أُمة نَصر أَمْ إنْتِصَار بقلم أحمد يوسف الحلواني
▪️أُمة نَصر أَمْ إنْتِصَار▪️
أَحْمَق مَن يُصدِّق أَن أُمةً لا يَتَسِعْ صَدْرَهاَ لِبَعْضَهَا الْبعْض ويُكفِّرُ بَعْضَها بعضاً تَستَطيع أَن تُحقِّق شيئاً ، أُمة جَعلتْ حَربَهَا ليس على الظلم الذي أبهظ الأمة وأرهقها وسامها الخسف والمذلة والهوان .. أمة لم تَجعل همها العمل على القضاء على الأُمية والجهل الفاحش الذي نَاء على مُثقَّفي هذه الأمة قبل أُمّييّ الحرف .
أُمة تَركت رِسَالتها العَتيدة وكفرت بوحدتها وجعلت تَلتفت إلى بعضها البعض تُقضم أطرافها وتعبثْ بالبقية الباقية من معنى وحدتها الضائعة . لتصير سُدىً وهملاً وضياعاً ..أمة لم تَنْتفضْ ضدْ الفساد الأخلاقي المُستشري والفُحش الفكري المُتبذِّل الذي يُريد أن ينزع وأن يسلُخ هذه الأمة من جذورها وأن يخلق لها شخصيةً مسخاً لا هى بالدنيوية ولا هى بالأخروية.
ورغم أنها أُمة لها تاريخٌ ذاخر بالأمجاد وبالنصر الحفيل، فما بالها اليوم أصبحت طُعمةً للآكلين أو بتعبير المصطفى صلى الله عليه وسلم (قصعةً للأكلة تُنقَص من أطرافها وتُنتهَب فما تدري ما تفعل؟)
نحن أمة تستحق الريادة أمة عظيمة مرحومة هى التي قهرت الروم والفرس، و كسرت الصليبيين وأعادتهم إلى بلادهم أخزياء مدحورين، هى التي أوقفت المد العارم للتتار ثم استوعبت البقية الباقية منهم في منظومتها الحضارية والثقافية.
لقد اخذت كل الأمم بالأسباب إلا هذه الأمة اهدرت وتهدر كل أسباب عزتها ورفعتها وإعادة مجد أُمتها التليد ، أمة جعلت افعالها واسباب نصرتها فوق المنابر وبين سطور الكلمات فقط ، أُمة تفعل كل شيء يخرجها من التاريخ بل ويخرجها من الجغرافيا ايضا وتحولها دائما من فاعلة الى مفعول بها .
أمة تستمطرالسماء وتستنجز وتستنصر وتستبذل وتستعطي بها، لكن للأسف هذا الفهم عن السماء إنما نسخر به من ديننا حتى لو أرسلنا الدموع وبكينا رُكَعّا وسُجّدا ، ذلك لأننا نرفع الأكُفْ ونقول اللهم انصرنا وهذه مُغالطة عظيمة.. هل نحن نطلب النصر أم الانتصار؟
فهذا نوح عليه السلام كان معه فئةٌ قليلة ( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ )
في قومٍ كثيرٌ عددهم ومكث فيهم أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً وكان عليه السلام من أولي العزم من الرُسل، أخذ بكل أسباب الانتصار، ولما أعيته الأسباب وانقطعت الحيلة وارتفع الأمل بالكُلية قال (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ ) هنا طلب الانتصار ولم يطلب النصر قال أنا لا أستطيع، لا أستطيع أن أنتصر لنفسي منهم، فأنا أطلب منك يا رب بعد تسعمائة وخمسين سنة في هذا الجهد والبذل والعطاء في الدعوة الى الله أن تنتصر لي ولمَن معي، فلبّاه الله سبحانه وتعالى.
{ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمرٍ وفجّرنا الأرض عيوناً فالتقى المآء على أمرٍ قد قُدِر وحملناه على ذاتِ ألواحٍ ودُسُر}
فيا امة المليار ماذا تُريدون من السماء .؟ أن تنتصر الله لكم أم تُريدون النصر.؟
فاذا اردتم النصر فالنصر لايأتى الا في ساحات القتال وساحات العمل والابتكار والاجتهاد والاخذ بالاسباب وليس ميدان المنتصر فيه قطعا مهزوم لاتطلبوا الانتصار فلا أرى خصم لنا إلا أنفسنا أُطلبوا النصر من الله تعالى أمام عدو حقيقى.
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً.