هنا الزاهد في “إقامة جبرية”: هل اجتازت اختبار الأداء النفسي المعقد؟
هل نجحت هنا الزاهد في كسر القوالب النمطية؟
خاضت النجمة هنا الزاهد تحديًا جديدًا في مسيرتها الفنية من خلال بطولتها لمسلسل “إقامة جبرية”، لتكسر حاجز النمطية التي طالما أحاطت بأدوارها الرومانسية والكوميدية.
كتبت: ريهام طارق
بهذه الخطوة الجريئة، أعادت رسم ملامح شخصيتها الفنية، لتكشف للجمهور جانبًا مختلفًا من موهبتها، وتجعلنا نتساءل: هل نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مشوارها؟
في مسلسل “إقامة جبرية”، تخلّت هنا الزاهد عن صورتها المعتادة لتجسد شخصية غارقة في تعقيداتها النفسية، تعيش صراعًا داخليًا مظلمًا يقودها إلى حافة القتل، وبينما حظي أداؤها بإعجاب الجمهور والنقاد، يطرح السؤال نفسه: هل استطاعت بالفعل التعمق في دهاليز هذه الشخصية المضطربة وإيصالها بواقعية، أم أن التجربة كانت مجرد كسر النمط دون الغوص في جوهر الأداء النفسي؟
اقرأ أيضاً: نور محمود يفاجئ الجمهور في “صفحة بيضا”.. من المثالية إلى الخيانة بإتقان مذهل
هنا الزاهد في “إقامة جبرية” هل كان التحول النفسي للشخصية مقنعًا؟
قدّمت هنا الزاهد شخصية سلمى، الفتاة الشابة التي تحمل في داخلها اضطرابات نفسية عميقة، لكن يظل التساؤل قائماً: هل جاء تحولها الدرامي بشكل متدرج ومقنع، أم بدا مفاجئًا دون تمهيد كافٍي يسمح للمشاهد باستيعاب تطوراتها النفسية؟
يتطلب نجاح أي دور نفسي معقد بناءً دراميًا متماسكا يعكس تصاعد الاضطراب النفسي تدريجيًا، مما يمنح المشاهد فرصة لاستيعاب التحولات العميقة في الشخصية والتفاعل معها بواقعية، فـ التغيرات المفاجئة، دون تمهيد كافٍ، قد تفقد الأداء تأثيره وإقناعه، و في بعض المشاهد، بدت سلمى وكأنها تتأرجح بين حالتين نفسيّتين متناقضتين دون مبرر درامي واضح، مما أضعف مصداقية تطورها النفسي وأضعف ارتباط المشاهد برحلتها الداخلية.
هل افتقدت هنا الزاهد في أحداث مسلسل “اقامة جبرية” عنصر التصعيد؟
كان من الضروري أن تتجلى بوادر الاضطراب النفسي منذ الحلقات الأولى من خلال إشارات خفية وسلوكيات دقيقة توحي بالتوتر الداخلي، مما يسمح بتصاعد التدريجي حتى يصبح جزءًا جوهريا من الشخصية، فعلى غرار أداء النجمة منى زكي في “لعبة نيوتن“، حيث قدّمت تحولاتها النفسية بمراحل متقنة عززت من واقعية الأداء، كان بإمكان هنا الزاهد أن تعتمد على بناء أكثر تدرجا، يمنح المشاهد فرصة للتفاعل العاطفي العميق مع رحلتها النفسية ويجعل تحولاتها أكثر تأثيرًا وإقناعًا.
اقرأ أيضاً: حاتم حافظ: حنان مطاوع ممثلة “قفلت اللعبة” واحلم أن اقدمها في عمل كوميدي
التعبير الجسدي و الانفعالات بين الإتقان وغياب التفاصيل الدقيقة:
يعد التعبير الجسدي و الانفعالات الدقيقة من أقوى أدوات الممثل عند تجسيد شخصية مضطربة نفسيا، وقد أظهرت هنا الزاهد تحكما لافتا في تعابير وجهها، خاصة من خلال نظراتها التي عكست بمهارة صراعها الداخلي، كما تميز أداؤها بتباين نبرات صوتها بين الهدوء الحذر والانفعالات الحادة، مما عزّز الإحساس بالتوتر النفسي.
ورغم هذا الإتقان، لم يكن الأداء خاليًا من الثغرات، إذ اعتمدت في بعض المشاهد على التعبير الصريح والمباشر بدلًا من السماح للتوتر الداخلي بالتسلل تدريجيًا إلى ملامحها وسلوكها، مما جعل بعض اللحظات تبدو أقرب إلى الأداء المسرحي منها إلى التجسيد الواقعي، كما افتقرت بعض المشاهد إلى التفاصيل الجسدية الدقيقة التي تعمق مصداقية الأداء، مثل ارتجاف اليدين، الحركات العصبية الخفيفة، أو التغيرات الطفيفة في نبرة الصوت عند تصاعد التوتر، وهي عناصر كان من شأنها أن تجعل التحولات النفسية أكثر إقناعا و تأثيرا.
