مصطفى شكري: خلاصة تجربتي مع “المداح” جملة واحدة تقول “كله بأمر الله”
لو حكينا نبتدي منين الحكايه.. حكاية مسلسل المداح في مشوار مصطفى شكري
في إطار سلسلة حوارات “لو حكينا نبتدي منين الحكايه“، نلتقي هذه المرة مع الفنان والملحن الموهوب مصطفى شكري، ليحكي لنا فصلاً استثنائياً من رحلته الفنية، ارتبط فيه اسمه بموسيقى أحد أبرز الأعمال الدرامية التي حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وهو مسلسل “المداح“، على مدار خمسة أجزاء متتالية، شكّلت موسيقاه هويةً خاصة للمسلسل، فكانت شريكاً في الحكاية، تُمهّد للمشاهد وتُلامس وجدان المتلقي.
اعداد وحوار: ريهام طارق
ما يجعل هذا اللقاء أكثر تميزاً، أن اليوم يُصادف ذكرى ميلاد مصطفى شكري، لتكون هذه المناسبة فرصة ذهبية لإجراء هذا الحوار، الذي نقدّمه له بمحبّة كهدية في يومٍ يعني له الكثير، ولمن أحبّ موسيقاه وارتبط بها وجدانياً عبر السنوات. في هذا اللقاء، يشاركنا ذكرياته مع “المداح”، وأهم اللحظات التي عاشها مع صناع العمل، وأسرار هذا النجاح الممتد حتى الموسم الرمضاني 2025.
منذ اللحظة الأولى التي قدم فيها مصطفى شكري لحن “مدد يارب” في الجزء الأول، كان الأمر بمثابة بداية لمشروع فني فريد من نوعه، الموسيقى التي قدمها شكري لم تكن مجرد تترات وألحان، بل كانت جزءًا من الأحداث، تعكس الصراع الدرامي وتشبع المشاهد بالأحاسيس التي تتنقل بين السحر والغموض.
في كل جزء من أجزاء المسلسل، كان مصطفى شكري يثبت قدرته على تقديم شيء جديد، مما جعله يظل خيارًا ثابتًا للعمل حتى آخر جزء تم عرضه في موسم رمضان 2025.
ذكريات مصطفى شكري مع مسلسل “المداح” تحمل في طياتها العديد من التحديات واللحظات الإبداعية، من الاجتماعات المثمرة مع فريق العمل إلى تقديم ألحان تنبض بالروح والقوة، حتى أصبحت موسيقى المسلسل عنصراً لا غنى عنه في نجاحه.
في البداية نرحب بالفنان مصطفى شكري في جريدة أسرار المشاهير ونشكره على إتاحة الفرصة لإجراء هذا الحوار :
ماذا تمثل الموسيقى في حياة الملحن مصطفى شكري؟
الموسيقى بالنسبة لي ليست مجرد مهنة، بل هي كل حياتي، درستها، وعملت بها، وكانت السبب وراء أجمل لحظات النجاح والسعادة التي مررت بها، لم تكن خيارا عابرا، بل قدرا أحببته و عشته بكل جوارحي، لذلك، لم يراودني يومًا قرار بتغيير مساري المهني، لأنني ببساطة لا أرى نفسي خارج عالم الموسيقى.
الموسيقى بالنسبة لي وحي داخلي استلهمه من الأجواء العامة للعمل ومن إحساسي بالمشهد :
لو عدنا بالذاكرة إلى اللحظة الأولى… كيف جاء ترشيحك لتأليف الموسيقى التصويرية لمسلسل “المداح”؟ وهل تحصل عادةً على النص كامل قبل بدء العمل، أم أنك تخلق موسيقاك من وحي الخيال؟
البداية كانت عندما قمت بإرسال مجموعة من الألحان الخاصة بـ تتر الجزء الأول من مسلسل “المداح“، من بينها لحن أغنية “مدد يا رب” للنجم حمادة هلال، وعندما استمع إليها، أُعجب بها كثيرًا، وكانت تلك اللحظة نقطة التحول، حيث تم ترشيحي بعدها رسميًا للعمل على المسلسل ومنذ ذلك الحين، بدأت رحلتي مع “المداح”، فكنت مسؤولا عن تلحين الرباعيات، والتأليف الموسيقي، و تترات العمل على مدار خمسة أجزاء متتالية، والحمد لله على هذه الثقة والاستمرارية، أما عن النص، أحيانًا أقرأ المشاهد الأساسية، لكن الموسيقى بالنسبة لي وحي داخلي، استلهمه من الأجواء العامة ومن إحساسي بالمشهد .
