الاجابة: ليست القتل بل حكايات أخرى

الاجابة: ليست القتل بل حكايات أخرى

بقلم / نهى ابراهيم

حالة من السخط شهدتها الساحة المصرية اثر تناقل الصفحات الالكترونية قيام أحد الطلبة بذبح زميلته أمام سور الجامعةووسط عدد لا بأس به من المارة،
السؤال هنا :ماذا حدث؟
الإجابة :جريمة قتل بشعة نقلتها الكاميرات والقاتل يتابع فريسته ثم يقتص منها بطريقة أقرب للهمجية والوحشية المخيفة ليطعنها أكثر من طعنة ثم لا يكتف بذلك فيكمل ما بدأ ويذبحها كما الطيور!
تعالت الآهات والصرخات التى استنجدت بعد ما انتهت القصة وزهقت روحها سريعا فينقض أحدهم ممن شعر بحجم الكارثة وسط كثير من البشر المغيبين أو المتفاجئين ويضرب الولد بقوة ثم تتسلمه الشرطة ودم الطالبة يلطخ يده كما هى الساحة أسفل منها، تبادلت الصفحات صورة القتيلة وتبدو على ملامحها قسمات من القبول والهدوء الذى جعل الجميع يحزن عليها بل ويشتاط غضبا كونها قد تكون بمحل ابنة، اخت أو زوجة لهم…
السؤال :هل وصل بنا الحال لذلك المحل؟

الاجابة :
بالفعل فقد تفاقمت الجرائم الى أقصى حد ممكن أن يتخيله البعض منا، فمن منا كان يتوقع يوما ما أن المستحيل صار ممكنا وبشكل متداول وصريح، لم تنته القضية عند هذا الحد البشع لكنها تطورت الى تفاصيل كثيرة لقصة حب بين الاثنين موضع القضية وهذه كانت النتيجة لعدم قبول طرف الضحية للقاتل، تزايدت علامات التعجب والدهشة وتباينت الحوارات وانتشرت القنوات بمنزل القتيلة وتبادل الجميع بأسرتها الحديث عن قصة نيرة أشرف وزميلها المجنون الذى سلبه رفضها كل علامات التعقل فاختلفت الآراء عندما تسارعت القنوات ببث حى لجيران القاتل وتلك الشهادة الغريبة والموحدة بأنه لم يكن بالشاب الطائش أو حتى العنيف الذى قد يقدم على مثل هذه الجرائم!

نهاية القصة

توقع الكثيرون أن الحكاية قد تنتهى سطورها بمجرد اعلان القاضى تحويل أوراق الجاني الى فضيلة المفتى الذى بدوره يعلن القصاص من القاتل، لكن المدهش بالأمر هو ذلك التعاطف الذى بدوره جعل المجتمع المصرى ينقسم كعادته المعهودة شطرا يدافع والآخر يشجب مطالبا بالعدل حتى وصل الأمر لحكايات جمة يتم اغتيال بها الضحية معنويا وأنها هى من قامت بقتله أولا فصارت النتيجة التى يعلن بها الطرف الآخر أسفه على الجريمة لكن يبدى تعاطفه مع الشاب المجرم!

حالة من التفكير قادت البعض للتمحيص عن السبب الجوهرى لمثل هذه القضايا فقد يكون التفكك الأسرى أو الانطوائية الشديدة التى قد تحيل ذلك البائس الهادئ الى شرير بضغطة زر واحدة
!

جريمة القتل وما عقبها من أكثر من حالة قتل متعمد لا يجب السكوت عنه أو اشاحة البصر بعيدا عنها بل يجب معاقبة المذنب كما ينص القانون حتى يتم ازاحة الستار عن موضع جرح كبير تم دسه بقلب المصريين، عندما تبارى الجميع بالاستماع للشيطان الذى تكبر وعاند ربه وها هو يبدع اليوم بفعلته ويعلن انتصاره على البشر الذى تغلغل الحقد والكره بقلوبهم حتى بات التخلص من الآخر من أسهل ما يمكن!

