أي الذنوب يغفرها صوم رمضان؟
صام شهر رمضان ، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه اى يفعل هذا إيماناً واحتساباً، ليس من أجل أن يُقال صائم، أو يقال قائم ، يفعل هذا طلباً للأجر من الله وحده،
أي الذنوب يغفرها صوم رمضان؟
بقلم.. د. احمد يوسف الحلواني
باحث في الشريعة الاسلامية
قال الإمام أبو القاسم بن محمد الجُنيد قدَّس الله سره، شيخ أهل الظاهر وأهل الباطن، أهل الإحسان وأهل العمل الظاهر، قال وقفت على قلبي بوّاباً أربعين سنة، ألا يدخله إلا الله ، يقول على مدى أربعين سنة لم أسمح لشيئ غير الله أن يدخل قلبي.
من هنا وبهذا المسلك العظيم كانوا اهل كرامات ومُكاشَفات والقدرة العظيمة على الاستقامة.
قال صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً وفي روايات مَن صام أيضاً ، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه.
يفعل هذا إيماناً واحتساباً، يحتسب أجره فقط عند الله، ليس من أجل أن يُقال صائم، أو يقال قائم ، يفعل هذا طلباً للأجر من الله وحده، {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }.
الله لا يقبل إلا الخالص من العبادة والعمل، لا يقبل الشركة فيها، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، وعند الإمام النسائي خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
يرجع على الفطرة بريئاً جميلاً بشهر واحد، إذا صامه أو قامه، لو صامه وقامه إيماناً واحتساباً.
ومَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، أخرجه الإمام أحمد بن حنبل رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه بزيادة: وتأخَّر
قال علماء الحديث وهي زيادة صحيحة السند أي بسند صحيح. غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر.
إن مات في رمضان أو بُعيد رمضان يلقى الله بكل الحسنات التي زلفها، التي مهَّدها وقدَّمها، وليس عليه شيء من السيئات، مغفور له ما تقدَّم وما تأخَّر.
وقد يخطر في بالنا الان أي هذه الذنوب التي يغفرها صوم رمضان، هل هي الصغائر والكبائر جميعاً، أو الصغائر وحدها دون الكبائر؟
المسألة خلافية.
الإمام أبو بكر بن المُنذِر من مُجتهدي السائدة الشافعية، رحمة الله تعالى عليه رحمة واسعة جزم بأن الذي يُكفَّر بالصوم المقبول والقيام المقبول الصغائر والكبائر جميعاً.
والإمام أبو المعالي الجويني أبو المعالي وليس أبا محمد، لأن أبا محمد هو أبوه، أبو المعالي الجويني إمام الحرمين، ابن أبي محمد، شيخ الشافعية في وقته قال بل الصغائر دون الكبائر، الكبائر لا تُكفَّر إلا بتوبة مخصوصة.
والإمام النووي قدَّس الله سره حكاه عن الفقهاء قال هذا مذهب الفقهاء، طريقة الفقهاء أن الصوم المقبول المُحتسَب به لا يُكفِّر إلا الصغائر دون الكبائر، دون الكبائر! واستدل هؤلاء أعني الفقهاء بما خرَّج مُسلِم في صحيحه، قال عليه الصلاة وأفضل السلام وآله الصلوات الخمس والجُمعة إلى الجُمعة ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات لما بينهن، إذا اجْتَنَبَ بالبناء للمعلوم، إذا اجْتَنَبَ الكبائر.
وفي رواية بالبناء للمجهول، إذا اجْتُنِبَتْ الكبائر، قال إذا اجْتُنِبَتْ الكبائر.
والمعنى واحد! إذن استثنى ماذا؟ الكبائر.
فكأنه قال أما الكبائر، فلا تُكفَّر مع أنه قد يكون معنى الحديث أيضاً قد يكون هذا معنى الحديث إذا اجْتُنِبَتْ الكبائر في وقت أداء هذه العبادات، لا الكبائر السابقة. كل شيئ له جواب، وعلى كل حال الله أعلم بالحقيقة في ذلك.
ولذلك لابد من توبة، {وَتُوبُوا إلَى اللَّهِ جَمِيعًا}.
أي ما الذي يحول يا إخواني بيننا وبين التوبة الآن ونحن على مشارف رمضان، نستروح أنسامه وروائحه الكريمة العُلوية؟
لابد أن نعقد النية من الان علي صوم رمضان كما اراده الله منا ايمانا واحتسابا لله الواحد الاحد لا شريك بنية صادقة جازمة على التوبة من الذنوب جميعها.
فاللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك، اللهم إنك إن تكلنا إلى أنفسنا، تكلنا إلى ضعف وعورة وحاجة وعوزة، وإنا لا نثق إلا برحمتك، ارحمنا بترك المعاصي أبداً ما أبقيتنا، وارحمنا أن نتكلَّف ما لا يعنينا.
اللهم وألزمنا تلاوة كلامك الحكيم وذكرك القديم، على النحو الذي يُرضيك عنا ومنا، آناء الليل وأطراف النهار، ورضّنا بذلك، يا أرحم الراحمين.
اللهم صل صلاة كاملة، وسلم سلاماً تاماً، على نبي، تنحل به العُقد، وتنفرج به الكُرب، وتُقضى به الحوائج، وتُنال به الرغائب وحُسن الخواتيم، ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله الطيبين الطاهرين، برحمتك يا أرحم الراحمين.