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: كيف تصنع من ابنك المراهق صديقًا وتبني بينكم جسر من الثقة
الملحن المحترف قادرا على تقديم أي لون موسيقي بـ احترافية وجودة عالية:
قدمت في مسلسل “المداح” إحساسا موسيقيا عاليا ولمسة مختلفة أثرت في الجمهور… برأيك، هل هناك ملحنون يتميزون في لون موسيقي محدد، أم أن الملحن المحترف قادر على تقديم مختلف الألوان الموسيقية بنفس القوة؟
المسألة لا تتعلق بالتميز في لون معين، بقدر ما تتعلق بتأثر الملحن ذاته بالعمل من حيث السمع، والحس، والذوق الفني، قد ينجذب أحيانا إلى لون موسيقى أكثر من غيره لأنه يشبهه أو يلامس وجدانه لكن الملحن المحترف، حين يصل إلى درجة من النضج الفني الحقيقي، يصبح قادرا على تقديم أي لون موسيقي بـ احترافية وجودة عالية، دون أن يفقد بصمته أو صدقه في التعبير.
حمادة هلال فنان واعٍ يمتلك خبرة كبيرة واحترافية واضحة في اختيار أعماله:
كيف تصف تجربتك في التعاون مع النجم حمادة هلال في مسلسل “المداح”؟ وهل كانت هناك جلسات عمل تجمع بينكم قبل تنفيذ كل لحن؟
مسلسل “المداح” كان أول تعاون يجمعني بالفنان حمادة هلال، وكانت تجربة مميزة بكل المقاييس، حمادة هلال فنان واعٍ، يمتلك خبرة كبيرة واحترافية واضحة في اختيار أعماله، ويهتم بـ أدق التفاصيل، ما يميزه أيضًا هو حماسه للمشاركة في كل جوانب العمل، فهو لا يكتفي بالتنفيذ، بل يحرص على النقاش وتبادل الأفكار مع فريقه، مما يجعل جلسات العمل معه ثرية ومثمرة و تُنتج دائمًا شيئًا صادقا يصل للجمهور.
قدمت الموسيقى بصوره كامله لمسلسل “المداح” منذ الجزء الأول حتى الجزء الأخير الذي عُرض في رمضان 2025… ما السبب في استمرار اختيارك أنت دون الاستعانة بملحن آخر أو حتى مشاركتك المهمة؟
في المقام الأول، أعتبر ذلك توفيق من الله، وهو ما أؤمن به دائمًا ثم يأتي عامل آخر لا يقل أهمية، وهو أنني استطعت أن أفهم طبيعة المسلسل وأبعاده الدرامية منذ بدايته، وهذا الفهم العميق ساعدني على تقديم موسيقى تتناغم مع روح العمل وتطوراته بشكل احترافي ومع مرور المواسم، كان هناك تجاوب كبير من الجمهور، ونجحت الأعمال الموسيقية التي قدمتها في ترك أثر، ما عزز من ثقة صناع العمل بي، والحمد لله استمر هذا النجاح عامًا بعد عام.
اقرأ أيضاً: وجدان سعيد تُحدث ضجة بأول تعاون مع عمرو المصري وعمرو الشاذلي
على مدار خمس سنوات من التعاون مع حماده هلال لم يحدث أبدًا أن طلب مني تعديل أو كانت له ملاحظة سلبية على عملي :
يعرف عن الفنان حمادة هلال حرصه الشديد على تفاصيل العمل، سواء في الكلمات أو الألحان… هل سبق أن طلب منك تعديل في لحن بعد سماعه للمرة الأولى؟
على مدار خمس سنوات من التعاون المتواصل، لم يحدث أبدًا أن أرسلت لحنا لـ حمادة هلال وطلب مني تعديل أو كانت له ملاحظة سلبية عليه، على العكس تمامًا، كانت الأعمال تنال إعجابه من المرة الأولى، وكذلك إعجاب المخرج، وهو ما أسعدني وأكد لي أن هناك انسجاما فنيا و تفاهم عميقا بيننا يترجم في كل عمل نقدمه معًا.
