“الإنسانيّةُ سمةٌ يعلو بها الإنسانُ” بقلم: لمْيَاء زَكِي:

 

يتسمُ كُلُّ مجتمعٍ من مجتمعات العالم بسمات توجد في شعبه؛ فتميّزه عن غيره من الشّعُوب، فنجدُ على سبيل المثال أنّ شعباً يتميّزُ بخفة الدّم، والذكاء، والروح الحلوة، ويتميّزُ شعبٌ آخرُ بطيبة القلب، وحُسْن الخلق، والكرم،

وحينما نذكر ونتحدث عن الشّعُوب الأجنبية دااااائما نتذكرُ أهم شيء يميّزُهم؛ وهو الدّقة والإتقان فى العمل، والتنظيم في الوقت، ومسايرة ركب التقدم أولًا بأولَ، معتقدين أن الشُُّعوب الأجنبيةَ تفتقد ما نمتلكه نحنُ من صفات ومميّزات،

وهذا ما كنت أتخيلهُ حتى فاجأتني مدربتي حينما قابلتها، عندما عمّدتُ على الاشتراك فى دار الرّشاقة السّويسرية لليّاقة البدنيّة؛ فقد فاجأتني بمرونة شخصيتها، بجانب كلِّ الصّفات التى تتميّزُ بها بلدها؛ فهي تحملُ جنسيّة ألمانيّة، ومع هذا رأيت فيها خفّة الدّم والروح الحلّوة، وحسن الخُلق، وطيّبة القلب، وهذا عكس ما توقعت أن أراها حينما علمتُ أنّها أجنبيّة، توقعتُ أن أرى شخصيّة جادّة بكلِّ ما تحمله الكلّمة من معنى، لا وقت عندها ((غير للرياضة)) لا تعرف لغةَ المشاعر، كنت أحسبُها عملية بشكل كبير، جاءتْ لتمارسَ عملها؛ لتأخذ أجرها كإنسان آلى يقوم بما يطلب منه فقط، مفتقد المشاعر والأحاسيس، يقوم بما يملى عليه فقط، ولكنّي وجدتها عكس ما توقعت تماماً، بلْ وغيّرت فكرتي بأن هناك صفات بعينها فقط يجبُ أن توجد فى شعوب خاصّة، بلْ يجبُ أن نكون -العالم بأجمعه بمختلف الجنسيّات والديانات- مشتركين فى صفات الإنسانية التي فطرنا اللّهُ عليها، بغض النّظر عما نحمله من جنسية أو ديانة أو معتقد، نعمْ، وجدتُ فيها طيبة القلب حينما تتقبل أعذار من تأخر عن الحصة، وأيضا التواضُع فى توجيهها للحركات والتدريبات، غير مرتدية زي التكبُّرِ بأنّها صاحبة

التّخصّص، ونحن التلاميذ، بلْ نحنُ جميعا فريقٌ واحد، نصنع النّجاح معاً، ونجاحها فى تحقيق أهداف كلِّ واحدة منا، كنت أحسبُها ذات مشاعر جافة، لا تعرف إلا المهمّة التي جاءت من أجلها، بل كانت تحنو علينا بلمسات رقتها فى المواقف الإنسانية، تَسّعدُ، وتضحكُ، وتفرحُ معنا، حينما تجد مجالاً لذلك، وكانت تتأثر وتحزن إذا أصابت شخصية منا بأذى؛ فتدمع عيناها إذا تعرضت واحدة منا لسوء، وأيضا بكل تواضع تتأسف إذا اخطأت أو تأخرت، لقد جعلت من يوم الرياضة كاليوم المفتوح، نروح به عن أنفسنا برياضة وتدريبات تارة، وبالحبِّ والدّاعبة والمرح تارة أخرى، لقد عزفت بسماتيها الإنسانية سيمفونيّة راقية عذبة الألحان، وكانت دائماً تمطر علينا بروح التفاؤل والنشاط والحيويّة؛ فنستمد منها طاقة تنشط أجسادنا وعقولنا، وصدق من قال: “العقْلُ السّّليمُ في الجِسْمِ السّليمِ”.
وأحبُّ أن أضيفَ إلى هذه الجملة عبارة أخرى وهي: “وأنّ النّفسيّة السّيلمة أيضاً في الجسمِ السّليمِ” كانت دائماً توحي لنا بالسّعادة، نعم؛ فالرياضة غذاءٌ للجسد وللروح، فبالرياضة تتخلص من كل السلبيات فى حياتك، وتخرجها عن طريق الرياضة؛ فتكون صاحب نفسيّة سليمة، تحمل صفات إيجابية؛ لذلك كانت تقول وتردد دائماً: كوني سعيدة وأيضا لفظ السعادة بمفوهمه المطلق .
كل هذه الصّفات الجميلة من: رقة القلب، وقوة الإحساس، وإعمال الضّمير، و إحياء المشاعر، صفات إنسانيّة فى المقام الأول، وأظنّ أنّنا يجبُ أن نكون فى كلّ بلاد العالم لنا قلبٌ ينبضُ ويشعر بالآخرين، ولنا أيضاً خفة ظل جميلة نسعد بها الآخرين؛ لنكسبهم الابتسامة، ويمنحونا السّعادة، وأيضاً ضمير يقظ وعقل واعي؛ ليساعد صاحبه على العمل والنّجاح بشرف وأمانة، وهكذا نحمل صفات آيجابية، تُساعدنا على التعايش بشكل أفضل فى الحياة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.