التضحية ليست بواجب:ماهية الحرب النفسية و أبعادها
التضحية ليست بواجب:ماهية الحرب النفسية و أبعادها.
مصطفى نصار
ما الحرب النفسية ؟
تتعدد أنواع الحرب الصلبة و الناعمة و لا يفصل بينهما إلا شعر محددة و تحددها عدة خيوط منظمة أساسية
،و يؤطرها السياقات التاريخية الموضوعية يزيد أهيمتها و من رأسها معنى الحروب و أنماطها و أغراضها.
فما لا يقل أهيمة الحروب هو سياق الحروب هو تغطيها بشكل شبه كامل للصور الكاملة التي تتعدى صورتها مجرد قصص للتاريخ
لتلقي بظلالها على الواقع و تحديدًا على مستوى الفرد و المجتمع و حتى العالم في أقل التقديرات
و تبرر تلك الحروب نقطة هامة و مفادها أن للقوة عدة أبعاد و منها أن الحرب مستمرة مع أوقات السلم لاتخاذها عدة
أنماط كالحرب الباردة بين الاتحاد السوفتيي
و الولايات المتحددة في التمانييات و التسعينيات من القرن المنصرم. و مع انطلاق عملية طوفان الأقصى
،عاد الحديث عن الحرب النفسية لما تمثله من أهيمة و مبادئ و مآلات و نتائج لا تقل ضروارة و شراسة عن الحرب النفسية ،
و يكمن الحديث عنها في معرفة عواملها و مواجهتها لعدم نجاحها طبقًا للعامل المناسب لك.
فلا يوجد تعريف محدد للحرب إلا بصفتها مواجهة تتساوى أو تختلف بين قوتين متكافئتين أو غير متكافتئين في العدد و العدة و الاستعداد و الخطة
، و يثمثل الفارق الجهري للحرب في مدى استمرار الحرب الصلبة لتؤثر على الناعمة
فالأملر ليس كما يصوره منظري السياسة و العلوم العسكرية أن الحرب تعتمد فقط على العدة
لإن ذلك منطق أعوج يعتمد ببساطة على القوة المحضة متغافلًا عن و يعمى عن أبسط قواعد الحروب
و تاريخها نفسه المليئة ببساطة بالانتصارات من الطرف الأقل عددًا و عدة كما ذكر ابن خلدون و ميكافللي. فعلى الرغم من جهل الغرب العميق بأخلاقيات الحرب
و مبادئها فإنهم أذكياء في معرفة نقاط ضعف و قوة العدو و العمل على اغتياله و تفريقه و تقطيعه
و العمل على إدمجه قسريًا في الحياة و اغتيال العقل بتعبير برهان غليون للتمكن من الحفاظ على مصالحه من النهب و السرقة و القتل و تعطيل العقل و الشرعية .
ومما سبق يمكن تعريف الحرب النفسية بإنها جزء من الحرب الباردة التى تمارس على العدو بهدف إما التغطية على فشل أو لبث الخوف
و الهلع و إثارة العاطفة ،وبذلك زعزعة أركان الجمهور و تحريك الجماهير من أجل اتباع سردية ما
و موقف لا يريد الخروج عنه حتى يحكم و يبقى قوته كما هي أو رسم صورة متخيلة جديدة في ذهن المتفرج أو القارئ .
توضيح مبادئ الحرب النفسية
من أبرز مبادي الحرب النفسية -من عدة مبادئ تتقاطع فيها علم النفس و الاجتماع و الحرب-تركيزها على النفس سواء امتدادها بالقوة أو بالضعف
.فتختلف بذلك عن كل الحروب. و تغذي العوامل و المبادئ تلك بحالة الفرد المقهور في البلاد الاستبدادية
و يكمن الأمر الثاني في مدى التأثير النفسي كما قال شميت و باومان للتنميط بحسب الأحوال النفسية و الثقافية. و ترتبط بذلك بالسمعة الطيبة أو السئية .
