التكرار قناص محترف والمطرب شريك في الجريمة: هل حان الوقت لثورة الفنية؟
برزت في الآونة الأخيرة، ظاهرة لافتة في المشهد الغنائي المصري، حيث أصبح الاعتماد المتزايد على فرق عمل ثابتة من شعراء و ملحنين وموزعين أمرًا شائعا بين العديد من المطربين.
كتبت: ريهام طارق
على الرغم من أن هذا النهج قد يُسهم أحيانًا في بناء هوية فنية متميزة، إلا أن استمراره بدون ابتكار وتجديد يؤدي إلى نتائج عكسية قد تُضعف من قيمة المطرب وقيمه الأغنية وتُفقدها قدرتها على التأثير على المستمع.
أصبحت الأغاني بمثابة قوالب مكررة تتكرر فيها نفس الأفكار وذلك بسبب التعامل مع نفس الصناع:
إن الاعتماد على فريق عمل متفاهم ومتجانس لا يُعد مشكلة في حد ذاته، بل يمكن أن يُثمر عن أعمال فنية متميزة، شريطة أن يتم دمج هذا التعاون مع عنصر التجديد الذي يمثل الأساس في أي عمل فني ناجح، لكن ما يحدث اليوم هو الاستسهال الفني، حيث أصبحت الأغاني بمثابة قوالب مكررة، تتكرر فيها نفس الأفكار وذلك بسبب التعامل مع نفس الصناع في كل مرة، مما يؤدي إلى تراجع في مستوى الإبداع بشكل تدريجي، وهنا يأتي دور المطرب في تحمل المسؤولية الكاملة عن خياراته الفنية، إذ عليه البحث دائمًا عن آفاق جديدة للتعبير عن نفسه واستكشاف تجارب فنية مختلفة واكتشاف مناطق أيضا جديده في موهبته وصوته وهذا لا يحدث سوى مع التجديد المستمر.
اقرأ أيضاً: “الحكاية سعيدة”… يوسف المنصور يتألق علي خشبه المسرح السعودي
لهذا السبب.. يصبح المطرب أقل قدرة على إثارة فضول الجمهور!!!
إن فكره التعاون الثابت لا تعني بالضرورة السكون أو الجمود، بل يمكن أن تكون مصدرًا للتطوير المستمر إذا وُجدت الإرادة الفعلية لإثراء هذا التعاون، وعلى الرغم من أن البعض قد يراهن على الأسماء الثابتة، إلا أن هذه الخطوة قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى إنتاج أغنيات مستنسخة، مما يجعل من الصعب على الجمهور توقع أي مفاجأة في أي محتوى جديد يقدمه المطرب، ويصبح أقل قدرة على إثارة فضول الجمهور، لأن الاعتماد على نفس الأسماء يحيل الأغنية إلى منتج استهلاكي مكرر، ومتوقع.
الساحة الغنائية في حاجة ماسة إلى ضخ دماء جديدة تنتج أفكارًا مبتكرة وتكسر شكل القالب الواحد:
لذلك يجب أن ينظر إلى التجديد الفني باعتباره ضرورة لا رفاهية، فالأغنية التي لا تشهد تجديدًا مستمرًا تُفقد رونقها وتصبح عابرة في ذاكرة الجمهور، ولا يتوقف التجديد على تغيير الألحان والكلمات فقط، بل يشمل أيضًا فتح المجال أمام المواهب الجديدة في مجال الشعراء والملحنين والموزعين، الساحة الغنائية في حاجة ماسة إلى ضخ دماء جديدة تنتج أفكار مبتكرة وتحطم شكل القالب الواحد، مما يُسهم في خلق نغمة موسيقية مغايرة تواكب تطورات العصر وتستطيع أن تصل إلى الأجيال الجديدة.
اقرأ أيضاً: في قلبي وطن لم يُكتشف بعد
إن منح الفرص للمواهب الشابة يمثل خطوة أساسية نحو إثراء الأغنية المصرية وضمان الابتكار من خلال تقديم افكار جريئه وجديده تجعل كل أغنية جديدة صاحبة بصمة فنية مختلفة، وبذلك يضمن استمرارها وبقائها في ذاكرة الجمهور .
التعاون مع أسماء جديدة قد يكون بمثابة خطوة جريئة ولكن ذكية،تحدث انتفاضة في الأغنية المصرية:
ولكي نكون منصفين ، من الطبيعي أن يشعر بعض المطربين بالخوف حيال التعاون مع الأسماء المغمورة، لأنهم لا يمتلكون تاريخ فني، ولا شهاده ضمان للنجاح ، وهذا يدفعهم إلى التمسك بما هو مألوف، ومعروف من الأسماء التي حققت لهم نجاحات سابقة، إلا أن هذا القلق وعدم وجود الجرأة في المجازفة قد يتسبب في إعاقة التطور الفني للأغنية، التعاون مع أسماء جديدة قد يكون بمثابة خطوة جريئة ولكن ذكية،تحدث انتفاضة في الأغنية المصرية.
ودعونا نتذكر أن كل الأسماء اللامعة في تاريخ الفن بدأت من نقطة الصفر، وكانت بالنسبه لنجوم مخاطرة ولكن هذه المخاطرة هي آلتي خلقت نجاحهم.. المخاطرة هنا ليست في البحث عن الجديد، المخاطرة الحقيقة هي الاعتماد على الرهان الثابت .
اقرأ أيضاً: محمد الغنيمي: هناك شعراء نجحوا بضربة حظ.. وهذا الملحن أرفض التعاون معه
الفن الذي لا يواكب العصر أسير مكانه هو فن مصيره الزوال و الانقراض:
في النهاية تطور الأغنية المصرية والعربية مرهونٌ بتجديد الفكر الفني، والتخلي عن نمطية الأفكار التي تقتل روح الإبداع، و المطرب يبقى الشريك الأول في هذه الجريمة إذا استمر في الرضا بالتكرار ورفض الانطلاق إلى آفاق جديدة. الفن الذي لا يواكب العصر أسير مكانه هو فن مصيره الزوال والانقراض.