رحلة التحول: ابن عطاء السكندري من تلميذ إلى معلم في مدرسة الشاذلية

رحلة التحول: ابن عطاء السكندري من تلميذ إلى معلم في مدرسة الشاذلية

ريهام طارق

رحلة التحول: ابن عطاء السكندري من تلميذ إلى معلم في مدرسة الشاذلية

الحكم العطائية: رحلة إلى عمق الروح وتواصل مع الله

رحلة القديسين في أرض مصر: إسهاماتهم الروحية والإنسانية

أعطى الله لمصر مكانة خاصة بفضل العديد من الكرامات، بداية من كونها موطنا و قبلة الأنبياء عبر العصور، و استقطابها لـ الصالحين الذين جاءوا إليها أو ولدوا فيها. 

تضم أرض مصر في طياتها أجساد 70 من آل البيت، متناثرين في كافة أنحائها، إلى جانب العديد من المقامات لأولياء الله الصالحين في منطقة القبور المعروفة بـ”قيع مصر”، سواءً في صفحة جبل المقطم أو البهنسة أو غيرها من الأماكن.

و في هذا المقال، سنعرض حياة أشهر هؤلاء الأولياء الصالحين:

رحلة عطاء السكندري: من تلميذ إلى معلم في مدرسة الشاذلية

تتناول مقالة هذا الأسبوع حياة الشيخ أحمد ابن محمد ابن عبد الكريم ابن عطاء الله تاج الدين، المعروف بابن عطاء السكندري، الذي كان تلميذا للشيخ أبي الحسن الشاذلي، ويُعرف أيضًا بـ”أبو العباس المرسي”، في زمنه.

كان ابن عطاء شيخًا جديدًا ينطق بمذاهب الصوفية، ورحل عن هذه الدنيا في منتصف شهر جمادى الآخرة من عام 709 هـ، داخل المدرسة المنصورية على سفح جبل المقطم في القاهرة، حيث يتواجد مسجده ومقامه، واللذان يستقطبون زوارًا من مصر ومن مختلف أنحاء العالم، خصوصًا من دول شرق آسيا، ويعتبران محطة للمريدين والمحبين لهذا التوجه الروحي.

في زمنه، كان ابن عطاء شيخًا جديدًا ينطق بمذاهب الصوفية، ورحل عن هذه الدنيا في منتصف شهر جمادى الآخرة من عام 709 هـ، داخل المدرسة المنصورية على سفح جبل المقطم في القاهرة، حيث يتواجد مسجده ومقامه، واللذان يستقطبان زوارًا من مصر ومن مختلف أنحاء العالم، خصوصًا من دول شرق آسيا، ويعتبران محطة للمريدين والمحبين لهذا التوجه الروحي.

الحكم العطائية: رحلة إلى عمق الروح وتواصل مع الله

“الحكم العطائية” هو عنوان أول مؤلف للشيخ ابن عطاء الله السكندري، حيث يضم 264 حكمة مبتكرة، مصنفة في أربعة أبواب تغمر مفاهيم التوكل، و تطويع النفس، والسلوك، والأخلاق، ومناجاة الله. على الرغم من الكثير من المعترضين على هذا الكتاب و محاولاتهم لـ فهمه، فإنه لا يزال مليئا بـ الأسرار التي لا يمكن لأحد أن يعرف كيف وجدت طريقها إلى صفحاته.

تميز الإمام ابن عطاء الله في حكمته ومنهجه، حيث لم يسبقه أحد في التعبير عن الجوانب الروحانية بالطريقة التي ابتكرها، خاصة فيما يتعلق بـ مناجاة الله، التي تتسم بـ الروعة والتجرد.

يقول العلماء إنها كانت كـ الحديث للروح عن أسرار الجنون، حيث تتلألأ بجواهر مذهلة، ولا يعدّ ذلك بالمستغرب عن عالم وشيء كـ أحمد بن عطاء الله.

الإمام أحمد بن عطاء الله، بفكره المتألق وحكمته العميقة، أثرى التصوف ببصيرته وروحه السامية، فأضاء دروب الباحثين عن الحقيقة بضياء لامع. فكتابه “الحكم العطائية” ليس مجرد مجموعة من الأقوال، بل هو خزان للحكم والنصائح العميقة التي ترشد الروح وتنير العقل.