فتتوفر الحرب النفسية بحسب جون كيغان بحسب عمر و طبقة و ذكاء و مرونة الفرد في التعامل مع الحقائق و الاطلاع على المتغيرات
و الماجريات . و تقدم نفس الأخبار لدى الكبار و الأطفال و الفقراء و ذلك بسبب انسداد العقل
و تعطيل مسار الإدراك الطبيعي . و تتوافر المادة المقدمة للشاب المطلع ممزوجة بالكذب و التزوير لإحياء السردية الخاطئة
و الالتبتس على عقول غير المتخصصين. و ذلك لإحداث نصر مزيف أو التغطية على الهزيمة
. و تتوزع معها خاصية التشغيب و التيه إما في التفاصيل أو المعارك الدائرة بين الجنود
شأنها الاستنزاف الدائم لصحتهم العقلية و النفسية فتترك بذلك المحاربين نفسيًا في حالة من القلق و الصمت و الاكتئاب الدائم ،و تتوازي مع هذا الصراعات الجانبية
التي قد تتأخذ صورة الصراعات الوجودية على أمور تافهة غير واقعية و غير متضلة بالقضية الرئيسية .
و هنا تبرز نصحية الدكتور عبدالوهاب المسيري فيما يتعلق بتحنب المعارك الصغيرة حتى لا تتمكن من المرء بتفريغه و تسطيحه.
فالتركيز على السفائف لا يعني إلا المزيد من المكابدة و الجهد. تتشعب الأبعاد لتضمن البعد الأحير و هو الاستمرارية
لتشمل الحرب النفسية سواء أكبر مدى من الوقت أو ثقافة الإلهاء نفسها
. فوفقًا للدكتور حامد ربيع ،فالثقافة وسيلة لإثات النفوذ على الأرض كما في حالة الحرب الصلبة.
فاستمرار الحرب شأنها للجذب أو التحطيم أو التزييف أو اللعب بالعمال خصيصًا لبث الانقسام المجتمعي
.فبرغم من استمرار الحرب و صعوبتها كأداة للتغيير الحربي للأفضل فإن إثبات المعنويات
و ارتفاعها و طول النفس هي وسيلة نصر في حد ذاتها لتغير النتائج لصالح العدالة و الحق و إن كان هذا الحق مجهدًا.
فوفقًا لدينكامات الحرب ،إن ما يملك الحق هو من لديه القدرة على الاستمرار بسبب التجانس الذي يعمل على تبثبت العزيمة و رفع الإدارة
و الإرادة الحرة للمحاربين و ليس فقط الاستمرار في الاكاذيب لصالح مصالح سياسية أو اجتماعية أو خلافه
.فتبني عدل الدفاع عن الحق كاف لهدم الحرب النفسية لما يمثله من قوة و مدد و عداد تفوق أعظم ترسانات الأرض
أو كما يقول وليد الخالدي”الأرشفة لها أثر نفسي يفوق السلاح و الإرهاب”.
و علاوة على ذلك،فإن المعنويات و الأرشفة يسهم في ما يطلق عليه صعود النفسية الصامدة و الصلبة فيما تتطلبه الحرب
من مدد يتفوق على الجرائم الصلبة و النفسية لسببين أولهما هو العمل على كسب متعاطفين أكثر للقضية العادلة و فض الاشتباك النفسي للحرب على الأمور الصغيرة و التافهة.
و لابد من توسيع دائرة الحرب النفسية مع حرية التعبير حتى تفتح ساحة المعركة بين الحق و الباطل فتبين الحق و يولى الباطل لجحر بعيد عميق ليواجه مصيره الأخير بالاندثار و الموت سواء بطئيًا أو سريعًا .
و تنخرط القوى في الحرب النفسية عن طريق عدة قوى تتفاعل مع بعضها لتساعد بعضها في المساندة و الانخراط عن طريق معرفة التاريخ
و فلسفته و أساليب التأثير و التأثر في الآخرين لإحداث الصدع على الأقل و زيادة الموثوقية .