إرفعي رأسك فأنت أم الكون

كتبت
فاتن فتح الله نصر
=============

تزامن استقبال العشر الطيبة من ذي الحجة أيام استقبال حج البيت …مع ذكرى أم النور العذراء مريم عليها السلام
وهي إشارة من الله عز وجل لعباده بأن يوقنوا بأن الدين كله لله ….
ولايتفرقوا بين الديانات فكلنا لله عبادا طائعين …
ولافرق بين عبد وآخر إلا بتقوى الله ….
والدين كله لله رب العالمين وحسابنا جميعا أمامه وحده

في المناسبتين
نرى أن الأساس في كل منهما أم …. إمراة
السيدة هاجر …
زوج نبي الله إبراهيم وأم ولده إسماعيل …زوج نبي … وأم نبي … جدة العرب المصرية …
أم تركها زوجها مع رضيعها بواد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم … ودعا ربه لعل أفئدة من الناس تهوي إليهم

فقد أذعن إبراهيم لأمر ربه، فخرج بهاجر وابنها إسماعيل، وهو لا يدري إلى أين يأخذهما،
فكان كل ما مرّ بمكانٍ أعجبه فيه شجر ونخل وزرع قال: إلى هاهنا يا ربّ؟
فيجيبه جبرائيل عليه السلام: إمضِ يا إبراهيم.
وظلَّ هو وهاجر سائرين، ومعهما ولدهما إسماعيل حتى وصلوا إلى مكة، حيث لا زرع هناك ولا ماء الا حرِّ الشمس.

أراد إبراهيم عليه السلام أن يترك هاجر وولدها إسماعيل، في ذلك المكان القاحل المقفر،
فتعلقت بإبراهيم عليه السلام وراحت تسأله: إلى أين تذهب يا إبراهيم وتتركني وطفلي في هذا المكان الذي ليس فيه أنيس، ولا زرع ولا ماء، ألا تخاف أن نهلك أنا وهذا الطفل جوعاً وعطشاً؟
رق قلب إبراهيم وتحير في أمره، ولكنه تذكر أمر الله له، فماذا يفعل؟
ويأتي الجواب جازماً حاسماً لا تردد فيه ولا تراجع: إن الله هو الذي أمرني بترككم في هذا المكان، وهو لاشك لن يضيعكم.
فلاذت أم إسماعيل بالصمت، ورضخت هي الأخرى لما أراده الله ثم قالت: إذن لا يضيعنا.
لم تعاتبه … وثقت بربها و أطاعت زوجها الذي يأتمر بأمر الله …
ولم تناقش في أمر أوحى به الله عز وجل إلى نبيِّه إبراهيم برغم كونها امرأة وحيدة مع وليدها في مكان لا أثر به لحياة إلا ماندر ..

نفد القليل من التمر والماء الذي كانا يحملانه … وعندما بكى رضيعها وهرعت تبحث له عما يقتاته … رأت جبلا هرعت اليه علها تعندما تقف عليه تعثر على اثر للحياة فوقفت على المروة فبدا لها جبل الصفا سرابا وكأنه الماء فهرعت اليه …. مضت مهرولة سبع مرات بين الصفا والمروة واللذين أصبحا من شعائر الحج والعمرة … سعت بين جبلين في أرض قاحلة من أجل وليدها
في المرة السابعة كان قد اشتد بها العطش، وأنهكها التعب دون أن تعثر على الماء ونظرت إلى طفلها فإذا الماء ينبع من تحت قدميه… أتته مسرعة وراحت تجمع حوله الرمل
وهي تقول: زم زم.
ثم أخذت تشرب من الماء حتى ارتوت وانحنت على إسماعيل لتسقيه… تفجر تحت قدمي وليدها بئر لن يجف إلى يوم الدين …فيه بركة من رب العالمين
وسبحان الله
صار المكان القفر هو أروع مكان على وجه الأرض يحج إليه أهل الإسلام من كل أنحاء المعمورة
و أصبح الحج ركنا من أركان الإسلام الخمس لمن استطاع السبيل إليه
ومن مناسكه الأساسية السعي بين الصفا والمروه كما سعت أمنا هاجر …
إنها الأم ….
المرأة
الزوجة التي أطاعت ربها وزوجها ومضت بمفردها في واد غير ذي زرع … فأصبحت أفئدة كل أهل الأرض تهوي إليه و يأتونه من كل فج عميق

———————————–
و من نسل إبراهيم أبو الأنبياء كاتت ابنة عمران …
أم النور … مريم العذراء …
التي اصطفاها الله على نساء العالمين …
والتي نذرتها أمها وهي بعد جنين لله …
كما جاء في سورة آل عمران
وفي الآيات 35 .. 36…37 … ملخص لقصة ستنا مريم عليها السلام
إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ
ومن المعروف قدر الزهراوين في القرآن الكريم سورتي البقرة وآل عمران … وفي آل عمران سيرة ميلاد وحياة السيدة العذراء عليها سلام الله
وهي المرأة الوحيدة التي جاء ذكرها صراحة في القرآن الكريم
بل ولها سورة كاملة باسمها قرآن يُتلى إلى بيوم تقوم الساعة … سورة مريم

و لن نخوض كثيرا في الروايات التي تناولت قصة ميلاد المسيح عليه السلام فهي أهم وأكبر بكثير أن نذكرها جزئيا …
ولكننا هنا نشير إلى المرأة الأم …
التي جملت وليدها بين ذراعيها وهاجرت به إلى مصر
خوفا من طغيان اليهود الذين تآمروا لقتله خوفا على نفوذهم وثرواتهم
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ
عادت إلى فلسطين بعد موت الملك الطاغية، وظلت فيها
حتى بعث الله تعالى المسيح برسالته،
فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد اليهود له وكيدهم به
حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم
وألقى شَبَهَهُ على أحد تلاميذه الخائنين وهو يهوذا الإسخريوطي
فأخذه اليهود فصلبوه حيا.
بينما رفع الله عيسى إليه مصدقًا لقوله تعالى:
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

ولما رفعه الله إلى السماء وقال اليهود ما قالوا، أنزله الله من السماء إلى أمه مريم وهي تبكي عليه،
فقال لها:
إن الله رفعني إليه، ولم يصبني إلا الخير
وأمرها فجمعت له الحواريين فبثهم في الأرض رسلاً عن الله.
ثم رفعه الله تعالى
وتفرق الحواريون واجتمع بالحواريين وبعثهم رسلاً إلى البلاد.
وتوفى الله مريم بعد رفع عيسى بخمس سنوات،
وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين سنة
أرأيتم كيف وهي العذراء الشابة والتي اختارها الله لتحمل وليدها المبارك كلمة الرحمن …
تتحمل عبء الأمومة …وترحل بوليدها لتنجو بها غدر اليهود
ثم تعود به لتحمل معه عبء الرسالة

ذكرنا فقط نموذجين اجتمعت مناسبتين تذكرنا بعظمة دوريهما في حياة البشرية عموما
والآن
عليك يا ابنتي وأختي وأمي … أن تكوني فخورة بكونك امرأة وأم
ولتتخذي من سرة الصالحات الأسوة
كل عام والجميع بخير
اللهم أهل الأعياد على أمتنا بالخير والبركة واجمعنا على قلب رجل واحد يارب
كل عام ومصر بخير بكل أهلها
وتحية لكل امرأة
ارفعي رأسك فبك الكون معمور
=================
فاتن نصر

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.