لم الأزهر يا قوم ؟؟…بقلم الشيخ مخلف العلي القادري

لمَ الأزهر يا قوم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين وبعد:

اللهم نسألك يا رب أن تحفظ مصر وشعبها وجيشها وحكومتها ومواردها من شر كل ذي شر، ومكر كل ماكر، وحسد كل حاسد، وغدر كل غادر، وخيانة كل خائن، واجعلها بلداً آمناً مطمئناً آمين يا رب العالمين.

كلنا يعلم ما تعيشه مصر الحبيبة أرض الكنانة من الهم والحزن جراء ما حدث فيها من أعمال ارهابية تخريبية، والتي من شأنها أن تؤرق كل من هو في أرضها المباركة.
أقول هذا وانا ابن سورية الجريحة؟ أقول هذا وأنا ممن عانى نتيجة هذا الفكر المريض المتطرف الشاذ الذي أوهن جسد الأمة خلال سنين مضت. ووالله حزني على مصر لا يقل عن حزني على سورية فهي بلدي ووطني ومصر كذلك بلدي ووطني.
فما ظهر هذا الفكر الشاذ المتطرف إلا لكي لا يبقي ولا يذر من عزة وشموخ وإيمان ودين لهذه الأمة بكل بقاعها في المشارق والمغارب.

ولكن العجيب المحزن المبكي أن هذا الفكر المجرم الفاجر الفاسد كلمَا ارتكب جريمة من جرائمه انشغل الناس بالهجوم على غيره. من العلمَاء والمشايخ والمؤسسات الدينية، وهذا ما يحصل الآن مع أزهرنا الشريف من تطاول بعض المقرضين والحاقدين عليه، حيث أعلنوا الهجوم عليه في كل المحافل وقد وجدوا حالة الناس جراء الحوادث التي حصلت فرصة مواتية ليشبعوا اهوائهم ويبردوا قلوبهم المليئة بالحقد على الأزهر فأعلنوا حربهم عليه، مشوهين مزورين مهاجمين، فهل هذه الهجمة الشرسة على الأزهر ستوقف هذا الفكر الأسود، أم تراهم نسوا ما حصل بالأمس القريب من محاولة اغتيال رجل من أبرز رجالات الأزهر الشريف وهو مولانا الشيخ علي جمعة حفظه الله تعالى؟؟؟

هل نسوا أم يتناسوا ذلك عن عمدٍ؟ أليس الشيخ علي جمعة من أبرز رجال الأزهر هذا إن لم ليكن الأبرز على الإطلاق في هذا الزمن؟
هل سيقضى على هذا الفكر بالهجوم على الأزهر الشريف؟ بالعكس بل إن الأمر سيزيدهم شراسة ؟ بل إن محافل الإرهاب تسعد وتهنأ بهذا الهجوم على الأزهر لما للأزهر من هيبة ومكانة في قلوب الأمة الإسلامية.

ووالله لا يوجد مسلم دخل نور لا إله إلا الله في قلبه يقر ويرضى بما فعلوه من تفجير الكنيستين في مصر، لا والله لا يوجد، حتى يرضى الأزهر بهذا كما يزعم البعض من أن مناهج الأزهر هي من تحرضهم على هذا الفكر؟؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.

والعجيب أن هؤلاء الذئاب لا يرعون بالمسلمين أنفسهم إلاً ولا ذمة، فها هي سورية شاهدة وذاك العراق شاهد وتلك ليبيا حاضرة واليمن مازالت تعاني، مساجد عريقة عبر مئات السنين فجروها عن بكرة أبيها، ولم يبقوا منها اثراً يذكر. فكم من عالم قتلوه وكم من عالم شردوه وكم من عالم حبسوه وما ذاك إلا ليخلوا لهم المجال؟ فبالله عليكم يا قوم لا تكون عوناً لهم من حيث لا تحتسبون؟ واذكر هنا بيت الشعر القائل:
دماء المسلمين بكل أرض== تراق رخيصة وتضيع هدراً
وفي العصبية العمياء تغدو == ذئاب ما رعت لله قدراً

ولكن السؤال الأهم : لمَ الأزهر يا قوم
لمَ الأزهر يا قوم؟؟ وفكره غير فكرهم؟
لمَ الأزهر يا قوم؟؟ ومنهجه غير منهجهم؟
لمَ الأزهر يا قوم؟؟ وعقيدته غير عقيدتهم؟
لمَ الأزهر يا قوم؟؟ وكلامه غير كلامهم؟
لمَ الأزهر يا قوم؟؟ ولباسه غير لباسهم؟
لمَ الأزهر يا قوم؟؟ وأخلاقه غير اخلاقهم؟
لمَ الأزهر يا قوم؟؟ وهو عدو لهم منذ نشأتهم؟

لمَ يا قوم ؟؟ وهؤلاء المفسدون لو استطاعوا هدم الأزهر نفسه لهدموه قبل الكنائس؟
أليس الأزهر منكم وفيكم، أليس الأزهر عريق الأصل بينكم، أليس الأزهر هو من أنشأ خيرة علمَائكم، أليس الأزهر هو من ترعرع فيها خير دعاتكم، كم من أزمة في تاريخ أرض الكنانة تصدى لها الأزهر؟ كم من محنة أخرجكم منها الأزهر عبر العصور؟
ألم يكن الأزهر موجوداً في زمن الاحتلال الأجنبي على مر العصور؟ اليس الأزهر حاضراً في كل محافل حزنكم وسروركم؟ كم من عظيم من عظماءكم رفع رأسه شامخنا من رحاب الأزهر الشريف؟

