن ﺻــﻣﻳم اﻟﻌﻣــﻝ اﻟﺷــرطﻲ، ﻛﺎﻟﻌﻣــﻝ ﻓــﻲ ﻣﺟــﺎﻝ ﻣﻛﺎﻓﺣــﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ، وﺗﺳﻳﻳر اﻟﻣرور، وأﻋﻣـﺎﻝ اﻟـدﻓﺎع اﻟﻣـدﻧﻲ، وﺣﻣﺎﻳـﺔ اﻟﺑﻳﺋـﺔ وﺻـﻳﺎﻧﺗﻬﺎ.
الأزمة هي لحظة حرجة لا تنفع معها الحركة الروتينية المعتادة؛ لأنها لحظة غير معتادة تتطلب سرعة الحركة واتخاذ القرار السريع، عبر بث المعلومة، التي في غيابها تكثر التكهنات، كما أن غياب المعلومة يوحي بأن هناك شيئا ما يتم إخفاؤه أو الخشية من الإعلان عنه، وهذه بداية تصاعد الأزمة وخروجها عن السيطرة.
وتختلف الأزمة عن المشكلة، التي لا تتحول إلى أزمة إلا إذا تم تجاهلها أو حلها في بدايتها ثم تناولها إعلاميا بشكل سلبي، أي أن بداية الأزمة تصدر عن وسائل الإعلام، وهنا تكون بداية النشر. ولأن المدرسة الإعلامية الغربية تعيش على الأحداث المثيرة وغير المألوفة، وكذلك على الأزمات باعتبارها تحوي قصصًا إنسانية تشد القارئ أو تثير فضوله؛ فافتتاح مستشفى أو بناء عشرة آلاف مسكن أو تعبيد طريق، لا تحتل العنوان الرئيس من الصحف، عكس تسرب النفط من عَبّارة أو غرقها أو انخفاض أرضي أودى بحياة مئات الأسر، أو أزمة اقتصادية أو انهيار للبورصات.
وبالتبعية فإن هذا هو حال إعلامنا العربي، الذي لم يرد أو لم يستطع أن يضع لنفسه خارطة تختلف عن المدرسة الغربية، التي تقدم مادتها إلى جمهور يختلف في تكوينه الثقافي وفي إطار يختلف.
إن إعلامنا العربي سار على نفس خطوات الإعلام الغربي، فأصبحت الأزمات هي الزاد الذي يعيش عليه، باعتبارها تصنع جماهيرية المقدم الذي يريد أن يصفق له الجمهور، وكذلك القناة التليفزيونية أو الصحيفة، على اعتبار أنه كلما زادت الإثارة زادت نسبة المشاهدة، وبالتبعية زاد إقبال المعلن عليها. وفي حال وجود أخطاء فلا بأس في أحسن الأحوال من الاعتذار، أو حتى التعديل دون تنويه أو اعتذار، فالقارئ أو المشاهد سريع النسيان، وكيف له أن يتذكر في ظل تلك الزحمة والضجيج الذي لا ينقطع!
لذا، فمن يتابع ما تنشره بعض الصحف أو تبثه الفضائيات العربية المتخمة ليلا ببرامج “التوك شو” التي تسبب عسرا للفهم وارتباكا في المشهد الإعلامي على عموميته، رغم أن بعض هذه البرامج لها دور لا ينكر في إيصال صوت المهمشين وإلقاء الضوء على ساكني المقابر في بعض البلدان، إلا أن صناعة الأزمات أصبحت زادا يوميا يصدر للمشاهد، سواء بين الدول بعضها البعض أو بين مكونات المجتمع الواحد.
ألم تقم وسائل الإعلام ببث حالة من الفزع، من مرض انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير، وأغلقت المدارس أبوابها في بعض الدول خوفا على أبنائها من هذا المجهول، الذي قيل عنه إن له دورة ثانية وثالثة يتحور فيها، للدرجة التي تم خلالها حصر مبدئي لما قد يقع من ضحايا في كل مرحلة بشكل مفزع، ليتضح لنا بعد ذلك أن تلك الأمراض رغم وجودها، إلا أن تقديمها بهذا الشكل كان ظاهرة إعلامية في المقام الأول، ثم اختفى الحديث عنها وكأن شيئا لم يكن، بعد أن حققت شركات العقاقير العالمية أهدافها وسوقت ما لديها من مخزون.
