غياب ميادة بسيليس.. والسوريون “يغمرهم الحنين”
غياب ميادة بسيليس.. والسوريون “يغمرهم الحنين”
في مثل هذا اليوم من العام الماضي، ودع السوريون الحنجرة الحلبية ميادة بسيليس، التي رافقت أجيالاً من أبناء سوريا بأغانيها وحضورها الراقي، وسيرتها المشرقة.
ميادة، السيدة التي تشبه بعفويتها وطلتها الطبيعية، وضحكتها الرقيقة، النساء السوريات، أمهات وموظفات، في العمل والبيوت، فدخلت القلوب بإطلالاتها القريبة من الجميع.
وحفرت كلمات أغانيها في ذاكرة السوريين، حين كانت تطل عبر شاشة التلفزيون الرسمي، بأغنياتها السورية، فلازلنا نكرر من بعدها “مافي شي مستاهل.. مافي شي حرزان”.
وعرف جمهورها معنى “الكذب الحلو”، والحبيب “الطيوب” وأمثاله ممن “ما راحوا إلا وأخدوا معهن روحي”، وسألوا معها “مين قلك ترمي شراعك لآخر مدى”، وحالهم “ضايعين عم نفتش على ضايعين”.
ورحلت “ميادتنا” بعد صراع مع مرض السرطان عن عمر 54 عاماً وبعد رحلة فنية حافلة، أخفت فيها ألمها في سنواتها الأخيرة، إلى أن أعلن زوجها، الموسيقار سمير كويفاتي عن حالتها الصحية قبل أسابيع من وداعها.
وطلب حينها “كويفاتي” من الجميع الدعاء والصلاة لها لتتجاوز هذه المحنة، وفي تلك الأثناء كانت تراجعت حالتها الصحية خاصة بعد وفاة والدها بأيام وإصابتها بمرض السرطان وخضوعها للعلاج لفترة امتدت أكثر من عام ونصف العام.
حياتها
ولدت المبدعة الراحلة ميادة بسيليس عام 1967 في مدينة حلب، وبدأت مشوارها الغنائي منذ سن التاسعة عبر إذاعة حلب.
وصدر لها 14 ألبوما منذ العام 1986، حيث كانت البداية مع البوم “يا قاتلي بالهجر” وهي أغنية من الفلكلور السوري القديم.
لكن مسيرتها الفنية تمتد منذ العام 1976، حين سجلت دور أصل الغرام في إذاعة حلب وكانت الأولى في برنامج الهواة، وفي عام 1978 قدمت أوبريت “ملكة القطن والشمس”.
ونالت الراحلة ميادة بسيليس كأس أجمل صوت في مهرجان الطلائع، وفي عام 1979 دعتها إذاعة حلب للمساهمة في برنامج ” حكايات عمو رضوان ” بأغنية تغنيها في ختام كل حلقة.
وشاركت في مهرجان بغداد لغناء الناشئين وحصلت على جائزتي أجمل صوت وأجمل أداء، وفي عام 1982 قدمت أوبريت “عروس القلعة” وحفلاً غنت فيه مجموعة من الأغاني التراثية والشعبية.
وفي عام 1995 شاركت في حفل افتتاح القناة الفضائية السورية وفي مهرجان الأغنية السورية الثاني، وفي عام 1998 ساهمت في تقديم الليلة السورية في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة.
وفي عام 1999 نالت الدرع التذكارية عن أغنيتها: “حنينة” من مهرجان عيد الأم في عمان – الأردن، وأقامت حفل على مدرج قلعة حلب ضمن فعاليات مهرجان بصرى.
وأقامت حفلتين في دار الأوبرا : مدريد – إسبانيا للجالية السورية، وقدمت حفل في قصر الأونيسكو بيروت – لبنان، وأقامت حفل للجالية السورية في لوس أنجلوس -الولايات المتحدة الأمريكية.
وأقامت حفل في مجمع (The Palace Of Fine Art) للجالية السورية في سان فرانسيسكو، وشاركت في مهرجان المدينة تونس بحفلتين في المسرح البلدي، كما نالت “الأورنينا الذهبية” عن أغنية “هوى تاني”.
وفي عام 1996 نالت جائزة أورنينا الذهبية عن قصيدتها “حنين”، وحصلت على جائزة أورنينا لأفضل أداء وحضور، كما نالت جائزة أورنينا الذهبية عن أغنيتها ” ياغالي” (مهرجان الأغنية الخامس 1998).
ونالت جائزة أورنينا عن أغنية “كذبك حلو” كأفضل أداء وحضور مسرحي (مهرجان الأغنية السورية الرابع 1998)، ونالت عليها أيضاً الجائزة الذهبية من مهرجان القاهرة.
والملاحظ في أغاني “بسيليس” تنوع أغانيها من خلال كل ألبوماتها بالكلمات والألحان بين تجديدها للفلكلور وإنشادها للترانيم الدينية المسيحية وحفاظها على شكل الأغنية العربية الراقية.
وتعتبر أغنيتها “كذبك حلو” التي حازت على الجائزة الذهبية كأفضل أغنية عربية في العام 1999 بمثابة جواز سفرها نحو عالم الشهرة.
في عام 2010 صدر لها ألبوم بعنوان “إلى أمي وأرضي” وهو عمل تأخر موعد صدوره كثيراً و لكنه كان في المستوى الذي اعتاده جمهور ميادة منها.
وقامت أيضاً خلال مسيرتها الفنية بغناء العديد من الشارات لمسلسلات كبيرة مثل: “إخوة التراب” و”أيام الغضب”، “أبناء القهر”، “بنات العيلة”، “حارس القدس” وغيرها من الأعمال.
وأفجع خبر وفاة الفنانة الكبيرة ميادة بسيليس الجماهير والأوساط الفنية السورية من خلال ما نُشِر من صور وأغانٍ للفنانة الراحلة التي تركت أثرها جلياً في قلوب الكثيرين.
يذكر أن الفنانة الصلبة والرقيقة في آن سبق وأن أخفت إصابتها بالمرض عن الإعلام فلم يعلم به إلا المقربون منها، وقاومت تعبها لتقف على خشبة مسرح الأوبرا بكل قوة في العام الماضي حيث غنت حينها لساعتين متواصلتين، بالرغم من خوف الطبيب المتابع لحالتها حينها من هذه الخطوة.
يا “ميادتنا”.. لا زال غيابك موجع “لأبناء القهر”، و”الحنين يغمرنا” كلما مرت على مسامعنا أغنية أو ترتيلة يصدح صوتك فيها، وفي كل كلمة حب ودمعة وفاء من المايسترو “كويفاتي” حين يحدثنا عن شراكتك ووجع مغيبك.