إليسا تراهن على المالكي ورحيم مفاجأة الألبوم ومحمد يحيى وتامر عاشور في صدارة المنافسة
بقلم: ريهام طارق
تُعد إليسا من بين قلة من المطربات اللواتي حافظن على إصدار الألبومات الغنائية بصورة منتظمة دون انقطاع، وقد بلغ رصيدها الفني حتى اليوم ثلاثة عشر البوم، بدءا من ألبومها الأول {بدي دوب} الصادر عام 1999، وصولا إلى أحدث أعمالها {أنا سكتين} الذي تم طرحه العام الماضي.
ويبدو أن ألبوم إليسا المرتقب لعام 2026 يواصل هذا النهج المتوازن، جامعًا بين الجرأة والانضباط الفني، من خلال استكشاف لهجات وأساليب موسيقية جديدة، مع الحفاظ على بصمتها وهويتها الغنائية الخاصة، ويعكس هذا التوجه رؤية واعية لـ مسيرتها الفنية باعتبارها رحلة طويلة تقوم على الأصالة والالتزام بالمعايير الفنية الرفيعة، بعيدًا عن الانجراف خلف الترندات قصيره العمر.
لا تزال إليسا قادرة على مفاجأة الوسط الفني
لا تزال إليسا قادرة على مفاجأة الوسط الفني في مسيرتها الممتدة لأكثر من ربع قرن، بخيارات فنية مدروسة، تعكس رؤيتها الواعية بتطور الذائقة الموسيقية العربية، دون أن تتخلى عن شخصيتها الفنية التي شكلت حجر الأساس في نجاحها.
و إعلانها مؤخرًا عن استعدادها لبدء العمل على ألبومها الجديد لعام 2026 لا يمكن قراءته كـ خبر فني عابر، بل كبيان فني يحمل دلالات متعددة على مستوى الهوية، والرهان، والمخاطرة المحسوبة.
اللهجة الخليجية: تحدي فني جديد لـ إليسا مدروس وليس مغامرة عابرة
أولى مفاجآت الألبوم، والمتمثلة في خوض إليسا تجربة الغناء باللهجة الخليجية للمرة الأولى، تمثل تحوّلًا لافتا في مسارها الفني.
هذه الخطوة، التي عبرت إليسا عن ترددها تجاهها بصدق، يكشف عن فنانة لا تزال تتعامل مع الغناء بوصفه مسؤولية فنية لا مجرد وجود على الساحة الغنائية تصريحها: {أول مرة أتجرأ واغني باللهجة الخليجية… قلت بدي أتقنها وأتعلّمها قد ما بقدر}، وهذا يعكس وعيا بمفهوم الأداء اللغوي بوصفه جزءًا لا يتجزأ من مصداقية العمل الفني.
اختيار عنوان الأغنية (شتا الرياض)، يعكس توجها واعيا لربط الرومانسية التي تميزت بها تجربة إليسا بفضاء خليجي معاصر بات عنصرا مؤثرا في صناعة الموسيقى العربية، لا نستطيع أن تجاهله.
إليسا هنا لا تكتفي بخوض تجربة لهجية جديدة، بل تسعى إلى إعادة تقديم إحساسها العاطفي بصورة تنسجم مع سياق ثقافي مختلف دون أن تفقد هويتها الفنية.

أحمد المالكي ومحمد رحيم: تقاطع الأجيال والمدارس
المفاجأة الثانية في الألبوم تحمل ثقلا فنيا مضاعفا، إذ تشهد تعاون إليسا الأول مع الشاعر الغنائي المصري أحمد المالكي عبر أغنيتين هذا التعاون لا يضيف فقط صوتا شعريا جديدا إلى عالم إليسا، بل يفتح مسار مختلف في بنيتها الغنائية، خصوصًا أن إحدى الأغنيتين من ألحان الموسيقار الراحل محمد رحيم.

