عبده موتة … بقلم الإعلامية د. هالة فؤاد

عبده موتة
بقلم الإعلامية د. هالة فؤاد

العنف بصورة عامة هو إستعمال الشدة والقسوة في التعامل مع الأخر أو حتى مع النفس ، ويتنوع العنف مابين العنف الجسدي من ضرب وسحل وقتل ، إلى الإيذاء النفسي وذلك يكون بالمعايرة والسخرية التي تؤثر في النفس ، فرب كلمة تقتل .
والعنف أيضاهو كل سلوك أو تصرف يؤدي إلى الأذى أو يهدف إليه ، والعنف أيضا يمكن أن يكون لفظي أو فرض رأي .
وللعنف مظاهر متنوعة كالعنف العلمي والعقدي والفكري الذي ينتج عنه الغلو والتطرف والإرهاب .
أسباب العنف :
التنشئة الإجتماعية والبيئة المحيطة :
إن الإنسان لايولد عنيفا قاسيا ولكن مايتربى عليه والبيئة المحيطة به تؤثر عليه ، فاذا تربى في أسرة يقوم فيها الأب بضرب الأم وبضرب الطفل فسوف يرسب في ذهنه العنف ، واذا كانت البيئة المحيطة خارج المنزل تتسم بالعنف فيرى المشاجرات في الشارع بالأسلحة البيضاء والعصي وغيرها من مظاهر العنف .
الثأر :
إذا تربى في بيئة ترسخ في ذهنه منذ نعومة أظافره أنه يجب أن يثأر لوالده وتغرس فيه مظاهر الكراهية ، فسوف يصبح عنيفا قاسيا.
المدرسة :
غياب العنصر الأساسي في المدارس وهو التربية ، الوزارة إسمها وزارة التربية والتعليم ، فالتربية قبل التعليم ، لم تعد المدارس تهتم بغرس المبادئ والأخلاق ، قديما كانت تكتب في ظهر الكراسات المبادى والأخلاقيات التي يجب أن يتحلى بها التلاميذ والطلبه .
ولايوجد إهتمام وإشراف جيد من المسئولين ، ولذلك نجد مظاهر عنف لم تكن موجوده في المدارس من قبل ، فمثلا نجد طالب إبتدائي يشوه وجه زميله ، طفل فقع عين زميله في أول يوم دراسة .
والعنف ليس جسديا فقط بل إمتد إلى العنف الجنسي مثال : قيام عامل باغتصاب طفل يبلغ من العمر ٤ سنوات داخل حضانة ، تعرضت طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات إلى إعتداء جنسي داخل المدرسة وعلى يد معلمها ، وهناك الكثير والكثير من هذه الجرائم الشنعاء ، فاذا كانت هذه أخلاق المعلم ، فماذا ننتظر من النشئ .
إن غياب القدوة الحسنة والإهمال في المدارس من أهم أسباب إنتشار العنف بين الأطفال والمراهقين في المدارس.
الفقر مفتاح العنف :
يعد الفقر من أهم أسباب إنتشار العنف ، بل هو مفتاح العنف ، العنف ضد النفس والعنف ضد الأخرين ، فنجد أن سوء الأحوال الإقتصادية مع غياب العدالة الإجتماعية أدى زيادة حالات الإنتحار لدى الشباب ، فهم يجدون أصدقائهم يتمتعون بمظاهر الرفاهية وهم محرومون من أبسط حقوقهم الطبيعية من مأكل ومشرب وملبس وعذاب المواصلات الغير أدمية مع إرتفاع أسعارها أيضا والذي يمثل عبء كبير عليه وعلى أهله فيحاول أن يمشي ليوفر ثمن التذكرة ، كل خطوة يخطوها بألم جسدي وجسماني تجعل منه إنسانا عنيفا قاسيا ، فالبعض يوحه هذا العنف تجاه نفسه فيقتلها والبعض الأخر يوجه عنفه تجاه الأخرين .
ومع إزدياد الفقر تزيد الجرائم من سرقة ، وسطو مسلح ، وقتل ، أي جميع مظاهر العنف .
نجد معدل الجرائم في فترة الخمسينات والستينات كانت قليلة جدا ، وذلك لوجود عدالة إجتماعية.
إن الفقر مع غياب العدالة الإجتماعية قنبلة موقوتة .
غياب دور الأسرة في التربية وعدم الإهتمام الكافي بالأبناء وتركهم يلعبون الألعاب العنيفة ومشاهدة الأفلام والمسلسلات المليئة بالعنف ،وراء إنتشار العنف .
الفهم والتفسير الخاطئ للدين :
بعض رجال الدين يمكنهم نشر العنف في المجتمع من خلال فتاواهم القائمة على الفهم الخاطئ للدين ، فمثلا نجد أحدهم يفتي بجواز ضرب الرجل لزوجته طالما يحضرلها الطعام ، مفسرا أن قول الله تعالى: واضربوهن ، معناه الضرب كما نعرفه ، ولكن الضرب هنا معناه أن يترك المنزل حتى تهدأ النفوس .