الأغنية الأقرب إلى قلبي في مسلسل “المداح” أغنية “مدد يا رب”:
ما هي الأغنية التي تراها “قلب” مسلسل “المداح” و تركت أثر قوي لدي الجمهور؟
خلال خمسة أجزاء، قدمت ما يقارب عشرة تترات وأكثر من 25 رباعية، وكل واحدة منها كانت تحمل طابعا خاصًا ورسالة مختلفة، وقد لاقت العديد منها نجاحات واسعة وأثرت في الجمهور بشكل كبير، لكن إن سألتني عن الأقرب إلى قلبي، أقول إن أغنية “مدد يا رب” في الجزء الأول كان لها وقع خاص، لأنها البداية، وبها ارتبط الجمهور روحانيا بالعمل كذلك، أغنية “في كل زمان” في الجزء الثالث حملت أبعادا وجدانية عميقة، بينما جاءت “رب العباد” في الجزء الرابع بـ مستوى من النضج والتعبير الفني جعلها واحدة من العلامات المميزة في رحلتي مع المسلسل.
الصعوبة التي واجهتني في “المداح” كانت في القدرة على تقديم موسيقى متجددة لنفس الفكرة والقصة الأساسية دون تكرار أو فقدان لهوية العمل:
ما أبرز التحديات التي قد يواجهها ملحن عند تأليف موسيقى خاصة بمسلسل يتناول موضوعات شائكة كـ السحر والجن والشعوذة؟
التحدي الأكبر لأي ملحن في عالم الدراما هو أن يستوعب النص جيدًا، ويفهم سياق الأحداث وتطورها، ليتمكن من التعبير عنها بصدق وترك بصمة فنية مؤثرة ومختلفة، أما في حالتي مع “المداح”، فالأمر كان أكثر تعقيدا؛ فأنا قدمت خمسة أجزاء كاملة، وكل جزء كان له تتر مختلف عن الآخر، وهذه سابقة تحدث لأول مرة في عمل درامي واحد، كنت الملحن الوحيد الذي حافظ على استمرارية السلسلة كاملة، من تترات إلى الموسيقى التصويرية والأغاني الداخلية.
والصعوبة الحقيقية هنا كانت في القدرة على تقديم موسيقى متجددة لنفس الفكرة والقصة الأساسية، دون تكرار أو فقدان لهوية العمل، وكان هذا من أكبر التحديات التي واجهتني، لكنني اعتبرته دافعا لإظهار أقصى ما لدي من إبداع، والحمد لله استطعت أن أقدم أعمال نالت إعجاب الجمهور وحققت صدى واسع، وهو ما أعتبره النجاح الحقيقي لأي فنان.
اقرأ أيضاً: أحمد المالكي يشعل الساحة: “أنا هنساك” أول تعاون مع أصالة.. ومفاجآت فنية قريباً
هل تميل إلى مشاركة الشاعر في الرؤية اللحنية للعمل، أم أنك تكتفي بالاعتماد على إحساسك بالكلمات دون الرجوع إليه؟
بالتأكيد أشارك الشاعر في الرأي، الأغنية عمل مشترك في المقام الأول، نجتمع دائمًا في جلسات عمل نناقش خلالها كل التفاصيل، من الإحساس العام إلى البناء اللحن المناسب للكلمات هذا التبادل الفني يثري التجربة ويخرج العمل في صورته المثلى، لأن الشاعر يرى بكلماته ما لا يراه غيره، وأنا أترجم ذلك الإحساس موسيقيا، فلابد من وجود تناغم وتفاهم حقيقي بيننا.
سر نجاحنا أننا نعمل كفريق واحد، متكامل و منسجم، يضع هدفا مشتركا أمامه وهو أن يظهر العمل في أفضل صوره:
هل كان للمخرج أحمد سمير دور في توجيه رؤيتك الموسيقية للعمل، أم أن الأمر تترك لك بالكامل؟
المخرج أحمد سمير كان له دور فعّال وتدخل إيجابي في التفاصيل، وهذا حقه الطبيعي كمخرج يحرص على خروج العمل بأفضل صورة ممكنة، كنا نناقش الأفكار ونتبادل وجهات النظر باستمرار، وفي النهاية نتفق جميعًا على ما يخدم المشهد والرؤية الفنية، سر نجاحنا أننا كنا نعمل كفريق واحد، متكامل و منسجم، يضع هدفا مشتركا أمامه وهو أن يظهر العمل في أفضل صورة للجمهور.
