وماذا بعد رمضان؟
وماذا بعد رمضان؟
بقلم: بهيرة خيرالله.
وهكذا تمر الأيام سريعًا جاء شهر رمضان ورحل، وقد اجتهد المسلمون فيه بالصيام والقيام وتلاوة القرآن وزيادة القربات إلىٰ الله بالصدقات والإطعام وصالح الأعمال وخُتم بإخراج زكاة الفطر طُهره للصائم وطُعمه للمساكين.
ثم أهل علينا هلال شوال بفرحة عيد الفطر بعد انقضاء شهر عبادة الصيام وتبادل التهنئة الطيبة بين المسلمين وزيارة الأقارب وصلة الأرحام وود الأصدقاء والاجتماع علىٰ موائد المحبة والرحمة والترويح عن النفوس.
وماذا بعد رمضان؟
والسؤال هل هكذا انتهىٰ مشوار رمضان ووصلنا إلىٰ بر الأمان؟ الجواب لا إياك والفتور بحجة الراحة بعد رمضان فقد سُئل الإمام أحمد : متىٰ الراحة؟
قال: عندما تضع أول قدم من قدميك في الجنة، لذا فلنطلب العون من الله علىٰ الهداية والثبات لمواصلة الرحلة والتزود لها بالتقوىٰ داعين الله :{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ } ولنحافظ علىٰ البيئة الإيمانية التي عشناها في طاعة الله من مصاحبة ومجالسة الصالحين، والمحافظة علىٰ صلاة الجماعة والحرص علىٰ آداء الفرائض في أوقاتها وصلاة النوافل ولو القليل فإن ( أحبُّ العمل إلىٰ الله ما داوم عليه صاحبه وإن قلَّ ) كما قال – صل الله عليه وسلم- والمداومة علىٰ تلاوة القرآن.
فهذه البيئة تعينك علىٰ الاستمرار واعلم أنه من غير الطبيعي أن يظل الإنسان علىٰ نفس المستوىٰ الإيماني والروحي، فإن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعصية.
المهم ألا يجعل الشيطان هذا النقصان بابًا لإدخال اليأس والإحساس القاتل بالتقصير وإفساد عبادتك التي اجتهدت فيها، فهو سينطلق بضراوة لأنه في حالة من الغضب والثورة لحبسه خلال رمضان فلا ترجع عن ثباتك وتسترخي وتُفسد ما فعلته بجهد كقوله تعالي : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ..) [ النحل :92] .
اثبت عن المعصية في الأسبوع الأول بعد رمضان فإنك إن نجحت استمر الحال معك بعدها اثبت علىٰ الطاعة فهي أعلىٰ درجات الصبر، فالثبات بعد رمضان يعطيك إحساس بالقوة.
والذي يساعدك علىٰ الثبات هو المُسارعة بعد يوم الفطر بصيام ستٍّ من شوال فإن رسول الله قال 🙁 من صام رمضان ثم اتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر ) أي العام كله.
فكما أن سجود السهو يجبر النقص في الصلاة فإنّ من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان.
هل تقبل الله منك اعمالك في رمضان؟
اسأل نفسك هل تقبل الله منك رمضان أم لا ؟ اعلم أن الاستمرار علىٰ الطاعة والبعد عن المعاصي علامة قبول العمل فمن بركة الطاعة أن ييسرك الله لطاعة بعدها فإنه تعالىٰ إذا رأىٰ من قلبك إقبالًا صادقًا عليه وتقربًا مخلصًا منه فإنه تعالىٰ يتقبل منك ويثبتك.
وقد قال الإمام أحمد: إن من علامات قبول الحسنة استمرار الحسنة بعد الحسنة – وقال تعالىٰ : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) [ فصلت] .
نسأل الله تعالىٰ أن يتقبّل منا صيامنا وقيامنا ودعاءنا وصالح أعمالنا وأن يغفر لنا ويرحمنا وأن يبدل سيئاتنا حسنات ويضاعف لنا أجورنا ويعتق رقابنا من النار ويدخلنا الجنة من باب الرَّيان ويثبتنا علىٰ طاعته وحسن عبادته وصل اللهم وبارك على نبينا وشفيعنا سيدنا محمد وعلىٰ آله وصحبه ومن تبع هداه إلىٰ يوم الدين.