التجربة صفر بقلم/ مصطفى حسن محمد سليم.
أصبح البحث عن وجود حياة في عوالم مختلفة، هو حلم علماء الفضاء في الفترة الأخيرة، ولكن باءت جميع هذه المحاولات بالفشل الذريع، ودون وجود أي فائدة من الوصول إلى حقيقة مؤكدة على وجود هذه الكائنات العاقلة، التي تسبح في اطار الفضاء الخارجي، مما أصاب بعض العلماء بالجنون لعدم تفسيرهم وجود العديد من الشواهد والظواهر، التي تدل بالفعل على وجود هذه الكائنات، حتى جاءت تلك اللحظة التي وصل فيها كوكب الأرض، إشارة مجهولة تتردد بصفة مستمرة، لم يستطيع أحد من العلماء تقديم تفسير واضح لها….
التف مجموعة من العلماء في وكالة ناسا ،حول طاولة كبيرة لمناقشة الإشارة الراديوية، التي رصدتها الأجهزة الحديثة للوكالة، والتي تم توجهيها إلي الأرض أكثر من مرة، نفس الإشارة، ونفس التردد، يتم بصفة مستمرة، ويتم توجهيها من نقطة معينة من أحد الكواكب السيارة، والتي يقترب مدارها من مدار الأرض بسرعة رهيبة في الفترة الأخيرة، في حين جلس أحد هؤلاء العلماء مبتعداً عن دائرة هذه المناقشات، وهو يتطلع في وجوه الجالسين من خلف زجاج نظارته الطبية في هدوء شديد، ثم عندما صمت الجميع وقف في مكانه متجها نحو احدى شاشات العرض العملاقة المنتشرة كثيراً في أرجاء القاعة، وهو يضغط بإحدى اصابع يديه على سطح احدى هذه الشاشات، التي انساب منها صوت الإشارة واضحا، والذي بدأ يتضخم بشكل أصاب الجميع بالضيق، وهم ينظرون إليه وهو يجلس على احدى المقاعد المتصدرة القاعة، وقد شرد ببصره وهو ينظر إلى أرضية القاعة لمدة لحظات، حتى ساد القاعة الهدوء التام، ثم بدأ في التحدث قائلا لهم أعرف الآن مايدور بداخل عقل كل واحد منكم، في هذه القاعة من تفسير واضح لي هذه الإشارة الراديوية، والتي تبدو أنها رسالة موجهة إلي كوكب الأرض من بعض الكائنات العاقلة، وكل منكم يحاول فك شفرة هذه الإشارة الراديوية حسب تخصصه العلمي، وبصفتي وأحد من أشهر العلماء في علم الفيزياء، وحائز على جائزة نوبل في ذلك المجال، استطيع أن اقول لكم بكل ثقة أن هذه الإشارة الراديوية، تحمل رسالة موجهة إلى كوكب الأرض، وهي عبارة عن رسالة بلغة قد أندثرت من على وجه الكرة الأرضية منذ ألاف السنين، ولم يبقى منها سوى بعض الرموز التي وجدت على بعض الصخور في أعماق أحد الكهوف المتحجرة من أثر البراكين الأرضية، وقد عكفت على حل بعض رموزها، وأنا أحترم كل ماقدمتوه هنا من مناقشات وتفسيرات، ولكن الحقيقة الغائبة عنكم أيها السادة، والتي لم يتم مناقشتها في هذه القاعة حتى الآن، أن ماتم أيجاده بداخل هذه الشفرة هو عبارة عن أمر خطير، ينبئي عن وقوع كارثة محققة في القريب العاجل لكوكب الأرض، لقد أستطعت التوصل إلى فك بعض رموز شفرة هذه الرسالة، والتي تقول أن هناك كائنات عاقلة كانت على اتصال مع الأرض في الماضي، في طريقها لتدمير أي أثر للحياة على كوكب الأرض….