هل نجحت هنا الزاهد في كسر القوالب النمطية؟
اعتاد الجمهور على رؤية هنا الزاهد في الأدوار الكوميدية والرومانسية، ما جعل مشاركتها في “إقامة جبرية”، بمثابة اختبار حقيقي لقدرتها على خوض تجربة درامية أكثر تعقيدا، لم يكن التحدي فقط في تجسيد شخصية جديدة، بل في إثبات امتلاكها للأدوات الفنية التي تمكنها من تقديم الأدوار النفسية المركبة بعمق واحترافية.
نجحت الزاهد في مفاجأة المشاهدين بخروجها عن الصورة النمطية التي ارتبطت بها، لكن يبقى التساؤل: هل كان أداؤها نابعًا من فهم عميق لأبعاد الشخصية، أم مجرد استعراض جانب مختلف من قدراتها التمثيلية؟
في بعض المشاهد، بدأ التحول في الشخصية وكأنه محاولة واعية لإثبات القدرة على تقديم دور نفسي معقد، أكثر من كونه تطورًا طبيعيًا ينبع من أعماق الشخصية نفسها، ورغم أن ذلك لا يقلل من اجتهاد هنا الزاهد وسعيها لكسر نمطية أدوارها السابقة، إلا أنه يترك مساحة لمزيد من التطوير، بحيث يصبح الأداء أكثر تلقائية وواقعية، ويصل إلى المشاهد دون إحساس بالمبالغة أو التكلف.
مقارنة هنا الزاهد بأعمال درامية مشابهة:
عند مقارنة أداء هنا الزاهد في”إقامة جبرية” بتجارب درامية مشابهة، نجد أنها قدّمت أداء جيدًا، لكنه لم يصل بعد إلى مستوى العمق النفسي والتطور التدريجي الذي ميز أدوارا مشابهة، مثل منى زكي في “لعبة نيوتن” أو نيللي كريم في “سجن النساء”.
في هذه الأعمال، انعكست التحولات النفسية للشخصية بشكل مدروس و متدرج، مما منح المشاهد فرصة لاستيعاب تطورها العاطفي والنفسي بواقعية.
في المقابل، بدت سلمى، في بعض المشاهد وكأنها تقفز بين حالتين نفسيّتين متناقضتين دون تمهيد درامي كافٍ، ما جعل تطورها يبدو أقل سلاسة و أحيانًا غير مبرر دراميًا، وهو ما قد يكون ناتجًا عن غياب تصعيد نفسي واضح يربط بين نقاط التحول في شخصيتها.
الإخراج وأثره على أداء هنا الزاهد:
لا يمكن فصل الأداء التمثيلي عن الرؤية الإخراجية، للمخرج أحمد سمير فراج فهي، عنصر حاسم في إبراز الأبعاد النفسية للشخصية في مسلسل “إقامة جبرية”، ساهمت الإضاءة الداكنة وتوظيف الظلال بذكاء في تعزيز الأجواء المشحونة، مما عكس الحالة الداخلية لـ سلمى بفعالية، كما لعبت زوايا التصوير القريبة دورًا مهمًا في تسليط الضوء على تعابير الوجه، ما منح هنا الزاهد مساحة أكبر للتعبير عن صراعها النفسي بوضوح.
لكن في المقابل، جاء إيقاع الأحداث سريعًا في بعض الحلقات، مما حدّ من تصاعد التوتر النفسي تدريجيًا، وترك انطباعًا لدى بعض المشاهدين بأن التحولات كانت متسارعة وغير ممهد لها بالشكل الكافي، مما أثّر على عمق التجربة الدرامية وأضعف تأثير بعض اللحظات المفصلية في تطور الشخصية.
هل وصلت هنا الزاهد إلى مرحلة النضج الفني؟
يصعب تصنيف أداء هنا الزاهد في “إقامة جبرية” بين النجاح المطلق أو الإخفاق، لكنها بلا شك قدّمت تجربة مختلفة كسرت بها الصورة النمطية التي ارتبطت بها سابقًا، وأظهرت قدرة لافتة على تجسيد الشخصيات المركبة، ومع ذلك، لا يزال أداؤها بحاجة إلى مزيد من العمق و التلقائية، فضلا عن تحكم أدق في التفاصيل الجسدية والنفسية، لضمان وصول الشخصية إلى أقصى درجات الإقناع.
ورغم من اجتهادها في تقديم شخصية مركبة ومعقدة، كان بالإمكان إبراز تحولات سلمى بأسلوب أكثر تدرجًا وواقعية، مما يمنح المشاهد فرصة للاندماج العاطفي الكامل مع تطوراتها النفسية.
إذا كانت هذه التجربة بداية جديدة للنجمة هنا الزاهد في عالم الأدوار النفسية المركبة، فهي بلا شك خطوة واعدة، لكنها لا تزال في حاجة إلى مزيد من النضج والتطور لتصل إلى مستوى أكثر احترافية و عمقا.