الفن مرآة الواقع

بينما كان الفن يدير الواقع بنوع من الذكاء حيث يقوم بالقاء الضوء على أى مشكلات دون المساس بحياء من هم قابعين خلف الشاشات، كانت الرسالة غالبا ما تصل وببعض الأحيان تغير بقوانين الدولة كفيلم جعلونى مجرما لفريد شوفى وفيلم أريد حلا للقديرة فاتن حمامة، كثير من القضايا تم بثها وزجها أمام المشاهدين بطريقة تصف لهم الخطأ دون أن تجيزه بل تضع له النهاية القاسية.

دائما كان الفن له تلك الخطوات التى سار عليها الكثيرون حتى الحقبة الأخيرة التى تعالت بها الأصوات المنفرة والتى صارت تستحوذ على أذن كثير من الشباب، كلمات ركيكة والحان غير ملائمة تتناقلها الألسن ليطفو على السطح نوع جديد من الفساد الذى لو حاربته لتم وضعك بخانة المذنب بحق الحرية والابداع الذى تدنى، أفلام تعج بالفوضى ومشاهد العنف والبلطجة معللين ذلك بالاقتراب من الواقع لكن ذلك ليس بالحقيقة فالواقع لم يكن أبدا بهذا السوء، لقد تضاعفت معدلات القتل، السرقة، النصب والاغتصاب الى أقصى صورها بل وبات سماعها شئ غير منفر بل صار معتاد…
الفن هو صناعة… يبنى عليها الكثير فهى تصنع أموالا وكذا بشرا يتأثرون ويتعلمون…

الدين ودوره الخفي

منذ وفاة الامام محمد متولى الشعراوى ونحن صرنا بحقبة مختلفة وكأننا ندور بدائرة مفرغة ليس لها من بوصلة، فنحن كمصريين ببلد مسلم فى غالبه ينبغى علينا التقلد بكل مفاهيم الاسلام وتطبيق شعائره بالقلب قبل اللسان، كان الدور الكبير بجميع المساجد ومحاولة التذكير بأن الدين يأتى دائما بالمكانة الأولى لكن ذلك قد تقهقر كثيرا بالسنوات الأخيرة وسط غياب تام لرجال الدين عدا قلة قليلة لا تستطع مجابهة كل التحديات، دور المشايخ ورجال الدين هو الدور الأكبر، ذلك المقررالذى تراجع بالسنوات الأخيرة بجميع المراحل الدراسية وكأن كل المواد تأتى بالمقدمة ومادة التربية الاسلامية هى فقط بالمحل الأخير، هكذا صرنا فديننا وتعاليمه صارت وبكل آسف بأدنى المراحل لذا فقد تتابعت حالات الانتحار التى لا تنم سوى عن انطماس صوت الايمان بالقلوب وغياب القدوة.

يجب أن يعلو صوت الدين ويراجع دوره الذى ساهم الجميع فى تراجعه، دروس ايمانية تراجع أمور حياتية بصورة مبسطة يسهل على الجميع استيعابها، اتباع قوانين الله هو الحل بتحدى كل حسابات الطبيعة والبشر..

مخدرات… مخدرات

كم تابعنا العديد من القضايا التى تكون بها اجابة السؤال هي التعاطى وحيازة مواد مخدرة تجعل المسلوب عقله فاقدا للوعى يقوم بارتكاب أى من جرائمه بكل سهولة، كم تعبنا وهرمنا اثر تلك النقطة التى لو التزمنا بتطبيق أقصى العقوبة على متعاطيها أو حاملها، لو قمنا باقتصاص تلك البقعة من البداية لما توغلت وانتشرت بكل البلاد على هذه الشاكلة، كم غير مسبوق من حالات الادمان وتعاطى حتى للأطفال الصغيرة وسط حالة من الصمت من الجميع ومعايشة لذلك من خلال الشاشات كأمرا طبيعيا غير محظورا..

حالة من الخلل المدهشة جعلت كل ما هو كان محظورا يوما ما صار طبيعيا ولا يدعو للتعجب، يتوجب على الجميع تطبيق القانون بكل مناحى الحياة وآن يسود العدل بالمجتمع حتى لا يصير كما نتابع اليوم أشبه بغابة كبرى يقتص القوى فيها الضعيف بكل جبروت وقوة دون أن تسقط منه دمعة تعاطفا مع ذلك المجنى عليه…

لذا فاجابة ذلك السؤال الكبير ليست القتل بل حكايات أخرى!

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.