أحمد زكي: عشرون عامًا على الرحيل ولا يزال في أول القائمة

أحمد زكي: عشرون عامًا على الرحيل ولا يزال في أول القائمة

أحمد زكي: عشرون عامًا على الرحيل ولا يزال في أول القائمة

مرت عشرون عامًا على رحيل أحمد زكي، النجم الاستثنائي الذي لا تزال بصمته محفورة في ذاكرة السينما المصرية والعربية.

كتبت ماريان مكاريوس

في 27 مارس 2005، فقدت مصر أحد أعظم ممثليها، لكن إرثه الفني لا يزال نابضًا بالحياة، يشهد على عبقرية نادرة لم تتكرر.

الميلاد والبدايات

وُلد أحمد زكي في 18 نوفمبر 1949 بمدينة الزقازيق، ونشأ في بيئة متواضعة، لكنه كان يمتلك حلمًا كبيرًا دفعه للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث أظهر موهبة لافتة أهلته ليكون أحد أبرز خريجيه. بدأ مشواره الفني على خشبة المسرح، وشارك في أعمال مثل “مدرسة المشاغبين” و”العيال كبرت”، لكن السينما كانت محطته الأهم.

محطات سينمائية خالدة

امتلك أحمد زكي قدرة غير عادية على التقمص، جعلته يؤدي أدوارًا متنوعة ببراعة مذهلة. تألق في أفلام مثل شفيقة ومتولي، العمر لحظة، والبريء، حيث قدَّم أداءً مؤثرًا عبّر عن واقع المجتمع المصري.

لم يقتصر إبداعه على الشخصيات الدرامية، بل برع في تقديم السير الذاتية لأهم الشخصيات التاريخية، فكان أداؤه لدور الرئيس جمال عبد الناصر في ناصر 56 والسادات في أيام السادات علامة فارقة في مسيرته، إذ استطاع أن يجسد روح كل شخصية ببراعة غير مسبوقة.

تحديات ومسيرة استثنائية

واجه زكي العديد من التحديات، سواء على المستوى الشخصي أو المهني، لكنه كان دائمًا قادرًا على تجاوزها بإصراره وعشقه للفن. كان معروفًا بإخلاصه الشديد لعمله، حيث كان يدرس أدواره بعمق ويتقمص الشخصيات حتى في حياته اليومية.

ورغم تعرضه لصعوبات صحية في سنواته الأخيرة، أصر على استكمال تصوير فيلمه الأخير حليم، الذي جسد فيه شخصية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، لكنه رحل قبل أن يتمكن من مشاهدته.

لم يكن أحمد زكي مجرد ممثل يؤدي أدواره أمام الكاميرا، بل كان يعيش الشخصيات التي يقدمها بكل تفاصيلها. كان قادرًا على خطف أنظار المشاهدين خلال ثوانٍ معدودة بمجرد ظهوره على الشاشة، مستخدمًا تعابير وجهه وصوته العميق ليعبر عن مشاعر معقدة دون الحاجة إلى كلمات كثيرة. هذا السحر الذي امتلكه جعله حالة فنية نادرة لا تتكرر.

إرث لا يموت

بعد عشرين عامًا من رحيله، لا يزال أحمد زكي صاحب المئة وجه حاضرًا بأعماله الخالدة التي تعكس قدرته الفريدة على التعبير عن الإنسان المصري بمختلف حالاته. أفلامه تُعرض باستمرار وتُدرَّس في المعاهد الفنية كنماذج لأعلى مستويات الأداء التمثيلي.

كما أن اسمه لا يزال يُذكر كلما تحدثنا عن الموهبة الحقيقية والتفاني في الفن. كان زكي أكثر من مجرد ممثل؛ كان حالة فنية استثنائية لن تتكرر، تاركًا وراءه إرثًا يثبت أن الفن الحقيقي لا يموت، بل يزداد بريقًا مع مرور الزمن.

آراء النقاد في إرث أحمد زكي

يرى الناقد السينمائي طارق الشناوي أن أحمد زكي كان الممثل الأكثر قدرة على التقمص في تاريخ السينما المصرية، فقد امتلك أدوات غير عادية مكنته من التحول إلى الشخصيات التي يؤديها وكأنه يعيد إحياءها على الشاشة. وأكد أن أداءه في أفلام مثل أيام السادات وناصر 56 كان مدرسة في التمثيل الواقعي.

أما الناقدة ماجدة خير الله فتعتبر أن أحمد زكي لم يكن مجرد ممثل موهوب، بل كان ظاهرة فنية استثنائية لا تتكرر كثيرًا. تقول: “كان يتعامل مع كل دور كأنه مشروع حياة، يدرسه، يعيش داخله، ويذوب فيه تمامًا حتى يصبح جزءًا منه.”

في حين يرى الناقد السينمائي أحمد شوقي أن أحمد زكي ترك بصمة عميقة في السينما بفضل اختياراته الذكية للأدوار، إذ لم يعتمد على الوسامة التقليدية، بل راهن على الموهبة الخالصة. ويشير إلى أن أفلامه مثل البريء والهروب ما زالت تحتفظ بقوتها وتأثيرها حتى اليوم.

أما الناقد الراحل سمير فريد فقد أكد في عدة مقالات أن زكي كان واحدًا من القلائل الذين استطاعوا أن يعبروا عن المصري الحقيقي في مختلف طبقاته الاجتماعية، سواء في دور العامل البسيط أو الرئيس السياسي أو الفنان الأسطوري.

بفضل هذه الآراء وغيرها، يبقى أحمد زكي علامة فارقة في تاريخ الفن العربي، ويظل إرثه حاضرًا كمرجع لكل من يسعى لفهم جوهر التمثيل الحقيقي.

المزيد: كحك العيد.. حلوى فرعونية تحافظ على بريقها عبر العصور

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.