لمَ يا قوم؟ أم أنكم نسيتم من هو أزهركم؟؟؟؟؟؟؟؟ أم أن الوجوه والألسنة غير التي كانت؟؟ هذا هو حال الشعوب العربية في الزمن الأخير، دائما نبحث عن ذريعة نعلق عليها همومنا ومشاكلنا، وهذا ما يزيد المحن والمصائب علينا الواحدة تلو الأخرى؟؟؟؟
لكن أما وجدتم غير الأزهر تتخذونه ذريعة لكم؟؟
أما وجدتم غيره تضعونه بقفص الاتهام؟؟
هل ما يحدث من هجمة على الأزهر ورجاله سيحل الأزمة ويقضي على الفكر المتطرف؟؟

قد قالها غير واحد ؟ الفكر لا يحارب إلا بالفكر وليس هناك خير من فكر الأزهر ومنهجه. وتاريخه حافل بالانتصارات الفكرية على كل فكر ومنهج متطرف ظهر ليفسد الأمة؟ غير أنه كان ينتصر بكم يا أهل مصر؟ فلمَاذا يتخلى عنه الناس اليوم؟؟ لمَ انتم عليه ولستم معه؟؟

ماذا نقول وكيف نواسيك أزهرنا؟؟؟ أقولها لك أيها الأزهر :
أنت أزهر الأمة بأسرها ولست أزهر الكنانة فحسب, أنت الذي نشأنا صغاراً لنا حلم واحد، وهو حلم ينتشر في كل البلاد ألا وهو الجلوس تحت قبابك لتعلم العلوم في رحابك، نعم هذا حلم كل طالب علم في المشارق والمغارب.

نعم أيها الأزهر: حاشا وكلا أن يحزنوك فأنت الأعلى والأعز والأكرم. لك الله أيها الأزهر. فهؤلاء ظهروا ليستهدفوا البشرية بأجمعها لم ينجو منهم أحد؟؟
ولكن لمَ الأزهر يا قوم لمَ الأزهر يا قوم؟؟ إن كان لهذه البلد من نجاة من فكر هؤلاء فهو علي أيدي رجال الأزهر الصادقين الذين يحملون فكر الهداية والإصلاح والنور والخير، والذي انتشر في أصقاع الأرض على أيديهم عبر قرون مضت؟

يا رجال الأزهر الشريف:
أقول لكل رجل وعالم وطالب من الأزهرين أقول لهم: كونوا مع أزهركم وانتفضوا لمواجهة هذا الفكر المتطرف بكل ما أوتيتم بقوة ولا تنشغلوا بالرد على من يتهمكم؟؟ وكونوا خير الناس لهم عاذرين، فالناس من خوفها وضيقها وحزنها صارت تتهم من تراه بوجهها وأنتم واجة مصر الدينية فلا تحزنوا .

ولكن آن الأوان أن تثبتوا للناس كافة أن الأزهر وحده القادر على مواجهة هذا الفكر فيجب أن يقوم القاعد ويمشي الواقف ويجتهد المقصر فالأمر بات مسألة وجود من عدمه، يجب أن تلعبوا دوركم المنوط بكم في الدعوة والفكر والارشاد، فها نحن نرى الأجيال تنحرف يوماً بعد يوم ولا نشعر بهم.

آن الأوان أن تقفوا في صف دولتكم لمواجهة هذا الفكر الذي لن يهدأ حتى يجعل بلدكم كبلادنا. ولكن بعون الله عز وجل وبكرة هذه الأرض وجهد أبناءها سيرجع خاسئاً خاسراً خائباً متحيراً .
أيها الأزهريون: لئن انشغل الناس بتوجيه التهم إليكم فلا تنشغلوا بالدفاع عن أنفسكم وعن أزهركم، بل انشغلوا بالدفاع عن بلدكم من هذا الفكر المتطرف الذي لن يبقي ولن يذر، ولا تحزنوا بالقاصي والداني يعرف من هو الأزهر ومن هم الأزهريون.
لكن أقول لكم وبكل صراحة أيها الأزهريون: والله أتمنى وأتشرف أن أكون أزهريا مثلكم ولكن لكل شي قدره؟

أقول لكم أيها الأزهريون: يجب أن نراجع أنفسنا، ونجلس جلسة مع أنفسنا وننظر هل نحن مقصرون؟ هل قصرنا بحق أنفسنا؟ هل قصرنا بحق أزهرنا؟ هل قصرنا بحق ديننا ودعوتنا؟ كثيراً من الأحيان يكون الاعتراف بالتقصير أقوى سبب للنصر والنجاح؟
فبدل أن نكرس وقتنا للتبرير يجب أن نغتنم وقتنا للتحرك في جميع الميادين وعلى كل الأصعدة لينشر الأزهر جناحيه على الأمة بفكره ودعوته ومنهجه الذي يحمل النور والخير والسلام ليصل إلى كل أرجاء المعمورة؟
لقد وصل نوركم فيما مضى إلى كل البلاد؟ فهل يعجز الآن أن يخيم على أرض الكنانة التي تئن من جراحها وتناديكم.

أيها الأزهريون: قوموا قومة رجل واحد والله تعالى الموفق لكم والله ناصركم والله مؤيدكم
أيها الأزهريون مصر بحاجة لكم.
أيها الأزهريون: حكومتكم محتاجة لكم.
أيها الأزهريون: الشعب المصري كله محتاج لكم.
أيها الأزهريون: كثيرة هي البلاد والشعوب التي تحتاجكم.

اللهم وفق كل أزهري لما فيه الخير اللهم احفظ الأزهر والأزهريون من شر كل ذي شر متربص بهم اللهم. اللهم احفظ مصر وشعبها وجيشها وحكومتها وأزهرها يا رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
بقلم مخلف العلي القادري الأزهري حباً وعشقاً

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.