فلاش باك: إنترنت يخترق الماضي، كاميرا تسجل الخيانة، وطفل يعيد كتابة المستقبل

كشف الحقيقة وراء المظاهر: مسلسل “فلاش باك” يجسد صراع الذاكرة والخيانة في قالب درامي مثير

كتب باهر رجب

“الحقيقة لا ترى بالعين المجردة، بل تدرك بالقلوب الواعية”

مقدمة: عالم من الأوهام والحقائق المدفونة

في إطار درامي نفسي مشحون بالغموض، يطل مسلسل “ما تراه ليس كما يبدوفلاش باك” كواحد من أبرز حكايات المسلسل الأشمل الذي يحمل العنوان نفسه. تدور الحكاية حول زياد الكردي (أحمد خالد صالح)، مصور جنائي يعيش كابوسا متكررا بعد وفاة زوجته مريم (مريم الجندي) في حادث غامض ليلة رأس السنة. من خلال رحلة بحثه عن الحقيقة، يكتشف أن المظاهر خداعة، وأن ما تراه العيون ليس سوى قشرة رقيقة فوق بحر من الأكاذيب .

الشخصيات المحورية: ثالوث الدراما والصراع

١. زياد الكردي (أحمد خالد صالح)

مصور جنائي يعاني من صدمة نفسية بعد فقدان زوجته. تحوله “الصدفة” في ليلة رأس السنة إلى باحث عن الحقيقة، عندما يكتشف نشاطا غامضا على حساب زوجته المتوفاة. يجسد صالح شخصية معقدة تتراوح بين اليأس والهوس، حيث تدفعه ذكرياته إلى حافة الجنون .

٢. مريم زيدان (مريم الجندي)

فنانة تشكيلية وراقصة سابقة، تظهر في “فلاش باك” كشخصية غامضة. تكشف الأحداث عن علاقتها السامة مع مروان (خالد أنور)، مدرب الرقص، و خيانتها لزياد. حملها من مروان و محاولتها نسب الطفل لزياد قبل وفاتها يشكلان قلب الصراع الأخلاقي .

٣. مروان (خالد أنور)

مدرب الرقص الذي يستخدم جاذبيته للتلاعب بمريم. يجسد أنور شخصية “توكسيك” تنقلب من الحميمية إلى العنف. ظهوره الأول في الحلقة الرابعة يكشف أنه كان في السيارة التي صدمت مريم، ويصل به الأمر إلى الاعتراف بعلاقتهما و خيانتهما لزياد .

الحبكة الدرامية: رحلة في دهاليز الذاكرة والخيانة

1- الصدمة الأولى: إحياء الماضي عبر الإنترنت

تبدأ القصة عندما يعود حساب مريم على وسائل التواصل إلى النشاط بعد عامين من وفاتها. هذا الحدث يقود زياد إلى كشف شبكة من الأكاذيب:

2- اكتشافه أن مريم كانت على علاقة بمروان قبل زواجها، وأنه اعتدى عليها جسديا.

· العثور على رسائل تهديد قديمة من مروان في هاتفها .

3- الذروة: الاعترافات والموت

في الحلقة الرابعة، تتكشف الحقائق بشكل مأساوي:

4- مريم تعترف:

في مكالمة فيديو صادمة، تظهر مريم بكدمات على وجهها وتصر على استمرار علاقتها بمروان رغم عنفه.

4- مروان يفضح نفسه:

يعترف بأنه سبب الحمل، وأن مريم حاولت نسب الطفل لزياد.

5- الغموض يحيط بالحادث:

تكشف “فلاش باك” أن مروان كان في السيارة ليلة وفاة مريم، مما يطرح أسئلة حول ما إذا كان الحادث “قتلا” .

الرمزية البصرية: لغة العيون كأداة سردية

يستخدم المخرج جمال خزيم لغة العيون كرمز مركزي:

مشاهد “الفيديو كول” بين زياد ومريم تعكس تناقض المشاعر: حب ممزوج بالخيانة.

توسع حدقة العين في المشاهد الحاسمة (كاعتراف مروان) يوحي بالصدمة، وهو ما تؤكده دراسات علم النفس بأنه تعبير لا إرادي عن الاضطراب .

الأبعاد الفنية: تأليف وإخراج يحفران في الأعماق

كتابة متقنة (محمد حجاب)

بنى الكاتب حبكته على مفارقة العنوان: “ما تراه ليس كما يبدو”. فمن خلال تكنولوجيا الاتصال (المكالمات، الرسائل)، يتحول الماضي إلى حاضر مؤلم. العلاقة بين مريم ومروان تظهر كيف يمكن للخيانة أن تتحول إلى سجن نفسي .

إخراج بصري (جمال خزيم)

اعتمد خزيم على:

الفلاش باك: كتقنية سردية تكشف تدريجيا خلفيات الشخصيات، مثل حادثة كسر رجل مريم أثناء الرقص.

· الإضاءة المعتمة: في مشاهد زياد المنعزل، لتعكس حالته النفسية.

· اللقطات القريبة: للوجوه أثناء الاعترافات، لتعميق التأثير الدرامي .

الخاتمة: هل الروح نافذة لا تكذب؟

“فلاش باك” ليس مجرد قصة غموض بوليسي، بل دراسة سيكولوجية لـ هشاشة الحقيقة في عصر الصور الرقمية. المسلسل يطرح أسئلة وجودية:

هل يمكن للذاكرة أن تكون سجنا؟

لماذا نثق في عيون من نحب رغم قدرتها على إخفاء الخيانة؟

كما قال الباحثون: “العين نافذة الروح”، لكنها في هذا العمل تصبح أيضا نافذة على الجحيم .

“في النهاية، الموت قد يغفر، لكن الكاميرا – كعين ثالثة – تسجل كل شيء دون رحمة”

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.