أمي تكذب ببراعة
أمي تكذب ببراعة
بقلم الكاتب … وليد يسري
منذ طفولتي و أمي تكذب، كانت الساعة الخامسة والنصف وهي تخبرني أنها تجاوزت السادسة، أقوم مسرعاً للحمام فتجبرني أن اتوضأ و أصلي ثم أتناول وجبة الإفطار على الرغم أنني متأخر و قبل أن أخطو عتبة دارنا اسمع المذياع وهو يخبر الدنيا أن الساعة قد أعلنت السادسة، لم تكن هذه الكذبة الوحيدة بل أنها طيلة حياتها تكذب، عندما أخفقت في دراستي لأول مرة قالت لي أنها سعيدة و ” وربنا مبيجبش حاجة وحشة” لكني كنت أعلم أنها حزينة جداً، ويوم خاصمت أخي بعدما ضربني كذبت وقالت أنه لم يضربني بل كان يمزح معي،
كانت تكذب وكنت أصدقها في كل مرة، كنت أحمق عندما صدقت أنها ” مالهاش نفس تاكل نوبها” على حد تعبيرها
نظرت لها غير مصدق لأنني أعلم أنها لم تأكل فَفهِمت وأقسمت لي أنها لا تحبها، كانت تبكي كل يوم وتخبرني عندما أسالها
” عنيا مطروفه.. رمش جه في عيني”
كانت تتفنن في خداعي حتى عندما مسكت ساقها لأول مرة من الألم وكادت أن تقع هرولت ناحيتها ملهوفا فهدأت من روعي وهي تكذب قائلة ” ما يقع إلا الشاطر أنا زي الفل بس رجلي نَمِلت”
كانت تكذب طيلة حياتها حتى لا تكسر قلوبنا، ظلت تعاني من كل شيء وتحاول بكل جهدها أن تخفي عننا هذه المعاناة.
أتمنى أن أموت قبلها حتى لا تخدعني للمرة الأخيرة وهي تقول
” هنام وهصحى تاني متقلقوش”