إدوارد يعيد تعريف الكوميديا السوداء بعبقرية نادرة في الدراما التلفزيونية
شهد الموسم الرمضاني لعام 2025 تنوعا دراميا فريدا، حيث هيمنت الشخصيات المركبة على الشاشة، ما بين الطيبة و الشريرة، وصولا إلى تلك المعقدة نفسيا، والتي تعكس أنماطا بشرية مألوفة في واقعنا.
كتبت: ريهام طارق
لكن وسط هذا الزخم، برزت شخصية “بوشكاش”، التي جسدها ببراعة النجم إدوارد في مسلسل “أش أش“، من بطولة مي عمر وتأليف وإخراج محمد سامي، كواحدة من أبرز المفاجآت الدرامية لهذا العام.
لم يكن الأمر مجرد أداء مميز، بل حالة استثنائية من التقمص الدرامي، أعاد من خلالها إدوارد تعريف مفهوم “الشر المغلف بالكوميديا” مقدما نموذجا نادرا وغير تقليدي في الدراما المصرية.
اقرأ أيضاً: محمود عمرو ياسين.. هل الوراثة وحدها تصنع النجوم أم أن الموهبة تفرض نفسها؟
إدوارد يكسر القوالب التقليدية في رمضان 2025.. شرير ساخر باداء عبقري:
اشتهر النجم إدوارد بأدواره الكوميدية الخفيفة، لكنه هذا العام اختار أن يكسر النمط المعتاد ويخوض تحديا دراميا غير مسبوق، مقدما تركيبة استثنائية تجمع بين الشر المطلق والكوميديا الهادئة، هذا المزيج المعقد بين النقيضين لم يكن مجرد تجربة عابرة، بل اختبارا حقيقيا لقدراته التمثيلية، حيث تطلب منه تحقيق توازن دقيق بين القسوة الساخرة وبين السخرية الجادة، فكيف استطاع إدوارد تجاوز هذا التحدي وخلق شخصية لا تنسى؟
اقرأ أيضاً: مسلسل”وتقابل حبيب”..كشف لحواء سر فارس الأحلام و اعاد تعريف الرجولة الحقيقة
إدوارد شرير مقزز يضحكك رغما عنك!
“بوشكاش” ليس مجرد شرير تقليدي يسعى وراء المال بأي ثمن، بل هو تجسيد للانحطاط الأخلاقي والانتهازية المطلقة، شخص لا يعترف بأي قيمة إنسانية، يبيع ذمته لمن يدفع أكثر دون تردد ومع ذلك، لم يكن هذا الأداء مجرد استعراض للشر، بل جاء مغلفا بسخرية خفية تجعل المشاهد يضحك، بينما يشعر في الوقت ذاته بالاشمئزاز منه.
برع إدوارد في بناء الشخصية بصريا ونفسيا، حيث حرص على أدق التفاصيل في مظهر “بوشكاش” ليعكس قذارته من الداخل والخارج شعر أشعث يغطيه اللون الأبيض الذي يشبه لون الخريف يعطيك احساس بموت الحياه بالضبط مثل حال قلبه، ملابس توحي بالإهمال، مظهر مزري يجعلك تشعر كأنك تشم رائحة كريهة بمجرد ظهوره على الشاشة هذا الإسقاط البصري العميق جعل من الشخصية كيانا حيا ملموسا، وليس مجرد سطور مكتوبة على الورق، استخدام إدوارد الذكي لنبرة صوته ، حيث جعل من الإلقاء أداة كوميدية بحد ذاتها، دون الحاجة إلى اللجوء إلى “الإفيهات” المكررة، كل جملة نطق بها حملت سخرية داخلية، ما جعل ظهوره في كل مشهد غير متوقع ومن أبرز المشاهد التي أثبت فيها عبقريته، المشهد الأيقوني الذي جمعه بابنه، عندما عرض عليه العمل في الكباريه، وحين رفض الابن، جاء رد “بوشكاش” الساخر: “أنت ابن عاق.. في بيتي في الجنة مش هبص لك!” جملة ألقاها ببرود تام، محولًا موقفًا دراميًا بحتًا إلى كوميديا سوداء خالصة.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: التنوع والتكرار في الدراما التلفزيونية بين الابتكار والاستثمار
إدوارد و ستيفان روستي: عبقرية الهدوء الكوميدي
أكثر ما ميز أداء إدوارد في “أش أش” هو أنه استحضر روح مدرسة ستيفان روستي في تقديم الكوميديا الهادئة التي تعتمد على الأداء أكثر من الكلمات لم يكن بحاجة إلى حركات مبالغ فيها أو افتعال ضحك مصطنع بل استخدم “البرود القاتل” ليصنع لحظات كوميدية لا تنسى هذه المهارة تحتاج إلى ممثل لديه وعي عالٍ بـ الإيقاع الدرامي، وهو ما يؤكد أن إدوارد لم يكن مجرد ممثل كوميدي يبحث عن دور مختلف، بل كان فنانا يعيد اكتشاف نفسه ويختبر قدراته في أقصى درجات التعقيد التمثيلي.
المخرج محمد سامي: استغل الجانب الخفي من موهبة إدوارد التمثيلية:
يحسب للمخرج محمد سامي ذكاءه في استكشاف جانب تمثيلي غير مستغل في مسيرة إدوارد، حيث أدرك أنه أمام ممثل يمتلك طاقة كوميدية شريرة كامنة، استثمرها بحرفيه وذكاء في خدمة الدراما، دون السقوط في فخ المبالغة أو الكاريكاتورية، والنتيجة كانت شخصية شريرة تثير الضحك والرعب في آن واحد، تجسيد مثالي للكوميديا السوداء الحقيقية، التي نادرا ما تقدم بهذه الحرفية في الدراما المصرية.
إدوارد.. ما بعد “أش أش”:
بعد تألقه هذا العام لم يعد إدوارد مجرد ممثل كوميدي محبوب، بل أثبت نفسه كممثل من العيار الثقيل، قادر على خوض أصعب التحديات التمثيلية بجدارة هذا الدور يمثل نقطة تحول فارقة في مسيرته، وربما يكون البوابة نحو شخصيات أكثر عمقا و تعقيدا في المستقبل.
اقرأ أيضاً:رحمة أحمد… كواليس واسرار « 80 باكو » وماذا عن صاصا ومربوحة؟
هل سيواصل إدوارد السير على هذا النهج الدرامي الجديد، أم يعود إلى أدواره الكوميدية التقليدية؟
منحنا رمضان 2025 إحدى أكبر مفاجآته الدرامية ممثل أعاد اكتشاف نفسه وأثبت أن الكوميديا ليست مجرد أداة للإضحاك، بل وسيلة ذكية لكشف قبح المجتمع في هذا الموسم، لم يكن إدوارد مجرد ممثل بارع، بل كان ظاهرة فنية تستحق الدراسة والتحليل