إيران فوق بركان الوجه الخفي لجمهورية الولي الفقيه
إيران فوق بركان الوجه الخفي لجمهورية الولي الفقيه
إيران فوق البركان .. كان هذا هو العنوان الذى وقع أختيار الكاتب الكبير الراحل محمد حسين هيكل لإطلاقه علي أول كتاب صدر له .
بقلم: د. عمر محفوظ
كاتب وناقد مصري
بين الشعارات الصاخبة عن “تصدير الثورة” و”نصرة المستضعفين”، تنام دولة إيران فوق فوهة بركان اجتماعي وسياسي قد ينفجر في أية لحظة. كتاب “إيران فوق بركان” لا يكتفي بتقديم نقد عابر، بل يغوص في عمق التكوين الإيراني المعاصر، كاشفًا كيف تحوّلت الثورة إلى سلطة قمع، والدين إلى أداة حكم، والهوية إلى ساحة صراع.
أمة فوق صفيح ساخن
يرى المؤلف أن إيران ليست بالقوة التي تبدو عليها في الظاهر. فهي دولة تستهلك طاقتها في إدارة أذرعها الخارجية من حزب الله إلى الحوثيين، بينما الداخل يضجّ بالاحتجاجات، وينوء تحت وطأة الفقر، والانقسام العرقي، والبطالة، والفساد الممنهج.
ليست إيران اليوم كما أرادها الخميني في لحظة الحلم الثوري، بل كما صاغها الحرس الثوري في لحظة السلطة المطلقة. فالدولة تُدار بعقلية أمنية، وروح مذهبية، وهاجس أبدي بأن الجميع يتآمر عليها.
ولاية الفقيه: عقيدة أم سلاح قمع؟
يشير الكتاب إلى أن مبدأ “ولاية الفقيه”، الذي يُسوّق على أنه امتداد شرعي للإمامة، لم يعد عقيدة دينية بل صار أداة سلطوية تُمنح لصاحب العمامة ليحكم، ويقمع، ويُفتي بما يشاء، بلا مساءلة ولا شراكة. تحول الدين من مظلة روحية إلى عباءة سياسية تُخفي خناجر الصراع والمصالح.
القوميات المختنقة
يخصص المؤلف فصلًا لتحليل المسألة القومية داخل إيران، حيث يعيش العرب والبلوش والكرد والأذريون في ظل تهميش لغوي وثقافي واقتصادي، ما يجعل من إيران كيانًا هشًا تحكمه فارس المركز وتغلي أطرافه المتعددة بالغضب والاحتجاج. إن هذا التنوع المهمل يُمثّل قنبلة موقوتة أشد خطرًا من العقوبات الغربية.
الاقتصاد… شبح الثورة المضادة
الكتاب يرسم بدقة خريطة الانهيار الاقتصادي: عملة متدهورة، بطالة خانقة، طبقة وسطى تتآكل، وفساد ممنهج يشرف عليه الحرس الثوري الذي تحوّل من جهاز أمني إلى إمبراطورية اقتصادية موازية. والنتيجة؟ شعب مسحوق يتفرّج على نخبة حاكمة تتاجر بالموت في الخارج وتقتات على الذل في الداخل.
الهلال الشيعي… قوس مكسور
يُفكّك الكتاب أسطورة “الهلال الشيعي”، الذي أصبح مجرّد استنزاف دموي لإيران في الجغرافيا العربية. فقد تحول الحضور الإيراني في اليمن وسوريا ولبنان والعراق من ورقة نفوذ إلى عبء سياسي وعسكري واقتصادي، ترفض إيران التخلّي عنه، وتخشى في الوقت ذاته من كلفته المتصاعدة.
النهاية ليست بعيدة
ينتهي الكتاب برؤية متشائمة واقعية: البركان الإيراني لن يهدأ إلا بانفجار داخلي يعيد تشكيل الجمهورية الإسلامية من جذورها. فالتغيير، كما يرى المؤلف، قادم من الشعب لا من الخارج، ومن جوف الوطن لا من ضغوط العقوبات.
خاتمة:
“إيران فوق بركان” ليس مجرّد تشخيص لواقع مأزوم، بل هو رسالة تحذير، لا لإيران فقط، بل لكل من يُفتن بقوة الظاهر ويغفل عن اهتزاز الباطن. هو كتاب يضع إصبعه على الجرح، وينذر بانفجار سيطيح بالأقنعة جميعها… لأن البركان قد يصمت طويلًا، لكنه لا ينسى أن ينفجر.