سيدي الجنرال جايكوب، هناك أمر هام حدث يجب أن يتم اطلاعك عليه باقصي سرعة، التفت الجنرال جايكوب إليه والذي كان يتطلع من نافذة غرفته إلى السماء، لمتابعة لحظة الغروب غير منتبه لدخوله إلى الغرفة، وعندما التفت إلى صاحب الصوت، وجد أحد ضباط القاعدة يقدم له ملف أزرق كان في يديه، وهو يقول له في توتر لقد رصدت اليوم دفاعاتنا الأرضية، حركة مريبة للعديد من الأجسام الغريبة تدخل مجال الغلاف الجوي للأرض، وعندما تم التعامل معها فور ظهورها أختفت دون ترك أي أثر لها ،ولم نستطع حتى الآن رصد مكان اختفائها المريب، أمسك جايكوب الملف منه وفتحه وهو يتصفحه في سرعة، ثم وضعه علي سطح مكتبه في عصبية ،وهو يقول له في أهتمام أذن حان الوقت للقيام باستدعاء مجلس أركان الحرب، ولم تمر سوي عدة دقائق علي أنصراف الضابط، حتى ازدحمت قاعة الاجتماعات الملحقة في غرفة جايكوب بالعديد من القادة العسكريين من مختلف أنحاء العالم، وجلس جايكوب وهو يتصدر قاعة الأجتماعات، قائلا لهم في هدوء منذ 10سنوات بالتحديد، كان هناك مشروع سري أطلق عليه أسم (التجربة صفر ) تم أطلاقه لأرسال رسالة إلي الفضاء الخارجي، هدفه البحث عن وجود كائنات عاقلة، أوأي أثر للحياة خارج كوكبنا، وتم بالفعل رصد حركة لوجود نشاط لبعض هذه الكائنات العاقلة، التي أستجابت لوجود هذه الإشارة، ولكن مع تغيير بعض الظروف السياسية، وتحذير بعض العلماء من التواصل مع أي كائنات عاقلة تسكن الفضاء الخارجي، التي ربما تكون معادية لكوكبنا، تم ايقاف هذا المشروع بصفة نهائية، ولكن تم عودة هذه الكائنات إلي الأتصال بنا مرة أخرى، عن طريق ارسال إشارة راديوية متكررة، تم فك شفرتها عن طريق أحد علمائنا الذي حاز على جائزة نوبل في علم الفيزياء، ولقد حذر هذا العالم من فحوى هذه الرسالة، بأنها ربما تكون رسالة معادية مرسلة بلغة قديمة أنقرضت منذ ألاف السنين، وبببدو أن هذه الكائنات العاقلة قد قامت بزيارة كوكب الأرض في هذه الحقبة الزمنية، وقد ظنوا أن هذه هي اللغة القديمة هي السائدة على كوكب الأرض حتى الآن، وهناك أمران مهمان، أولهم هو أننا لسنا واثقين من أن محاولة الاتصال هذه هي من نفس الكائنات العاقلة، التي تم رصد إشارتها من قبل أثناء ذلك المشروع السري الذي تم ايقافه، وثانيهم أن التفسير العلمي الذي تم تقديمه من قبل عن معنى هذه الإشارة، ربما يكون مخطئا في تناوله لتفسير معني الرسالة، وفي صباح ذلك اليوم تم رصد عدة أجسام غريبة معادية تخترق الغلاف الجوي لكوكبنا، وعندما تم التعامل معها، اختفت تلك الأجسام الغريبة بشكل مريب فور التصدي لها بداخل مجالنا الجوي، بدون ترك أي أثر لها، باختصار أيها السادة نحن نواجه عدو مجهول، لانعلم أذا كانت دفاعاتنا الأرضية تستطيع التصدي لهم، وايضا نحن لانعلم ماهي حقيقة تطور هذه الكائنات، بخلاف أمر آخر قد حدث، هو دخول أحد هذه الكواكب في مدار الأرض، الذي اتحد مع كوكب الأرض في نفس المدار ، ويقترب منه الآن في سرعة رهيبة، والذي يفوق حجم الأرض مرة ونصف، وهناك وجود عدة أحتمالات ضعيفة بتغيير مساره في آخر لحظة، ولكن اذا لم يحدث ذلك، ضغط على آخر كلماته وهو ينظر إلى السماء في رهبة شديدة، مستطرداً قد تكون هذه هي النهاية…..
اتخذ ذلك الكوكب الذي يفوق حجم الأرض في مساحته مدار ثابت، وقد توقف ذلك الكوكب العملاق الذي يسبح في مجال الفضاء في نفس مدار كوكب الأرض، مما حجب عن الأرض أشعة الشمس لمدة طويلة، توقفت فيها عملية البناء الضوئي، حيث ماتت جميع النباتات على الأرض، وبدأت درجات الحرارة في الانخفاض الشديد، وتزايد عدد الموتى مع تزايد انخفاض درجات الحرارة، وتجمد سطح المحيط، وبدأ الغلاف الجوي في الانهيار، مما زاد صعوبة الحياة على الأرض، ولم يكن هناك مفر من تدمير هذا الكوكب حتى تستمر الحياة على الأرض، وتم التصديق على ذلك القرار في اجتماع مجلس أركان الحرب، وأنطلقت الدفاعات الأرضية نحو الفضاء لتدمير هذا الكوكب بالعديد من الروؤس النووية، ومع تزامن انطلاق هذه الروؤس النووية، قام هذا الكوكب بتغيير مساره فجأة وغادر مساره منطلقا في مسار جديد نحو الفضاء مرة أخرى ، لتعود اشعة الشمس من جديد تغمر الغلاف الجوي لكوكب الأرض لتكمل رسالتها في الحياة، ونتج عن ذلك الأنفجار تلويث الغلاف الجوي بمزيد من الاشعاعات المؤنية، والتي تعتبر أشعاعات ذات طاقة عالية جدًا، لتزيد معاناة سكان الأرض الباقون علي قيد الحياة، من أمراض ناتجة عنه، واستمر الظلام يغمر الأرض لفترة طويلة من أثر الانفجار، لتصبح الأرض مُفقرة قاحلة تسير في الفضاء بلا هدف وبلا حضارة .