أكنت حزينًا حقًّا يا نوڤمبر؟

أكنت حزينًا حقًّا يا نوڤمبر؟

بقلم: أبانوب سامي رزق

 

 

أكنت حزيناً حقاً يا نوڤمبر؟
الكاتب أبانوب سامي رزق

أكنت حزينًا حقًّا يا نوڤمبر؟

ليالي نوفمبر الحزينة

انتهت ليالي نوڤمبر الحزينة، لا أدرك هي التي انتهت أم أنا؟

و لماذا أدعوها بالحزينة تلقائيًا، ربما لاعتقادي منذ الصغر أن

نوڤمبر هو شهر النهايات، نهاية شعور المرء بالدفء التلقائي

من الشمس، نهاية جلساتنا نتحدث ليلاً بسبب البرد…كلّا، لم

يكن هذا فقط؛ لم يكن هذا هو حزن نوڤمبر، ففي نوڤمبر كانت

أمي تقول لي كل عام وأنت بخير يا صغيري ولكننا لن نتمكن

من إقامة عيد ميلاد لك فإن الشتاء قادم و علينا إدخار الأموال،

و في نوڤمبر أتذكر دخول أبي للبيت ليلاً يرتعش من البرد إذ لم

يكن لدينا ما يمكنه من شراء معطف، و كانت أمي تضع له ما

يأكله فيسألها قبل أن يأكل إذا كان الصغير قد أكل (الصغير

الذي هو أنا)، فتقول له: لقد أكل، فيسأل و ماذا عنك أنتِ؟

فتكذب، و تقول أنها أكلت حتي شبعت، و لكنها لم تأكل من

الأصل، لماذا قالوا لي أن الكذب خطأ؟

كذب أمي أنقى أنواع الكذب

إني أرى أمي تكذب علي أبي لكي يأكل كفايته، و تكذب عليَّ و

تشتري لي الملابس و تخبرني أنها لا تحتاج ملابس جديدة فهي

تشعر بالدفء و أنا أعلم أنها تكذب، أعتقد بان الكذب ليس شيئًا خاطئًا يا سادة بعد ما رأيت من أمي و كانت نهاية نوڤمبر هو

بداية كذب أمي الجميل و بداية سماعي أبي يكرر “الحمدلله يا

صغيري علي زحيم النعم هذا”، يا أبي ليس لدينا ما يكفي من

الأموال لشراء الملابس وأنت تقول لي هذا! تذكّر دومًا يا بني

أن هناك من ليس لديه ما يشتري به الطعام و ينام جوعًا، و أن

هناك من ليس له بيت و يموت بردًا، أفلا تظن أننا حقًّا نعيش

في زحام من النعم؟ كانت نهاية نوفمبر ليست حقًّا حزينة.

كانت نهاية نوڤمبر هي بداية حب أمي و رضا أبي…كانت نهاية

نوڤمبر هي بداية الشعور بدفء العائلة…كانت نهاية نوڤمبر

هي ما علمتني به الحياة.

https://www.elmshaher.com/

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.