في ذكرى ميلادها.. كيف جسدت سناء جميل قسوة الواقع في فنها؟

في ذكرى ميلادها.. كيف جسدت سناء جميل قسوة الواقع في فنها؟

 

 

سناء جميل.. في مثل هذا اليوم، وُلدت الفنانة الكبيرة سناء جميل، واحدة من أهم أعمدة الفن المصري والعربي، التي استطاعت بموهبتها الفريدة وإصرارها الصلب أن تحفر اسمها وسط كبار المبدعين. لم تكن رحلتها سهلة، بل كانت مليئة بالتحديات والانكسارات، لكنها واجهتها بكل شجاعة لتترك إرثًا فنيًا خالدًا.

كتبت: وفاء عبدالسلام

 

في هذا التقرير يستعرض معاكم موقع وجريدة أسرار المشاهير أبرز محطات حياة هذه الفنانة التي استطاعت تحويل الألم إلى فن، والهزيمة إلى انتصار.

النشأة والبدايات: من ثريا إلى سناء جميل

وُلدت سناء جميل في 27 أبريل 1930 بمحافظة المنيا، وكان اسمها الحقيقي ثريا يوسف عطا الله. نشأت في بيئة صعيدية صارمة داخل أسرة متدينة ومحافظة. ورغم أن تعليمها في مدارس فرنسية جعلها تتحدث العربية بصعوبة، إلا أن عشقها للفن دفعها للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

لكن هذا القرار لم يكن سهلًا؛ فحين علم شقيقها بانضمامها للمعهد، طردها من المنزل، لتبدأ سناء مواجهة قاسية مع الحياة، وهي في عمر الزهور. واجهت الفقر والوحدة، لكنها لم تتراجع عن حلمها.

 

الخطوة الأولى نحو المجد: بدايات فنية صعبة

 

بدأت سناء جميل مشوارها السينمائي في خمسينيات القرن الماضي، حيث شاركت في أفلام مثل “بشرة خير” و**”حرام عليك”**. وعلى الرغم من بساطة أدوارها في البداية، إلا أن انطلاقتها الحقيقية جاءت مع فيلم “بداية ونهاية” للمخرج العالمي صلاح أبو سيف.

جسدت سناء ببراعة شخصية نفيسة، الفتاة الفقيرة المنكوبة بالمجتمع وظروف الحياة. هذا الدور المعقد كان بمثابة شهادة ميلاد جديدة لها في عالم الفن، وأثبت قدرتها الاستثنائية على الغوص في أعماق النفس البشرية.

 

أبرز أعمالها السينمائية والدرامية

 

خلال مسيرتها الطويلة، قدّمت سناء جميل عشرات الأدوار الخالدة، منها:

 

أفلام سينمائية

“بداية ونهاية”، “الزوجة الثانية”، “اضحك الصورة تطلع حلوة”، “سواق الهانم”، “السيد كاف”، “الشك يا حبيبي”، “الشوارع الخلفية”.

 

مسلسلات درامية

“الراية البيضا”، “خالتي صفية والدير”، “ساكن قصادي”، “الرقص على سلالم متحركة”، و”طرح البشر”.

كل عمل قدمته سناء كان يتميز بلمسة إنسانية عميقة، وأداء ينبض بالصدق لدرجة تجعل المشاهد يشعر وكأنه يعيش مع الشخصية على أرض الواقع.

 

رحلة قاسية خلف الكواليس: معاناة سناء جميل الشخصية

 

وراء هذا النجاح الباهر، كانت هناك قصة معاناة إنسانية مؤلمة. فبعد طردها من منزل عائلتها، عاشت سناء سنوات طويلة في فقر مدقع، تعتمد على وجبات بسيطة وتكافح للبقاء.

امتدت القطيعة بينها وبين أسرتها لأكثر من 22 عامًا، حتى أن أحدًا منهم لم يحضر جنازتها. رغم كل هذا، ظلت سناء قوية الإرادة، مؤمنة بأن موهبتها ستقودها إلى قمة النجاح.

 

قصة حب نادرة: زواج سناء جميل ولويس جريس

 

في عام 1961، التقت سناء بالصحفي الكبير لويس جريس. نشأت بينهما قصة حب جميلة تكللت بالزواج، رغم بعض الالتباسات الدينية في البداية. قررت سناء ألا تنجب، مفضلة أن تكرس وقتها للفن، وكان لويس خير داعم لها طوال مسيرتها، رفيقًا وصديقًا في كل لحظة.

 

المرض والنهاية المؤلمة

 

في سنواتها الأخيرة، أصيبت سناء جميل بسرطان الرئة. دخلت المستشفى لمدة ثلاثة أشهر، تحملت الألم بصبر نادر. ويروي زوجها لويس جريس أن بعد وفاتها رفض دفنها مباشرة، وظل ينتظر ثلاثة أيام بعد نشر نعيها في جميع الصحف المحلية والعالمية على أمل أن يظهر أحد من عائلتها، لكن دون جدوى.

وفي اليوم الرابع، تحديدًا في 22 ديسمبر 2002، تم دفنها من كنيسة العباسية وسط حالة من الحزن الشديد الذي خيم على زملائها ومحبيها.

فن لا ينسى

سناء جميل لم تكن مجرد فنانة كانت مدرسة قائمة بذاتها في الصدق الفني والإنساني. جسدت في أدوارها قسوة الواقع ببراعة، لكنها كانت دائمًا تقدم للمشاهد قبسًا من الأمل.

 

رغم ما عانته من قسوة الحياة، انتصرت بإرثها الكبير الذي يظل خالدًا في ذاكرة الفن العربي.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.