وبعض الفتاوى الأخرى التي تؤدي إلى نشر التطرف والكراهية ، وهذا يتنافى مع روح الاسلام السمحة .
إدمان المخدرات :
إن إدمان المخدرات يؤدي إلى مشاكل صحية وإجتماعية ، يؤدي إلى العنف من قتل وإغتصاب ،والعنف الأسري، وزيادة معدل الإنتحار .
إن إستخدام المخدرات لفترات طويلة يتسبب في تشويه الفسيولوجية لكمياء الدماغ فضلا عن العزلة الإجتماعية .
الإعلام والعنف :
إن الإعلام له دور كبير وهام وخطير في تشكيل المجتمع وأرائه وقناعته وأخلاقياتة ، فمايبث فيه من أغاني ومسلسلات وأفلام يؤثر على المشاهد بصورة كبيرة .
فاذا كان إعلاما واعيا ، ينشر الثقافة والأخلاقيات الحميدة ، والتسامح ، نجد شعبا مثقفا واعيا .
وإذا وجدنا إعلاما ينشر الأغاني الهابطة التي تعتمد على الألفاظ البذيئة ، والأفلام والمسلسلات المليئة بمظاهر العري والمخدرات ومشاهد العنف من قتل وذبح وإشعال النيران والدهس بالسيارات ، ومشاهد الإغتصاب البشعة .
فماذا تنتظر من هذا المجتمع.
قديما كان يشار للأغتصاب مثلا بنور ينطفئ ، زجاج الشبابيك يتخبط مع بعضه ، رعد وبرق ، أي صور رمزية ، ولكن الأن مشاهد إباحية تنشر الفسق والفجور ، ويقولون إبداع !!!!!!!!!.
ماذا تنتظر من مجتمع هذا إعلامه.
إعلام يظهر من يعمل بتجارة المخدرات بأنه باشا يمتلك القصور الفارهة وأفخم السيارات ، إعلام يجعل من يتعامل بالسلاح والسكاكين والمطاوي بأنه بطل !!!!!!!!!!!!!!.
تعالوا معي أرصد لكم مثلا على تأثير هذه الصورة على أبنائنا :
ضبطت الشرطة طالب بإحدى المدارس بالإسكندرية يستعرض بسلاح أبيض على طريقة عبده موته ، داخل فناء مدرسه ، بعدما تم تداول فيديوهات له على السوشيال ميديا ، مؤكدا أنه كان يجهز نفسه لمعركة مع زميل له .
أضرار العنف في المجتمع :
إن العنف يؤدي إلى عدم إستقرار المجتمع ، وعدم الإحساس بالأمن والأمان ، وهذا سيؤدي حتما إلى قلة الإنتاج ، فكيف للفرد أن ينتج وهو خائف .
كما يسهم العنف في ظهور الأمراض النفسية والسلوكيات العدوانية ، وتهديد الأمن المجتمعي .
كيفية منع إنتشار العنف في المجتمع :
لكي نصل إلى مجتمع خالي من مظاهر العنف ، يجب أولا التعرف على أسبابه والدوافع وراءه ثم محاولة الوصول إلى الحلول .
يجب تنشئة الأبناء على الحب والتسامح في أسرة مترابطة بعيدة عن العنف ، مع نشر الوعي بأضرار العنف ، مع الأهتمام بالأبناء وإعطائهم الوقت الكافي ومراقبة تصرفاتهم وأي تغيرات تطرأ على سلوكياتهم .
الالتزام بالحوار الأسري ، لما له من أثر إيجابي في تربية النشئ .
_ يجب على المدرسة أن تقوم بدورها التربوي والتعليمي على أجمل وجه ، وأن يكون المعلم قدوة حسنة .
_ البعد عن الفتاوى الدينية التي ترسخ للعنف والتطرف.
_ يجب على الإعلام أن يكون واعيا بمشاكل المواطن والعمل على بث البرامج التي تساعد بجدية على حل مشاكله .
البعد عن الفن الهابط ومشاهد العري والمخدرات والعنف ، الاهتمام بالبرامج الثقافية ، والاهتمام بالبرامج التي تناقش مشاكل الشباب ، والبرامج الإجتماعية التي ترسخ روح التسامح بين أفراد المجتمع.
كما يجب على الدولة أن تراقب مايبث من خلال القنوات ، فهذا لايعتبر تدخلا يمنع الإبداع ، فما مظاهر الإبداع في مشاهد العري والعنف .
أخر وأهم نقطة تقع على عاتق الدولة وهو محاربة الفقر والبطالة والعمل على عدالة إجتماعية حقيقية ولنعد إلى أهم مبدأ من مبادئ ثورة يوليو المجيدة ،وهوإزالة الفوارق بين الطبقات .

قد يعجبك ايضآ

التعليقات مغلقة.