إن الخطورة تأتي من أن بعض الفضائيات والصحف في عالمنا العربي، تتبع المدرسة الشعبوية للإعلام، إن جاز التعبير، وهي مدرسة تلعب على مشاعر الجماهير في كل الحالات، سواء كانوا على صواب أم خطأ، وهنا تفقد الوسيلة دورها التنويري والتوجيهي والإرشادي. ثم يأتي انتزاع الكثير من النصوص من سياقها وتقديمها للجمهور، أو تعظيم حالات فردية وتقديمها على أنها ظاهرة، فضلا عن إشاعة حالة من الإحباط العام، وهو من أخطر الأزمات التي يصدرها الإعلام للمشاهد.
إن كثيرا من الحروب يبدأ على شاشات التليفزيون قبل أن يبدأ على أرض الواقع، كما أن العلاقات بين الدول تديرها شاشات التليفزيون أحيانا قبل السفارات والهيئات الدبلوماسية، بل إن الدبلوماسية في أوقات كثيرة تستنزف كثيرا من طاقاتها في رتق الخرق وجبر الكسر، وإطفاء الحرائق التي يشعلها بعض الإعلاميين عبر الفضائيات العربية، وهم يقاتلون في قضايا وهمية أو يسعون لمصالح ضيقة أو بطولة زائفة، بصرف النظر عن علاقات الشعوب ومصلحة الأمة.
وهنا أقول إن إدارة الأزمة تتطلب من المسؤول أن يكون على صلة بوسائل الإعلام، وأن يكون هو المصدر الرئيس للمعلومة؛ لتنقطع ـ بالتالي -المصادر التي تجتهد في ما لا تعلم، وأن يملك شجاعة الاعتذار عن الخطأ إن حدث، بما يضفي له المصداقية، وبما يجعل الأزمة -أحيانا -فرصة للتصحيح إذا تم تجاوزها بشكل سليم؛ على اعتبار أن السم الذي لا يقتلني يحييني، خاصة وأن الأزمة قد تؤرق أو تعيق عمل المؤسسة المعنية بها لفترة، لكنها لا تقضي عليها، شرط أن تملك مهارة مخاطبة الجماهير ووسائل الإعلام.
لذا، فمن الأهمية بمكان أن يكون هناك فريق لإدارة الأزمات يحدد متحدثا رسميا، يجسر العلاقة بين المؤسسة التي ينتمي إليها وبين مختلف وسائل الإعلام، ويمدها دائما بالحقيقة الأولى التي يصعب محوها في غالب الأحيان…
وفي التعامل مع الأزمات ليس المهم ما حدث، ولكن المهم ما يعتقد الناس أنه حدث، وهذا يحتم أن يتم التعامل مع ما يتصورونه هم، لا وفق تصوراتنا نحن؛ حتى لا نكون في واد وهو في واد آخر، وأن يضع المسؤول نفسه مكان الجمهور، لكي يستطيع أن يتفهم مشاعرهم ويتعاطف معها، ويشعرهم بأنه معهم، وأن يخاطبهم بما يحبون أن يسمعوه، لا من باب امتصاص غضبهم وحسب، بل من باب مد جسور الثقة بين أطراف الأزمة، وهذا هو الأهم لما يليه من إجراءات.

إن الإعلام في العالم العربي لا يجب أن يكون صانعا للأزمات أو مصدرا لها، كما أن الأدوار المنوطة بوسائل الإعلام في أوطاننا لا بد أن تتوافق وطبيعة الظروف المحيطة بنا، فضلا عن السعي للبناء لا الهدم، وطرح القضايا الحقيقية، دون افتعال قضايا وهمية واللعب بمشاعر المشاهدين وعقولهم، وتغليب الصالح العام على المصالح الضيقة. هنا يستطيع الإعلام بحق أن يدير الأزمات، لا أن يصدرها ويقتات عليها.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.