الدراما التركية: سحر ثقافي وترفيه أم تهديد للهوية المصريه؟

الرجل المصري بين ظلم الصورة وضغط المقارنات

خلال العقدين الماضيين، تحولت الدراما التركية إلى موجة جارفة اجتاحت البيوت المصرية، لتصبح أكثر من مجرد قصص تُروى على الشاشة.

بقلم: ريهام طارق 

بل باتت الدراما التركية مرآة تعكس مشاعر الحب و الفقد والتضحية، مما جعلها تنغمس في وجدان المراه المصرية وكأنها خلقت خصيصا لأحلامها وتطلعاتها.

أبطال مثل “لميس ويحيى، نور و مهند، فاطمة، كريم”، لم يكونوا مجرد شخصيات عابرة، بل رموز إنسانية تركت بصمتها في قلب المرأة المصريه و كأن تلك القصص تتحدث بلغة قريبة من وجعها الذي يبحث عن الحب في ظل ضغوط الحياة اليومية.

المرأة المصرية بين الواقع والحلم الدرامي:

وجدت المرأة المصرية، في الدراما التركية، في زحمة الحياة اليومية و ضغطها متنفسا يعيد لها الإحساس بالرومانسية والحب الذي قد حرمتها منه متاعب واقع الحياة ، وأصبحت تلك القصص المليئة بالتفاني و الولع أكثر من مجرد ترفيه، بل عزفت على أوتار الحنين لأيام كانت فيها المشاعر أنقى وأبسط ومع الوقت، باتت تلك المشاهد المثالية تقودها لمقارنة الرجل المصري ببطل الروايات التركية، الذي لا يتردد في التضحية بنفسه من أجل حبيبته، لتتحول هذه المقارنات إلى سلاح يهدم العلاقات الواقعية وحولت البيوت الهادئه إلي ساحات حرب.

اقرأ أيضاً: صبا مبارك ودورها في “وتر حساس”: تجربة فنية ونقلة نوعية بكامل عناصرها  

التأثير السلبي عندما تتجاوز الدراما حدود الترفيه :

لم يتوقف تأثير الدراما التركية عند المشاعر، بل تسلل إلى عمق الثقافة المصرية، من تقليد أزياء الأبطال إلى استلهام ديكورات المنازل وحتى أنماط الحوار، أصبحت هذه الأعمال جزءًا من تفاصيل الحياة اليومية لربه المنزل البسيطة، ومع ذلك، لم يكن التأثير إيجابيا بالكامل، بل أدى إلى قلب معايير العلاقات العاطفية، حيث شعرت النساء بالإحباط نتيجة الفجوة بين الواقع وما تقدمه الشاشة.

الرجل المصري بين ظلم الصورة وضغط المقارنات:

على الجانب الآخر، تعاني الدراما المصرية من تقديم صورة مشوهة للرجل المصري، حيث يظهر الرجل المصري دائما بصورة الرجل المزواج، القاسي، الخائن، أو حتى النرجسي، وأن كان رجل صالح تراه مريض أو يعمل في أعمال مخالفه للقانون هذا التوجه أصبح، للأسف، نمطا متكرر في الأعمال الدراما التلفزيونية المصرية، مما  جعل الضغط على الرجال يزيد بصورة دائمة لمجاراة معايير لا تمت للواقع بصلة، سواء من الدراما التركية أو المصرية.  

في نفس الوقت التي تثري الدراما التركية المشاهده المصرية بتجارب درامية ممتعة، مما تسبب في تغيرات غير محسوبة في حسابات المبادئ والقيم الاجتماعية، التي نشأنا عليها ، وأمام هذا التأثير، يبرز التساؤل:

كيف نحافظ على هويتنا الثقافية دون أن نحرم أنفسنا من متعة تلك القصص؟  

الحل يكمن في بناء وعي نقدي يوازن بين الاستمتاع بمحتوى الدراما التركية والحفاظ على الهوية الثقافية المصرية ومن جهه أخرى، يتطلب الأمر تعزيز الإنتاج المحلي بقصص تعكس واقعنا بجاذبية تنافس الإنتاج الأجنبية الذي بات منافسا شرسا لنا.  

في النهاية، يبقى السؤال مفتوحا:

هل نستطيع الاستمتاع بسحر الدراما التركية دون أن نفقد توازننا الثقافي؟

الإجابة ببساطه تعتمد على وعي المشاهد، وذكاء الانتقاء، وقوة الإنتاج المحلي الذي يعيد صياغة أحلامنا بطريقة لا تنفصل عن واقعنا وتعيد بناء القيم التي نشأنا عليها، وبث افكار تعيد بناء النفس وتهدئتها والتوجيه الايجابي كيف نتعامل مع شريك الحياة وفقا للواقع الذي نعيش فيه وليس الذي نراه علي الشاشه وهذه مسؤولية الكتاب المصريين التي تمتلأ الساحه الفنيه بهم.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.