الأقلام المرتزقة حين يصبح القلم … سلعة بقلم: انتصار الحسين

الأقلام المرتزقة حين يصبح القلم سلعة

بقلم: انتصار الحسين           

في زمن تداخلت فيه الأصوات وارتفعت فيه الضوضاء على حساب الحقيقة، برزت ظاهرة الأقلام المرتزقة،

تلك الفئة التي حولت الكلمة من رسالة سامية إلى سلعة رخيصة في سوق الجدل والفتنة. لم يعد القلم في أيديهم أداة لنقل المعرفة أو الدفاع عن القيم،

بل أصبح وسيلة للارتزاق، يبيعون به ضمائرهم لمن يدفع أكثر، ويصنعون لأنفسهم وهجًا زائفًا على منصات التواصل الاجتماعي،

خاصة منصة إكس. هؤلاء الكتّاب لا يحملون رصيدًا من إنجاز أو أثر في الفكر أو الثقافة أو حتى في الدين،

بل يقتاتون على فتات الشهرة ويطاردون أضواء الإعلام. يتقنون فن مخالفة الحقائق، ويطلقون آراءً لا تعكس قناعاتهم،

بل تُملى عليهم بحسب رغبة من يموّلهم. كلما زاد صراخهم وارتفع سبّهم، ارتفع ثمنهم في سوق التفاهة، حتى أصبح بعضهم أداة طيعة في يد أصحاب المال والسياسة ، يحاربون هذا ويهاجمون ذاك بلا مبدأ ولا ضمير.

المؤلم أن هناك من يمنحهم من الاهتمام ما لا يستحقون، فقط لأنهم يهاجمون رموزًا شامخة لها تاريخ وسمعة نقية.

ينسى كثيرون أن دواء الجاهل التجاهل، وأن كل تفاعل معهم يزيد من شهرتهم وقيمتهم المصطنعة.

أما إذا أُهملوا وتوقف الناس عن متابعتهم وتداول أخبارهم، خفت بريقهم وسقطت قيمتهم سريعًا. الأفضل ان يكون الرد بالقانون او التجاهل . هؤلاء ليسوا سوى عبيدًا للمادة، يبيعون كرامتهم من أجل رفاهية عابرة، حتى أصبح سبّهم وفضائحهم رصيدًا يتكاثر. وجودهم مرهون بإثارة مشاعر الآخرين،

وإن لم يجدوا مادة للحديث، بحثوا عن أي مشهور أو فنان ليبتزوه ويثيروا حوله الزوابع. إنهم مرتزقة بلا قاعدة ولا مبدأ،

ومع كثرة التفاعل مع اشباهههم، أصبح من السهل أن يسطع نجم من لا يستحق. لكن يبقى الحكم الحقيقي للتاريخ والإنجاز الصادق.

إن القلم في أصله أداة شريفة، أقسم الله به في القرآن الكريم، وجعله وسيلة لتدوين العلم ونقل المعرفة عبر الأجيال.

أما حين يُباع القلم في سوق المصالح، يفقد معناه وقيمته، ويصبح أداة للهدم بدل البناء.

فلنقلب الطاولة على هؤلاء بمقاطعة تصريحاتهم وعدم تداولها، فدواء الجاهل التجاهل.

تجاهل الجاهل أبلغ من الرد عليه، فالشهرات الزائفة لا تدوم، وسرعان ما تتلاشى مع مرور الزمن.

ومهما علت أصواتهم وكثرت ضوضاؤهم، سيبقى النور الحقيقي لصاحب الموقف الصادق،

فالتاريخ لا يحفظ إلا من كتب اسمه بصدق وأخلص في القول والعمل. من أراد العلو بغير حق أذله الله،

ومن ابتغى الشهرة على أكتاف الآخرين أسقطه الزمن.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.