من يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة(٣٧)

دكتور محمد حسن كامل

البحث عن وظيفة
أول كلمة يتعلمها المهاجر في بلاد الفرنجة هي
je cherche un travail
وترجمتها : أبحث عن عمل
كان على صاحبنا أن يبحث عن عمل ولو ساعات قليلة حتي يستطيع ان يعيش في باريس , في الماضي البحث عن عمل يلزم السير على الأقدام قبل عالم الأنترنت , وكانت الأعمال التي يبحث عنها الأجانب والغرباء أعمال متواضعة , مثل غسيل الأطباق في المطاعم , توزيع الإعلانات , العمل في أسواق الخضار والفاكهة , او العمل في أعمال الصيانة والدهانات وهذا يلزم تدريب مسبق .
البحث عن عمل قضية كل مهاجر يريد أن ينجح في الغربة .
ورغم بساطة هذه المهن كان من النادر أن يحالفك الحظ فيها .
ابحث عن عمل ……بشرط ان تتحدث الفرنسية , ولكل مهنة لها مفاتيح وكلمات وإصطلاحات متعارف عليها .
معظم تلك الأعمال بعيدة عن القواعد المعمول بها في الدولة والتي يقررها القانون الفرنسي أي أن العمل في ـ الأسود ـ بلا تأمين ضد الحوادث أو إصابات العمل أو تأمين صحي , هذا شأن المهاجرين الغير شرعيين , ظروفهم الإقتصادية تجعلهم أن يقبلوا أي عمل باي أجر .
بالنسبة لصاحبنا الأمر مختلف لانه يُصرح للطلبة الأجانب العمل وذلك في اطار صارم من القوانين والتي تتلخص في :
! )) على صاحب العمل أن يبلغ السلطات المختصة قبل أن يبدأ الطالب عملة بيومين لتطبيق كل المواد الخاصة بالتأمينات الخاصة بالعامل أو الطالب .
2 )) الطلب الذي سيقوم صاحب العمل بتقدمه إلى السلطات المعنية بالأمر، يجب أن يوضح طبيعة عمل الطالب، وتاريخ بداية ونهاية عقد العمل مع ذكر عدد ساعات العمل السنوية، بالإضافة إلى صورة عن بطاقة اقامة الطالب .
3 )) القانوني الفرنسي يسمح للطلاب بالعمل في فرنسا أثناء فترة الدراسة مدة 964 ساعة عمل في العام..
4 )) الطلاب الذين لا تتجاوز فترة دراستهم في فرنسا ال 6 أشهر، يمكنهم العمل فقط مدة 482 خلال خلال هذه الفترة.
5 )) يجب على الطالب أن يحترم النقاط التي ينص عليها القانون القانون الفرنسي بنسبة لل عمل، و كل من يخالف هذا القانون، قد يتم الغاء اقامته.
القانون الفرنسي يضمن للموظف والعامل حقه وبالتالي معظم أصحاب الاعمال يكونون على حذر من مخالفة قانون العمل الصارم .
الحصول على عمل ليس بالسهل , عملية شاقة و ولاسيما ان الشرطة بالمرصاد فضلا عن حملات التفتيش عن كل أوراق المهاجرين .
كانت الشرطة تنتشر في محطات المترو او القطارات او الميادين العامة , في كل مكان تتوقع أن تجد شرطي يطلب منك بكل أدب بعد التحية أوراق إثبات الشخصية .
حصل صاحبنا على بطاقة الإقامة المؤقتة بتوصية من الجامعة لمفوضية الشرطة , كان يشعر بالأمان والأمن وهو يمارس حياته بشكل طبيعي دون خوف من الشرطة .
كان يبرز هويته في البحث عن عمل أي عمل حتى يستطيع أن يدفع إيجار حجرته فوق السطوح , وحتى يستطيع أن يسد إحتياجاته في مدينة الجن والملائكة .
كان يتمنى أن تستمر إذاعة الجزائري فرج البرقوقي ليقدم فيها بعض البرامج مقابل بضعة فرنكات …..ولكن الشرطة أغلقت الإذاعة بعد نضال البرقوقي ضد الشرطة .
لم يجد حتى وظيفة في المطاعم ولو غسيل الأطباق , اما العمل في الأسواق عمل شاق يحتاج إلى الإستيقاظ في الرابعة صباحاً . فضلاً عن أن هذا العمل يحتاج عضلات قوية تعلّم صاحبنا خريطة باريس كلها سيراً على الأقدام باحثاً عن عمل وقد اعتاد أن يسمع تلك الكلمة : (( Désolé )) أي : نأسف
وبدأت الفرنكات التي أعطاها إياها تتلاشى شيئاً فشيئاً ولاسيما وهو دارس على حسابه الخاص , دون منحة من الدولة .
عليه أن يجد حل لتلك المعضلة ….!!
وكيف اصبح من رجال الأعمال الذين يتسابقون للعمل عنده …؟
لم ينس تلك الجملة التي قالتها له إحدى الحسنوات الفرنسيات حينما قالت له :
لك قبعة باريسية سيدي , كونك أجنبي نسعى نحن للعمل تحت رئاستك ….!!
ماذا فعل ……هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة
تابعونا
دكتور / محمد حسن كامل
رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.