احنا صغيرين قوى يا سيد!!
احنا صغيرين قوى يا سيد!!
غلابة قوى يا سيد !!
ده إحنا صغيرين قوى يا سيد !!
غلابة قوى يا سيد !!
أن تشعر أنك صغير أن تشعر أنك غلبان
هل مازلت الطبقية هى فقط التى تجعلك تشعر أنك ” غلبان” ” أو صغير” ؟
صغير أوى !!
غلبان أوى !!
بقلم : أ.د / جهاد محمود عواض
” ده إحنا صغيرين قوى يا سيد “
هذه هى العبارة القاسية التى نطقتها الفنانة القديرة سناء جميل بحسرة وألم وإنكسار مخاطبة ابنها سيد فى فيلم ” إضحك الصورة تطلع حلوة “
سيد المصور الفوتوغرافى الذى هاجر من بلدته إلى القاهرة مع أمه الحاجة روحية وابنته تهانى من أجل البحث عن سكن قريبا من كلية الطب القصر العينى التى التحقت بها ابنته الوحيدة تهانى
أسرة فقيرة عانت تحت هول الحروب والنكسة ولكنها وصلت لأولى خطوات بر الأمان بالتحاق الابنة بكلية الطب والتى حدث لها مفاجأة باختلاطها بالطبقات الارستقراطية داخل كلية الطب فعانت من الصراع الطبقى وهى الإشكالية التى كانت دائما محل اهتمام المؤلف العبقرى وحيد حامد
فنشأت قصة حب بينها وبين ابن رجل الأعمال طارق عز الدين
وهنا تبدأ عقدة الفيلم
من الممكن أن تكون عقدة مكررة على مر العصور
لكن الجديد الذى استوقفنى مع مشاهدتى لعدة مشاهد وأنا فى طريقى للجامعة اليوم عبارة
” ده احنا صغيرين قوى يا سيد “
” غلابة قوى يا سيد “
فسألت نفسى سؤالا وأنا فى لحظات تأمل : متى يشعر الإنسان إنه غلبان وصغير قوى ؟
اعتقد أن مسألة الطبقية فى هذا العصر لا تجعله يشعر بذلك
فكان لدى المحاضرة الثانية مادة المطالعات للأجانب غير الناطقين بالعربية
وفى سياق الحديث عن مبدأ الكاتب جاء سياق الشعور
فسردت عليهم مشهد إضحك الصورة تطلع حلوة
وفهموا شعور الحاجة روحية فى أنها تشعر أنها غلبانة وصغيرة أمام سطوة الغناء الفاحش لرجل الأعمال عبد الحميد عز الدين
فقلت لهم هى شعرت أنها صغيرة أمام هذا
فماذا عنكم ؟
متى تشعرون أنكم غلابة ؟
ومتى تقولون لى : دكتورة أنا غلبانة ؟
رد يوسف وجنسيته صينى : ” أشعر هذا الشعور عندما يضغط على إنسان غنى أو أشعر بضغط منه عليا “
ردت مهدية من جيبوتى : ” أشعر بهذا عندما أرى البلاغة والفصاحة الكبيرة للغة العربية وأنا أنطق عربى بشكل ضعيف فأشعر أننى صغيرة وغلبانة أمام بلاغة اللغة العربية “
ردت ديقا من جيبوتى : ” أشعر بهذا الشعور فى المستقبل إذا حدث وأنتهيت من دراستى ولم أجد عملا مناسبا يتناسب مع أحلامى فأشعر أنى صغيرة وغلبانة “
تأملت ردودهم فقالوا لى
وماذا عنك ؟!
فكان ردى أننى لم أشعر بهذا الشعور مطلقا لأننى لا أترك نفسى فريسة للغلب
لكن إذا شعرت أننى مكسورة القلب والجناح والخاطر فى يوم ما فهذا يكون تحت ضغط صاحب نفوذ وسلطة “
واجتماع ضغط النفوذ مع السلطة أخطر إشكالية وكفيلة أن تجعلك تشعر بالغلب
فكان ردى قريبا من رد يوسف لكن هو ربط الضغط بالغنى المادى وأنا ربطته بضغط النفوذ والسلطة
لم أجد فى الردود أى شعور بالغلب تحت ضغط الطبقية الاجتماعية
وإنما أجناس مختلفة وألسنة مختلفة وأنا منهم شعور الغلب يأتى إلينا عند الشعور بالضغط وليس الطبقية
هل احنا عكس الحاجة الروحية ؟!
أم أننا نتفق مع ابنها سيد الذى رد عليها :
” لا ياما محنش صغيرين إحنا كبار قوى بس مش عارفين نشوف نفسنا “
الفرق أننا قادرين على رؤية أنفسنا جيدا
وحيد حامد وحواراته التى لها وقع وبصمة خاصة على الروح والنفس والعقل
هى التى جعلت من شخصياته حية حتى الآن وعبارتها تدرس :
” احنا صغيرين قوى يا سيد “
” كلمة بحبك عقد “
” أنت بترقص بلسانك وأنا برقص بجسمى بس أنت رقصك مالهوش جمهور “
” مصر بقيت قاسية قوى على ولادها يا باشا “
فكما جعل وحيد حامد وشريف عرفة مخرجا من الحاجة روحية إنسانة شالت النكسة سنيين طويلة فوق دماغها ولفيت بيها البلاد لحد ما وقعت وإنكسرت تحت رجليها
جعلونا فى تحد دائم مع أنفسنا لأى نكسات أخرى مستخبية زى نكسة بنتهم تهانى ونكسة ٦٧
فكما شالت هى النكسة فوق دماغها
فشلنا كل إنكسارات أنفسنا
وشاهدنا تحولات فى الوعى الجمعى والسياسى للمصريين
ووقفنا فى ميادين ووقعنا وقمنا
هذا يجعلنا نقول
إحنا مش صغيرين خالص يا سيد
ولا غلابة خالص يا سيد لأننا عرفنا نشوف نفسنا كويس قوى …..
عزيزى القارىء
أنا وأنت مش صغيرين خالص ولا غلابة قوى
لكن يبقى التساؤل :
متى تشعر أنك صغير قوى غلبان قوى ؟!
جهاد
كاتبة المقال :
أ.د / جهاد محمود عواض
أستاذ الأدب المقارن والنقد الأدبى الحديث المساعد بكلية الألسن جامعة عين شمس …
عضوة لجنة الفنون والآداب بالمجلس القومى للمرأة