البرنس وأمثاله بقلم غادة أنور درويش

طالعتنا الشاشات في رمضان الماضي وحتى الآن على مسلسل لاقى نجاح شديد وحقق أعلى نسبة مشاهدات وحقق أعلى نسبة جدل على صفحات التواصل الاجتماعي وجميع وسائل الإعلام المختلفة ألا وهو مسلسل البرنس عن قصة وسيناريو وحوار وإخراج المخرج محمد سامي..

وبصرف النظر عن انطباعي عن النجم محمد رمضان وبغض الطرف عن الآراء التي وصلتني عن المسلسل والسلوكيات المشينة التى قدمها للمشاهد فقد انتابني الفضول لمشاهدة المسلسل أثناء إعادة عرضه في الآونة الأخيرة فقط لدراسة السيناريو والحوار الذي كتبه المخرج محمد سامي واللذين أشاد بهم بعض المتخصصين واقربهم أحد المخرجين الشباب الذين شرفت بالعمل معهم

لا أنكر أن أسلوب كتابة الحوار به شيء من التجدد والابتكارالذي لم يوظف في مكانه الصحيح ولكن تم توظيفه لجلب المشاهدات والاعلانات والنجاح الجماهيري فقط.

القصة ليست بجديدة.. فمنذ عقود عدة والشاشات تثير قصة الأخ الأكبر الذي يعتبره الأب كلمة الله على الأرض ويوكل له مهمة الوصاية على أخوته بأن يكتب له كل ممتلكاته بدافع الحفاظ على الأموال من الضياع وعلى أخوته من الفساد.. وهنا لنا وقفة.

فإن الفكرة في حد ذاتها مستفزة للغاية.. فإذا رجعنا للوراء قليلاً لتذكرنا مسلسل ولي العهد بطولة حمادة هلال من تأليف أحمد محمود أبو زيد وإخراج محمد النقلي وانتاج عام ٢٠١٥ وتدور قصته أيضاً حول الأب الذي كتب جميع ممتلكاته لابنه الذكر خوفاً على ثروته من اخوته البنات وأزواجهن وكانت النتيجة ضرب الأسرة في مقتل وصراعات دائرة بين الأخوة طوال أحداث المسلسل.

ولو رجعنا لسنوات أكثر لتذكرنا فيلم خيانة مشروعة من تأليف وإخراج خالد يوسف وإنتاج عام ٢٠٠٦ الذي يروي قصة الأب الذي كتب كل ثروته للابن الأكبر خوفاً على الإبن الأصغر من الضياع والفساد مما أدى إلي قتل الأخ لأخيه وانتهى به إلى الإعدام.

للأسف جميع الأعمال التي دارت حول تلك القصة وجهت المشاهد إلى التعاطف مع الأخ الأكبر وأيدت موقف الأب الظالم الذي نحى شرع الله جانباً كما لو كان هو الأعلم من الله بشؤون العباد وجعلت منه صاحب الرؤية المستقبلية الثاقبة في حماية الثروة الطائلة التى قضى عمره في جمعها.. وتأتي النتيجة في أبهى صورها حين يدور الصراع بين الأبناء ثم في النهاية يكتشف الإخوة أن الأخ الأكبر على حق فيرضخون له أو أن ينتصر الاخ الأكبر في الانتقام من إخوته والانتصار عليهم مروراً بالضحايا والقتلى على مدار الأحداث مثل رضوان البرنس.

للأسف الدراما أصبحت تغير من المفاهيم الصحيحة للمجتمع وبما فيها الشرع الذي وضعه الله لنا لكي ينظم حياتنا.. فاصبح النصب والسرقة شطارة وكوميديا وأصبحت الخيانة حب ومشاعر جميلة وأصبحت البلطجة شجاعة وأصبحت القيم والمُثُل ضعف وبلاهة.

نحن في أمس الحاجة إلي إعادة هيكلة المجتمع وأول وأهم خطواتها هي إعادة النظر في الدراما التى نقدمها للمشاهد والتي يشاهدها أبناءنا ويتأثرون بها ويجعلوا أبطالها قدوة لهم.. أرجو أن نعيد هيكلة الإعلام رأفة بنا وبأبنائنا وبالأجيال القادمة.. رأفة بمصر وشعب مصر الذي فقد الكثير من الأخلاق والشهامة والترابط وأصبحت الفهلوة والبلطجة هي الصفات السائدة بين أفراده.. أرجو أن نعود للصورة الراقية المهذبة التي كانت تعكسها الدراما في الماضي من خلال دراما الأبيض والأسود وللصورة الجميلة التي كانت عليها مصر في الماضي عسى أن ينعكس ذلك على سلوك المجتمع الذي فقد الكثير والكثير.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.