آمال فريد.. أيقونة الرقة التى اختارت الغياب «كواليس جديدة فى ذكرى رحيلها »

آمال فريد.. أيقونة الرقة التى اختارت الغياب «كواليس جديدة فى ذكرى رحيلها »

آمال فريد.. أيقونة الرقة التى اختارت الغياب «كواليس جديدة فى ذكرى رحيلها »

في مثل هذا اليوم، 19 يونيو من عام 2018، رحلت عن عالمنا الفنانة آمال فريد، إحدى نجمات العصر الذهبي للسينما المصرية، تاركة خلفها إرثًا من الأدوار التي تفيض بالرقة والبراءة والهدوء، وشخصية مختلفة لم تسعَ يومًا إلى الأضواء، بل فضّلت الحياة البسيطة على بريق الشهرة، حتى في قمة تألقها.
اليوم، ونحن نُحيي ذكرى وفاتها السابعة، نستعيد سيرة فنية وإنسانية نادرة، بدأت مبكرًا، وتألقّت سريعًا، وانسحبت بهدوء، ثم انتهت في صمت موجع.

كتب: هاني سليم 

بدايات واعدة في الطفولة

وُلدت آمال فريد في 12 فبراير 1938، لعائلة مصرية متوسطة في حي شبرا الشعبي، ذلك الحي الذي خرجت منه العديد من المواهب الفنية والثقافية. برزت موهبتها في سن مبكرة، حيث شاركت في برامج الأطفال التي كانت تُبث عبر الإذاعة المصرية، ومنها بدأت تشق طريقها إلى قلوب المستمعين بصوتها الرقيق وطلتها البريئة.
تميزت منذ صغرها بالثقافة وحسن التعبير، وكانت قارئة نهمة، ما جعلها محل إعجاب كل من تعامل معها، قبل أن يُقدّمها الشاعر الغنائي فتحي قورة إلى المخرج الكبير هنري بركات، أحد عمالقة السينما، الذي رأى فيها خامة فنية مختلفة تستحق الفرصة.


من «موعد مع السعادة» إلى قلوب الجمهور

في عام 1954، بدأت آمال فريد مشوارها السينمائي من بوابة الكبار، حيث ظهرت للمرة الأولى على الشاشة في فيلم “موعد مع السعادة”، بطولة فاتن حمامة وعمر الشريف. لم تكن مجرد تجربة عابرة، بل كانت انطلاقة مميزة وضعت بصمتها الأولى، وجعلت منها وجهًا مطلوبًا لدى كبار صُنّاع السينما آنذاك.
توالت بعدها أدوارها الناجحة، فكانت البطلة الهادئة في أفلام مثل:
• “ليالي الحب” إلى جانب عبد الحليم حافظ
• “بنات اليوم”
• “صراع مع الحياة”
• “امسك حرامي”
وقدمت خلالها شخصية الفتاة الحبيبة، الطيبة، التي تعيش في صراع عاطفي أو اجتماعي، وهي صورة تماهت فيها مع ملامحها الناعمة وصوتها الهادئ وأسلوبها العفوي في الأداء.

الفتاة البريئة التي أحبها الجميع

كانت آمال فريد تجسيدًا حيًا لصورة الفتاة المصرية الرقيقة التي يبحث عنها الحلم السينمائي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. جمالها الطبيعي، وملامحها البريئة، وطريقتها المتزنة في التمثيل، جعلت منها واحدة من أكثر النجمات قربًا للجمهور، دون أن تُدخل نفسها في صراعات الشهرة أو سباق البطولة المطلقة.
ورغم أن رصيدها السينمائي لا يقارن بعدد أفلام نجمات أخريات في جيلها، إلا أن ما قدمته كان كافيًا ليضع اسمها في ذاكرة السينما العربية، بفضل نوعية الأدوار التي اختارتها وأسلوبها الخاص في الأداء.

انسحاب هادئ في عزّ التألق

في الوقت الذي كانت فيه آمال فريد تتلقى عروضًا مستمرة، وفي ذروة شهرتها، اتخذت قرارًا غير متوقع: الاعتزال.
تزوجت من مهندس مصري كان يعمل حينها في الاتحاد السوفيتي، وسافرت معه لتعيش حياة أسرية بسيطة، مبتعدة عن الفن وعن مصر لعدة سنوات.
قرارها بالابتعاد لم يكن بسبب خلافات أو أزمات فنية، بل كان اختيارًا شخصيًا نابعًا من رغبتها في حياة هادئة خالية من الأضواء، وهو ما ميزها عن كثير من نجمات جيلها اللاتي تمسكن بالشاشة حتى آخر لحظة.
عادت لفترة قصيرة بعد سنوات من الغياب، لكنها لم تستطع التأقلم مع التغيرات التي طرأت على الساحة الفنية، فاختارت الانسحاب نهائيًا.

سنوات العزلة والتجاهل

بعد سنوات طويلة من الغياب، بدأت صور آمال فريد تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس من خلال أعمال فنية، بل من خلال مشاهد صادمة لها وهي تجلس بمفردها في أحد المقاهي البسيطة وسط القاهرة، في عزلة شبه تامة، بلا أصدقاء أو جمهور، وبلا صحافة أو اهتمام.
أثارت تلك الصور موجة واسعة من التعاطف، حيث عبّر كثيرون عن حزنهم لما وصلت إليه إحدى نجمات الزمن الجميل، ودفع ذلك الجهات الرسمية للتدخل، حيث تم نقلها إلى إحدى دور الرعاية الصحية لتلقي العلاج والعناية.

رحيل في صمت… وذكرى لا تُنسى

في 19 يونيو 2018، وبعد صراع مع المرض، توفيت آمال فريد عن عمر ناهز 80 عامًا، وسط حالة من الحزن والصدمة في الوسط الفني وبين جمهورها الذي لم ينسَ أدوارها رغم اختفائها الطويل.
رحلت الفنانة التي كانت تجسّد الرقي في الفن والحياة، بهدوء يشبه تمامًا أسلوبها الذي عاشت به، دون ضجيج، لكنها تركت أثرًا كبيرًا، وذكرى خالدة في نفوس من أحبّوا زمن الفن الجميل.

آمال فريد.. مدرسة فنية وإنسانية

لم تكن آمال فريد مجرد ممثلة عابرة في السينما المصرية، بل كانت نموذجًا للنجمة التي اختارت أن تعيش وفق مبادئها الخاصة، دون أن تُفرّط في كرامتها أو تصنع لنفسها بطولات زائفة.
كانت حقيقية في أدوارها، وحقيقية في اختفائها، وإنسانية في رحلتها، من طفلة تحلم بالتمثيل، إلى نجمة أحبها الجميع، ثم سيدة اختارت الهدوء في زمن الصخب.
رحلت آمال فريد، لكن ما زالت ملامحها حاضرة في الذاكرة، وصوتها يهمس من مشاهد الزمن الجميل، أن هناك فنانات لا يغيبن أبدًا، مهما طال الغياب.

المزيد: ماجد المصري يحتفل بعقد قران ابنته ويخطف الأنظار في “السلم والثعبان 2”

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.