إنها رحلة إلى عمق الذات وتواصل مع الله، حيث يتجلى التجرد والتفاني، و تنبعث الروحانية والتأمل، فقد ترك الإمام أحمد بن عطاء الله بصمة لا تمحى في عالم التصوف، وباقي للأجيال قادمة كمصدر إلهام وهداية. 

الحكم العطائية: رحلة الوصول إلى الله وتجليات العشق الصوفي

إن كتاب الحكم العطائية يعتبر قطعة أثرية تمتزج فيها كلمات من ذهب، تبدو بسيطة للوهلة الأولى ولكنها تحمل معاني عميقة يصعب فهمها والوصول إلى مقاصدها للكثيرين.

يشكل أيضا مناجاة نادرة لأحد أشهر الأولياء مع ربه، ممزوجة بخشوع تام، وفيه لحظات تعتبر لحظات الوصول الحقيقي إلى الله ومعرفته بحقيقته، ويتجلى فيه العشق الصوفي للخالق. 

قال الإمام الذهبي عن ابن عطاء السكندري إن له جلالة عجيبة تأثرت بها النفوس، وشارك في الفضائل ودراسته علماء الأزهر، ولذلك تجد هذا الكتاب محط اهتمام الكثيرين، وحصل على شروح متعددة، مثل شرح الرندي وشرح الشرقاوي، وما زال يستمد الباحثون والدارسين منه أفكاراً و أضواء غير متوقعة لهم كما يركز هذا الكتاب على الفهم العميق للعلاقة بين الإنسان و خالقه، ويعكس تجربة روحية عميقة تسعى إلى الوصول إلى الله بخشوع وتفكر، وبفضل الشروح المتعددة والدراسات المستمرة.

يبقى كتاب الحكم العطائية مصدر إلهام وتأمل للباحثين والرواد الروحيين حتى اليوم، حيث يستمر في تجديد الإيمان وتعميق الفهم لأسرار الوجود والعلاقة بالخالق.

رحلة التأمل والتواضع: لقاء مع سيدي بن عطاء الله السكندري

قال الإمام ابن النحوي، رحمه الله، إنني حضرتُ مجلسَ سيدي بن عطاء الله السكندري، وهو في ذلك اليوم كبير علماء أهل التصوف في عصره. فعندما نظرتُ إليه وأعجبتُ من علومه، تساءلتُ في نفسي عن مقامه في تلك الدرجات الروحية، فأجابني الشيخ بحكمة، قائلاً: “في مقام المذنبين العاصين، يا ابن النحوي.” فاندهشتُ من ذلك ولزمت الصمت تقديراً لهيبته، ثم سلمت عليه وانصرفت. وفي تلك الليلة، رأيتُ في منامي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحوله الصحابة الكرام والناس مجتمعون. فسألني رسول الله: “أين تاج الدين بن عطاء الله؟” فأجبته بالإيمان. فأمرني رسول الله بالكلام، قائلاً: “قم وتكلم، فإن الله يحب كلامك.” فاستيقظتُ مذهولاً، وذهبتُ لسيدي ابن عطاء الله، وسمعته يتحدث بنفس الكلام الذي قاله رسول الله في المنام. فعلمتُ أنه هو المقام المناسب، وتبسم وقال: “وما كان خفياً عنك كان أعظم يا ابن النحوي.”

فعندما رآني سيدي ابن عطاء الله متعجباً، أكملتُ قائلاً: “فعلمتُ أنه ليس بالصدفة أن تتحقق كلمة النبي صلى الله عليه وسلم في حقك، فإنك تشعر بقربك من الله وتعلمنا دروس الحب والتواضع.” فابتسم الشيخ مرة أخرى، وقال: “الحمد لله الذي أفضلنا بالعلم والإيمان، والذي أظهر لنا مناسبة القلوب.” ومن ثم، تركني بأفكار مليئة بالتأمل في عظمة الله وعمق حكمته.

