فضل التسامح والعفو قبل البدء في صيام شهر رمضان الكريم

فضل التسامح والعفو قبل البدء في صيام شهر رمضان الكريم

ريهام طارق

 

نستعد لاستقبال شهر رمضان الكريم في الأيام القليلة المقبلة، وفي هذا الشهر تتضاعف فيه الحسنات و تمحى السيئات، فهو شهر من أعظم شهور السنة، ولعلها فرصة لكل مذنب وعاصي للتوبة لأنه شهر الغفران والرحمة والتسامح، والهدف من الصيام ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب، بل جاء رمضان في الأساس، لـ تهذيب النفس وتدريبها على الأخلاق الحميدة ومن أهمها التسامح والعفو، قال الله تعالى: “فمن عفا وأصلح فأجره على الله والله لا يحب الظالمين” أي أن من عفا عمن أساء إليه، وهو قادر على رد الإساءة بالإساءة كان أجر عفوه على الله، وغفر الله له، العبد المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده.

 

أعمال المتخاصمين لا تعرض على الله تعالى:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا يحلُّ لمسلم أن يَهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يَلتقيان، فيُعرض هذا، ويُعرِض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”، وما من عمل أفضل من أن تُرفع الأعمال الصالحة إلى الله عز وجل أثناء الصيام، بشرط أن تكون القلوب صافية و نقية مِن شوائب الحقد و الكراهيه.

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “تعرض الأعمال على الله يوم الإثنين والخميس، فيغفر لكل مسلم لا يشرك بالله شيئًا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول الله دعوا هذين حتى يصطلحا”،  وهذا تأكيدا علي أن أعمال المتخاصمين لا تعرض على الله تعالى.

العفو والتسامح هم أفضل سبل الرحمة:

العفو والتسامح هم من أفضل سبل الرحمة ولين القلب، وهما صفتان يتسم بها الإنسان المؤمن عن حق، وجاء الإسلام ليبني المجتمع على مكارم الأخلاق والتي منها العفو والتسامح، فعلى الإنسان أن يكون صبوراً واسع الصدر ولا يغضب بسهولة، وتفويض أمره لله هو أعظم ما يمكن أن يفعله المسلم، فمن السهل أن تتعلم التسامح ولكن من الصعب تطبيقه لأنه يحتاج إلى صبر ونفس قوية مؤمنه ولديها يقين بالله، بمعنى أنك كلما تذكرت من ظلمك، تعفو عنه وتتمنى له الهداية وستجد الأجر والثواب من عند الله.

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} ، وهي ما تعني أن تدفع الأذى بـ المسامحة ورد الأذى بالعفو لأن الإنسان لو رد كل ظلم قابلة لتحولت الأرض إلى غابة وصراعات ليس لها نهاية.

 

العين بالعين والسن بالسن و البادئ أظلم:

حثنا ديننا الإسلامي على الإخاء والمودة، و حرَّم التقاطع بين الإخوان، و حثنا على أن نعفو عن من أساء إلينا ونترك الظالم ابتغاء وجه الله تعالى، ولكن للأسف البعض يفسر هذا التسامح بأنه ضعف وهزيمة للمتسامح، ويعيشون بمبدأ، “العين بالعين والسن بالسن و البادئ أظلم”.. لا يقبل بالتسامح ولا يعفو عن الناس فتراه قاسي القلب و غليظ الأسلوب، ولا يمتلك المرونة في التعامل مع الآخرين لأنه لا يتغافل عن أي حق له مهما كان حجمه، وهذا النوع من البشر يعيش حياته كلها في قلق وخوف وتوتر ويفقد إحساسه بالأمان، وراحه البال ، و يوهم نفسه في الظاهر أنه قوي ومنتصر لأنه نجح في أخذ حقه بيده، بينما في قرارة نفسه يشعر بالضعف والخوف.

تسامح وكرم أخلاق رسولنا الكريم:

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في تسامحه مع جاره اليهودي الذي كان يؤذيه، حيث كان يأخذ الشوك والقاذورات ويرمي بها عند بيت رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، ولما يستيقظ يجد هذه القاذورات، كان يضحك “صلى الله عليه وسلم”، ويعرف ان الفاعل جاره اليهودي، فكان نبينا الكريم “صلى الله عليه وسلم” يزيح القاذورات عن منزله ولا يقابل إساءته بالإساءة، ويعامله برحمة ورفق، ولم يتوقف اليهودي عن عادته حتى جاءته في يوم حمى خبيثة، فظل ملازما الفراش يعتصر ألما من الحمى حتى كادت تهلكه، وبينما كان اليهودي نائم في بيته سمع صوت الرسول “صلى الله عليه وسلم” يضرب الباب يستأذن في الدخول، فأذِن له اليهودي فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على جاره اليهودي وتمنى له الشفاء، فسأل اليهودي الرسول “صلى الله عليه وسلم” ، وما أدراك يا محمد أني مريض؟ فضحك الرسول “صلى الله عليه وسلم” وقال له: عادتك التي انقطعت “يقصد نبينا الكريم القاذورات التي يرميها اليهودي امام بابه”، فبكى اليهودي بكاء حارا من طيب أخلاق الرسول “صلى الله عليه وسلم” وتسامح منه، ونطق الشهادتين ودخل في دين الإسلام.

أثر التسامح في الحياة والآخرة: 

كونك شخص متسامح يهبك الله قلب لين و عطوف، يجعلك تكسب رضي الله ونصره في الدنيا فمن أحب الناس وعفا عنهم أحبه الله ونال رضاه، وفي الآخرة ستنال الجنة بإذن الله بسبب عدم إيذاء الغير وأنك كنت دائم العطاء والتسامح والإحسان لكل من حولك، مما له تأثير كبير على انتشار المودة والألفة والمحبة بين الناس، ولكي تضمن أنك مستجاب الدعاء في شهر رمضان عليك أن تسامح أولا لأن عدم العفو يمكن أن يعيق بين المرء ومغفرته، و التسامُح قد يكون السبب في المغفرة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما مِن مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتفرَّقا”.

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كان حقًّا على الله أن يجيب دعاءهما، ولا يردَّ أيديهما حتى يغفر لهما”.

 

في النهاية إن شهر رمضان فرصة ذهبية، لكل المتخاصمين لكي ينتزعوا من قلوبهم الكراهية والحقد و يغرسون بدلا منها صفات الرحمة والتسامح والعفو، لأن هذه السمات من سمات المسلم التقي المؤمن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام”، أخرجه أبو داود والترمذي.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يَلتقيان، فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”، أي أن من يبدأ بالسلام أفضل وأعظم أجرًا عند الله، لأنه الذي بدأ بقرار التسامُح.

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال وكل عام وانتم بخير رمضان كريم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.