إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا بقلم الكاتب محمد الدكرورى 

إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا بقلم الكاتب محمد الدكرورى 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، يروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا” قالوا وما رياض الجنة ؟ قال ” حلق الذكر ” فمن شاء أن يسكن في رياض الجنة في الارض فليجلس في مجالس الذكر، ومجالس الذكر هي مجالس الملائكة ولذلك يقول رسول صلى الله عليه وسلم ” إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلمّوا إلى حاجتكم، أي وجدوا بغيتهم، قال فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال فيسألهم ربهم، وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟

إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا

قال تقول يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال فيقول هل رأوني؟ قال فيقولون لا والله ما رأوك، قال فيقول وكيف لو رأوني؟ قال يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا، قال يقول فما يسألونني؟ قال يسألونك الجنة، قال يقول وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب ما رأوها، قال يقول فكيف لو أنهم رأوها؟ قال يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة، قال فمم يتعوذون؟ قال يقولون من النار، قال يقول وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب ما رأوها، قال يقول فكيف لو رأوها؟ قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة، قال فيقول فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم”

الهداية هي أن يجمع الله لعبده بين العلم النافع والعمل الصالح

وإن الهداية تعني أن يجمع الله لعبده بين العلم النافع والعمل الصالح، ففاقد العلم يتخبط في الضلالة وفاقد العمل يتخبط في الغواية والعامل بعلمه هو صاحب الرشد والهداية، وإن نعمة النعم أن تعبد مولاك، ونعمة النعم أن تسير في طريق النجاة في طريق الآخرة في طريق الجنة، وذلك لأن هذه الدنيا دنيا فانية، والنجاة هو السبيل، الدنيا فانية، والآخرة هي الحقيقة، الدنيا باطلة والجنة هي الأرقى، ولما نتكلم عن الهداية هذا يعني أننا نتكلم عن مصير الآخرة، لأن الهداية تعني الإيمان، ولأن الهداية تعني الطاعة، ولأن الهداية تعني القيم، ولأن الهداية تعني الأخلاق، ولأن الهداية تعني الإسلام، ولأن الهداية تعني علاقة صحيحة مع إله الكون عز وجل، والهداية فضل يتفضل الله بها على من يشاء من عباده، فإذا أراد الله هداية عبد من عباده شرح صدره ووسعه حتى يتسع لقبول الهدى.

وإذا أراد أن يضل عبدا ضيق عليه صدره حتى يضيق عن الهدى، فالهداية بيد الله وحده حتى لو قدر أن قلبك وضع في يسارك ووضع الخير والهدى في يمينك فلن تستطع أن تفرغه في قلبك حتى يكون الله هو الذي يضعه فيه كما قال بعض السلف، فالذين يتعلقون بالدنيا يتعلقون بوهم، يتعلقون بسراب، يتعلقون بشيء لا يساوي عند الله جناح بعوضة، المطلوب أن ينجو الإنسان، لو أعطينا إنسان ملك فرعون ومال قارون وقوة شمشون، وجمال يوسف، ثم سحبنا منه نعمة الإيمان ماذا تساوي هذه الدنيا؟ وإسألوا ؟ من كان يتمتع بالشباب كيف خارت منه القوى، اسألوا أهل المناصب يوم تركوها بحسرة في قلوبهم، اسألوا وستجدون أن الآخرة هي خير وأبقى، وأنها الحقيقة التي ما بعدها حقيقة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.