تنوع مؤلفات الإمام ابن عطاء السكندري: رحلة في عمق العلم والتصوف

الإمام ابن عطاء السكندري ليس مؤلفًا وحيدًا، بل له مؤلفات كثيرة ومتنوعة، ذكرها العديد من العلماء، ومن أبرزها “الحكم العطائية” التي اعتبرها كثيرون من العلماء كتابا رائعًا في تفسير الحكم وتبيان معانيها العميقة، هدفها إلقاء الضوء على طريقة العارفين و الموحدين، وإيضاح منهج السالكين، بجانب “الحكم العطائية”، له العديد من الكتب الأخرى مثل “التنوير”، و”مفتاح الفلاح”، و”تاج العروس”، و”عنوان التوفيق في آداب الطريق”، حيث قدم فيها شرحاً لقصيدة “الغوث أبو مدين”. كما كتب “القول المجرد في الاسم الفرد”، وهو من الكتب الأخرى التي تعكس عمق فهمه وتأثيره في العلم والتصوف، ويظهر من خلال هذه المؤلفات تنوع اهتمامات الإمام ابن عطاء السكندري وعمق معرفته في العلوم الشرعية والصوفية، حيث استطاع أن يلقي بالضوء على جوانب مختلفة من الدين والروحانية، كانت أعماله مصدر إلهام وتأمل للعديد من العلماء و المتصوفين عبر العصور، ولا تزال مؤلفاته موضع اهتمام ودراسة في العالم الإسلامي حتى يومنا هذا.

مقتطفات من الحكم العطائية:

_ لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين.

_ ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك. 

_ من أثبت لنفسه تواضعا فهو المتكبر حقا إذ ليس التواضع إلا عن رفعة فمتى أثبت لنفسك تواضعا فانت المتكبر اذ ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع لكن المتواضع هو الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع.

_ العلم النافع هو الذي ينبسط في الصدر شعاعه وينكشف عن القلب قناعه.

_ اذا علمت ان الشيطان لا يغفل عنك فلا تغفل أنت عما ناصيتك بيده تجعله لك عدوا ليحوشك به إليه وحرك عليك النفس لتديم اقبالك عليه.

_ التواضع الحقيقي هو الناشئ عن شهود عظمته وتجلي صفته.

_ لا يخرجك عن الوصف الا شهود الوصف المؤمن يشغله الشاغل لله عن ان يكون لنفسه شاكرا وتشغله حقوق الله عن ان يكون لحظوظه ذاكرا.

_ ليس المحب الذي يرجو من محبوب عوضا أو يطلب منه غرضا فإن المحب من يبذل لك ليس المحب من تبذل له.

_ لا مسافه بينك وبينه حتى تطويها رحلتك ولا قطيعه بينك وبينه حتى تمحوها وصلتك.

_ جعلك في العالم المتوسط بين ملك وملكوته ليعلمك جلال قدرك بين مخلوقاته وانك جوهره تنكوي عليك اصداف مكوناته وسعك الكون من حيث جثمانيتك ولم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك.

_ لا يلزم من ثبوت الخصوصيه عدم وصف البشريه انما مثل الخصوصيه كاشراق شمس النهار ظهرت في الافق وليست منه.

_ الفكره فكرتان فكره تصديق وايمان وفكره شهود وعيان فالاولى لارباب الاعتبار والثانيه لارباب الشهود والاستبصار.

_ وجد ان ثمرات الطاعه عاجلا بشائر العاملين بوجود الجزاء عليه اجلا.

_ كيف تطلب العوض عن عمل هو متصدق به عليك ام كيف تطلب الجزاء عن صدق هو مهديه اليك.

_ قوم تسبق انوارهم اذكارهم وقوم تسبق اذكارهم انوارهم وقوم تتساوى اذكارهم وانوارهم وقوم لا اذكار ولا انوار نعوذ بالله من ذلك.

_ فاكر ذكر ليستنير قلبه فكان ذاكرا وذاكر استنار قلبه فكان ذاكرا والذي استوت أنواره وأذكاره فبذكره يهتدي و بنوره يقتدي.

_ ما كان ظاهر ذكر الا عن باطن شهود وفكر اشهدك من قبل ان استشهدك فنطقت بألوهيته الظواهر وتحققت بأحذيته القلوب والسرائر.

_ اكرمك ثلاث كرامات جعلك ذاكرا له ولو لا فضله لم تكن اهلا لجريان ذكر عليك وجعلك مذكورا به اسحقق نسبته لديك وجعلك مذكورا عنده ليتم نعمته عليك.

_ أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون فإذا شهدت كانت الأكوان معك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.