أشرف عبده سيرة ذاتية لمؤلف مسرحي من رواد المسرح الكنسي
أشرف عبده سيرة ذاتية لمؤلف مسرحي من رواد المسرح الكنسي

المسرح هو لغة خاصة وضمير معلوم، هو اللغة الضاحكة
والحزينة، هو النشأة الأكثر رهبة، هو الفن المتألم أو الجسد
المتألم كما أشادوا وقالوا عنه الفلاسفة، وَلِمَ لا؟ فالمسرح أبو
الفنون؛ ولكني دائمًا ما أميل للواقع الأكثر ألمًا وهو أن المسرح
يشبه سيدةٍ عجوز تسير في ساحةٍ شعبيةٍ كبيرة وتتكئ بعصا
حطبية مدلولها التاريخ لأن المسرح هو مدرسة الشعوب.
احترت كثيرًا وأنا أحاول أن أكتب مقدمة مقالتي هذه، هل
أصيغها كتابة أدبية أم كتابة صحفية تحمل إطار السيرة الذاتية
لشخصٍ ترك أثر كبير وتاريخ عظيم في إثراء المسرح
الكنسي، فقد علم في فترة ومرحلة مهمة في عمره أنّ المسرح
ما ينقصه هو النصوص، قائلًا على لسانه بداعبته اللطيفة كما
هو حال شخصيته أن من الممكن أن يحرك أي شخص الفنانين
على المسرح ولكنه لن يكون قادر أن يحرك نص أو أن يكتب
نص، يحمل من الإبداع لغته ويجعل من الشخصيات مجتمع له
قواعده وأساسياته، أكتب اليوم عن الفنان والكاتب المسرحي
الكبير ” أشرف عبده”.
الذي أدرك ما عليه فعله تجاه المسرح فأدركه المسرح على
قمة المؤلفين الكبار إن لم يكن أولهم بما أعطاه من تاريخ طويل
له.

نشأته وبداية اكتشاف موهبته
أشرف عبده من مواليد محافظة القليوبية، جاء إلى القاهرة
طفلًا في عمر ال8 سنوات لتحتضنه القاهرة كما هو حال
الكثير من المبدعين الذين تركوا أثر كبير عند قدومهم إليها.
اكتشاف موهبته
نحن نعلم أن الحب يهبط فجأة لا نحسبه ولا نقدر أن نمنعه
ولسنا قادرون على احتساب خطواته العمرية والزمنية، وهكذا
هو الحال في الموهبة التي طالما ما أحبت شخصًا إلا وجعلته
عاشقٌ لها ومجنونٌ بها، استطاع “أشرف عبده” أن يدرك في
مرحلة صغيرة من عمره محبته الكبيرة للمسرح، وبالفعل
استطاع أن يخدم في كنيسته وأن ينضم إلى مسرح الكنيسة
(كنيسة السيدة العذراء بأرض الشركة)، وعلى الرغم من
صغر عمره على أنهم كانوا في ذلك الوقت يريدون أن يفعلوا
شيئًا جديدًا لعرضه ولم يكن هناك متسع من الوقت كبير،
فاقترح عليهم أشرف بعض الأفكار لتنفيذها وبالفعل أعجب بها
الكثير ونفِّذَت وطُلبت بعد ذلك بالاسم ليتم عرضها في الكثير
من المراسم والاحتفالات.
وتوالت بعد ذلك الأفكار إلى الاسكتشات والمسرحيات حتى
صنع اسمه في هذا الوسط من صغره بين زملائه وبين الناس
من حوله فكانوا يطلبونه بالاسم عندما يرغبون بأن يعدّوا بعض
الاحتفالات ليقوم بكتابة أفكاره وتحويلها إلى نصوص
مسرحية.

عندما يؤمن الناس بشخص
آمن الكثير من الناس بموهبة أشرف الفنية والتأليفية وكانوا
يستعينون به ليكتب لهم النصوص في أي مراسم أو احتفالات
تخص الكنيسة وهكذا كان الحال من المرحلة الإعدادية مرورًا
إلى المرحلة الثانوية، عندما تم اختياره لان يقود هو الفريق
المسرحي لهذه المرحلة العمرية برغم أنه قد يكون أصغر من
البعض ولكن لموهبته المتميزة كان هذا الاختيار ما يستحقه،
وكان قد عُرف في ذلك الوقت عن أشرف أنه كاتب ومخرج
متميز، واشتهر حينها بكتابة الأمثال الدينية التي قالها السيد
المسيح.
أول جائزة يفوز بها
في ذلك الوقت اشترك أشرف عبده في مهرجان الكرازة
للمواهب الفنية وقد حصد في هذه المسابقة على المركز الأول
مما ترتب عليه احترام الناس له لأنه بالطبع قد تعرض في هذا
الوقت إلى الغيرة من بعض الناس من حوله ربما لأنه أخذ
مراتب مهمة وهو مازال صغيرًا، ولكن هذه الجائزة جعلت
الناس تحترمه وتحترم موهبته وبل غير ذلك يدعمونها أيضًا.
المرحلة الجامعية وتأثيرها في بنائه الوجداني والفني
دخل أشرف عبده إلى معهد الخدمة الإجتماعية ليستكمل
دراسته بعد اجتيازه المرحلة الثانوية وكان من الغريب أن في
أول يوم يذهب فيه إلى المعهد ظل يسأل عن وجود فريق
مسرحي أم لا؟
كان كل ما يدور في مخيلته واهتماماته الأولى قبل الدراسة
والسؤال عن المنهج والدكاترة هو السؤال عن المسرح،
فذكرني هذا الحدث إلى عبارة جميلة قد كتبها الروائي “تامر
إبراهيم” تقول: “دائمًا ما يعود المجرم إلى مسرح الجريمة”
فحقًّا كم هي عبارة طريفة وجميلة تحمل في ثناياها عمق كبير
لوصف الكاتب المسرحي أو الفنان المسرحي، فهكذا رأيت أن
هذه العبارة تنطبق على أشرف بالفعل في هذا الموقف.
وكانت أول عقبة له أن دخول الفريق لم يكن بالأمر السهل
نظرًا لأنه مليء بالكثير من المواهب الثقيلة وليس بالأمر
السهل أن يقنعهم بموهبته، فأكتفى أن يذهب إلى هناك للتأمل
والمراقبة ليكتسب خبرة لأن حب المسرح كان هو الدافع الأول
والأخير له حتى وإن وقف ليشاهد فقط.