وجود اسم محمد رحيم أيضا في هذا العمل يتجاوز كونه مجرد تفصيلة إنتاجية، فهو استحضار لـ مدرسة لحنية خاصة متفردة، شكلت أحد أهم أسباب نجاح إليسا في بداياتها الفنية، ولم يقتصر دوره على ذلك فحسب، بل كان محمد رحيم أحد الركائز الأساسية التي أسهمت في ترسيخ لقب {ملكة الإحساس} المرتبط باسمها.
أن تأتي هذه التجربة ضمن ألبوم إليسا، فهو بمثابة تكريم خاص وتجديد لذكرى الموسيقار الراحل محمد رحيم، الذي ما زالت أعماله وإنجازاته حاضرة بقوة في وجدان الجمهور، محفورة في ذاكرة الموسيقى العربية رغم غيابه عن عالمنا.
رحم الله الموسيقار الكبير محمد رحيم، جوكر الموسيقى العربية.

أما الأغنية الثانية، فهي من ألحان الموسيقار الكبير محمد يحيى، لتُكمل حضور الخط المصري داخل الألبوم، لا سيما أن تعاوناته السابقة مع إليسا أسفرت عن محطات فنية بارزة شكلت جزءًا مهما من مسيرتها الغنائية، ويؤكد هذا الاختيار أن إليسا لا تنظر إلى الصناع للتنوع في شكل الموسيقي فقط بل كمحاولة دمج حقيقي بين مدارس لحنية مختلفة، بما يعكس وعيا فنيا منها يسعى إلى التطوير دون التفريط في هويتها الخاصة.

إليسا 2026: بين رومانسية خوري وسحر ألحان تامر عاشور
على الصعيد اللبناني، تواصل إليسا رحلتها الفنية مع الملحن مروان خوري، الذي يعد أحد أكثر الشركاء انسجاما مع صوتها و حسها الموسيقي، و بانتهاء خوري من وضع لمساته الأخيرة على عدد من الأغاني باللهجة اللبنانية، تؤكد إليسا حرصها على التمسك بجذورها اللبنانية مع الاستمرار في استكشاف تجارب موسيقية جديدة.

وفي خطوة ذكية لتعزيز التنوع الموسيقي، يطل الملحن والمطرب المصري تامر عاشور على جمهور إليسا بأغنية من ألحانه ضمن الألبوم، ليتيح للجمهور فرصة الاستمتاع بسماع عمل يجمع بين الحس الرومانسي الذي يتميز به تامر عاشور، والأداء الفني المحترف لملكه الاحساس اليسا، بما يثري تجربة الألبوم.
في المحصلة، يقدم ألبوم إليسا المرتقب صورة لفنانه تختار خطواتها بوعي ونضج فني لتقدم تجربة تؤكد أن الاستمرارية الحقيقية لا تقاس بكثرة الظهور، بل بالقدرة على التطور دون التفريط في الهويه الخاصة للفنان.
وبصفة خاصة، اترقب بشغف لسماع أغنية أحمد المالكي من ألحان محمد رحيم، فهي تمثل خطوة جديدة في مسيرة المالكي، وفي الوقت ذاته تشكل تحية وفاء وتجديد لذكرى الموسيقار الكبير محمد رحيم، الذي ما زالت روحه الموسيقية حاضرة علي الساحة الموسيقيه العالمية لا العربيه فقط.
نبذه عن الكاتب:
ريهام طارق صحافية مصرية من أصول لبنانية، متخصصة في تغطية الأخبار الفنية والثقافية، وتمتلك خبرة مهنية واسعة في العمل الإعلامي العربي، أجرت حوارات صحفية مع نخبة من كبار نجوم الغناء والتمثيل في الوطن العربي، وتشغل حاليًا منصب رئيس قسم الفن ومساعد رئيس التحرير في جريدة «أسرار المشاهير» في جمهورية مصر العربية.
انطلقت مسيرتها المهنية من المملكة العربية السعودية عبر جريدة «إبداع»، قبل أن تنتقل للعمل في عدد من المؤسسات الإعلامية البارزة في الوطن العربي، من بينها جريدة «الثائر» في لبنان، وجريدة «النهار» في المغرب، ومجلة «النهار» في العراق، ومجلة «المحور» في الكويت، وإلى جانب عملها في الصحافة الفنية، كتبت ريهام طارق مقالات تحليلية في مجالات السياسة الدولية وأسواق المال الأمريكية والأوروبية، كما شغلت عضوية اللجنة الإعلامية في المهرجان القومي للمسرح المصري، وتقدم حاليًا محاضرات متخصصة في الصحافة بمدينة مسقط، عاصمة سلطنة عمان.





