ابن البلد ثقافة مجتمع وليس بمن أقدر وأجدر
ابن البلد .. سيد الجدعان .. ابو الرجولة .. صفات أطلقها مجتمعنا، تجاه مرشحي مجلس النواب في الآونة الأخيرة خلال الحملات الانتخابية، ومؤيديهم من خلال بعض الأغاني المعبرة عن الحالة الوقتية، حتى ان أغلب الناخبين حين أدلوا بأصواتهم كان مقصدهم من ذلك تلك الصفات، وليس لمن يفهم ويعي معنى البرلمان ومن الاقدر على مهامه، التي ليس لها علاقة بالجدعنة والرجولة والشهامة، ولكنها تؤول لمن هم على دراية تامة بالدستور والتشريع وسن القوانين، إضافةإلى الدور الرقابي على أداء الحكومة.
كتبت: دعاء علي
اختصاص البرلماني الحقيقي
أما الاختصاص التشريعي، فهو سن القوانين، وتقديم مقترحاتها للحكومة، ومشروعاتها ومناقشتها والتصويت عليها بالرفض أوالقبول، بناءًا على احتياجات الشعب، بالإضافة إلى اقتراح تعديلات على الدستور أو القوانين القائمة، مرورًا بالمشاركة في صياغة النصوص التشريعية في اللجان النوعية.
كما أن لعضو مجلس النواب اختصاص رقابي، حيث يتمثل في مراقبة الحكومة <span;>باستخدام أدوات الرقابة البرلمانية، كطرح الأسئلة، والاستجوابات على أداء السلطة التنفيذية، وقدرة النائب على مناقشة الميزانية العامة للدولة والحساب الختامي، ناهيك عن حقه في الاطلاع على تقارير هيئات الرقابة والتفتيش، وطلب بيانات ومعلومات من السلطة التنفيذية تتعلق بأداء العمل.
وهناك اختصاص سياسي وخدمي، ألا وهو تمثيل الشعب في البرلمان، و<span;>الاستماع لمقترحاتهم وشكواهم، وإيصالها إلى مجلس النواب والوزراء المعنيين بها، وتمثيل مصالح الدائرة الانتخابية التي يمثلها.
ولكن الاعتقاد السائد في المجتمعات القبلية التي تغلب عليها، العصبيات والعائلات، أن من يمثلهم في البرلمان “ابن بلدنا أولى من الغريب”، وفي الأغلب الأعم أن ذلك الشخص لا يفهم طبيعة عمل عضو البرلمان التي ذكرناها سابقًا، ولكنه يأتي بناءًا على رغبة الغالبية الأمية في هذا الشأن، فهم أيضا لا يدركون مهام من يجلس تحت قبة المجلس.
أفكار خلاقة لبرلمان حقيقي
ومن هنا يأتي القول، أنه على الدولة سن قوانين تقنن الترشح إلى البرلمان بضوابط وصفات بعينها لاتنطبق على أي شخص، ولكن تنطبق على من هم أقدر وأجدر على تلك المهام الصعبة لعضو البرلمان، فهناك <span;>جهل بحقيقة الأوضاع السياسية والاقتصادية التى تعيشها البلاد والاعتقاد فى قدرة أي فرد أو حزب على تغيير المشهد، في مجمله أو جزء منه.
عضو البرلمان يجب أن يكون لديه أفكار خلاقة، لتأسيس برلمان حقيقي قادر على معالجة جذور الأزمات ودعم القيادة السياسية، وليس بنافقها أو تأييدها، أو الموافقة وخدمة مطالب الحكومة دون وعي، ولكن عليه تبنى واقتراح رؤى تشريعية ورقاببة لصالح قضايا التنمية الحقيقية دون ربط ذلك بمحاباة السلطة السياسية ودون معارضة للمعارضة نفسها، فالمفهوم الضعيف لدور النائب المتعارف عليه بين الناس منذ الأزل، لم يعد رغم ضآلة معناه ومحدودية تأثيره بالفعل الممكن والمؤثر لأنه فى النهاية مرتبط بالقدرة الحكومية على تمويل المشروعات سواء كانت خدمية أو إنتاجية.
التشاحن والتفرق على اللاشيء
فالنائب حاليًا أقصى ما فى وسعه هو التوسط لحل مشكلة مواطن وقف فى كمين لتشابه فى الأسماء أو إصدار قرار علاج على نفقة الدولة أو ندب أو نقل موظف، فجميعها خدمات شخصية واجتماعية، ليست لها علاقة بعمل البرلمان الحقيقي ومضمونه عقد الوكالة بين الشعب ونوابه.
الموضوع لا يستحق حالة الشحن والهوس القبلي والتشاحن والانقسام الاجتماعي والاستبداد والاستبداد المضاد وتفرق الناس على لا شيء.
البعض يتخذ مصطلح “عضو مجلس النواب”، لمجرد الوجاهة والمنفعة الشخصية، والرغبة فى التقرب إلى رجال السلطة بهدف دخول مناطق بعينها “حصانة”، بحسب قناعات الكثيرين، وباعتبار العلاقة مع النواب تمثل وجاهة اجتماعية وعامل من عوامل الشعور بالأمن الشخصي.