اقرأ أيضاً: معتز أمين : اعشق اللون الشعبي.. وأختار بوسي و شيبة وعبدالباسط ليشعلوا الحاني
موسيقى المداح لم تكمل المشهد بل كانت بطلاً آخر في الحكاية تلك العبارة لم انساها حتى اليوم:
هل كنت تتوقع هذا النجاح الكبير الذي حققته موسيقى مسلسل “المداح”؟ وما هو أكثر تعليق أثّر فيك بعد عرض العمل؟
في الحقيقة، كنا نترقب ردود الفعل قبل عرض الجزء الأول، لأن فكرة “المداح“، كانت مختلفة تمامًا عن أي عمل درامي آخر، وتحمل طابعا خاصًا يمزج بين الروحانيات والغموض لذلك، لم يكن من السهل التنبؤ برد الفعل، لكن ما حدث فاق التوقعات، إذ حقق المسلسل نجاحا لافتا منذ الجزء الأول، وتلقينا إشادات واسعة من الجمهور والنقاد على حد سواء، سواء على صعيد الأداء التمثيلي أو الموسيقى، هذا النجاح منحنا طاقة إضافية ومسؤولية كبيرة للحفاظ على هذا المستوى في الأجزاء التالية، وأكثر تعليق أثر في كان من أحد النقاد حين قال: “موسيقى المداح لم تكمل المشهد، بل كانت بطلاً آخر في الحكاية”، تلك العبارة لم انساها حتى اليوم.
النجاح ليس ثمرة حظ بل هو نتيجة للموهبة الحقيقة.. العمل الجاد.. والإيمان بالقدرة على تحقيق الأفضل:
ايهما كان العامل الأكثر تأثيرا في نجاحك، الموهبة أم الحظ؟
أنا لا أؤمن بفكرة الحظ، النجاح لا يأتي من بالصدفة، بل يأتي بالجهد والتخطيط والعمل المستمر، و الموهبة لها دور أساسي، لكنها وحدها لا تكفي، النجاح يتطلب الإصرار، السعي، والتحضير الجيد لذلك أفضل أن أستبدل كلمة “الحظ” بكلمة “توفيق الله“، الذي يأتي بعد الأخذ بالأسباب والمثابرة في النهاية، النجاح ليس ثمرة حظ، بل هو نتيجة للموهبة الحقيقيه.. العمل الجاد.. والإيمان بالقدرة على تحقيق الأفضل.
اقرأ أيضاً: حسام طنطاوي: ملحنون يرون أنفسهم آلهة وعزيز الشافعي خارج حساباتي للأبد
أرفض التعاون مع المطرب الغير واثق في نفسه ومتردد في اختياراته الفنية:
ما هي الصفات التي تجعلك ترفض التعاون مع بعض المطربين؟
أرفض التعاون مع المطرب الذي يتسم بعدم الثقة في نفسه أو المتردد في اتخاذ اختياراته الفنية هذا النموذج يصعب التعامل معه.
إذا كان عليك تلخيص تجربتك مع مسلسل “المداح” في جملة واحدة، ماذا ستقول؟
خلاصة تجربتي مع مسلسل”المداح”في جملة واحدة سأقول “كله بأمر الله”.
وهكذا، نصل إلى ختام هذا الحوار الخاص والمميز مع الفنان والملحن مصطفى شكري، الذي اصطحبنا معه في رحلة موسيقية غنية بالتفاصيل والمشاعر، من كواليس “المداح” إلي كواليس قلبه، حيث الشغف والإبداع والإيمان بما يقدمه.
اقرأ أيضاً: “شيطان زمان” : صرخة فنية جريئة من خالد تاج الدين و ريّا علي
في يوم ميلاده، لم تكن هديتنا له سوى هذا اللقاء الذي يوثق لحظة من مسيرته الفنية، يضيء جانباً من عطائه الذي لمس قلوب محبيه وجمهوره، شكراً مصطفى شكري على صدقك، وعلى موسيقاك التي ستظل عالقة في ذاكرتنا
وإلى لقاء جديد في “قصتي مع أغنية“، نروي فيه قصة نجاح جديدة مع نجم جديد من قصص الفن الناجحة التي تستحق أن تُروى مع ريهام طارق.