ريهام طارق تكتب: الدراما الرمضانية.. بين التكرار والتجديد في السباق المنتظر 2025
تتحول الشاشات العربية في شهر رمضان الكريم إلى ساحات تنافسية تحتدم فيها المواجهة بين كبار صناع الدراما، في محاولة لجذب ملايين المشاهدين الذين ينتظرون هذه المناسبة بفارغ الصبر.
بقلم ريهام طارق
وبالرغم أن رمضان يعد فرصة ذهبية للأعمال التلفزيونية لتحقيق النجاح الجماهيري، إلا أن التساؤلات تتزايد كل عام حول مدى قدرة الدراما الرمضانية على تقديم محتوى جديد يتجاوز القوالب التقليدية و يواكب أيضاً تطلعات الجمهور المتجددة.
هل تملك الدراما التلفزيونية هذا العام أدوات التجديد؟
لا يخفى على أحد أن بعض الأعمال الرمضانية وقعت خلال السنوات الأخيرة في فخ التكرار، سواء من حيث الموضوعات أو الحبكات أو حتى الشخصيات النمطية التي باتت تتكرر تحت مسميات مختلفة، فنجد القصص الدرامية تدور حول نفس الصراعات الاجتماعية، والبطولات الفردية التي تمجد شخصية البطل الأوحد، بينما تُستنسخ الأزمات العائلية والتوترات الطبقية في صورة جديدة ولكن بروح قديمة.
يشهد الموسم الدرامي القادم جهودًا جادة من قبل صُنَّاع الدراما لكسر دائرة التكرار والانفتاح على آفاق جديدة أكثر جرأة ومعاصرة، تتناول هذه الأعمال موضوعات حيوية مثل تأثيرات التكنولوجيا المتسارعة على العلاقات الإنسانية، والصراعات المتنامية بين الأجيال في ظل التحولات الاجتماعية الراهنة، كما يشمل الموسم المرتقب إنتاجات متنوعة تمتد إلى مجالات الفانتازيا والسيكو دراما، والكوميديا، فضلًا عن استلهام التراث العربي وتقديمه برؤية حداثية تتماشى مع اهتمامات الجيل الجديد، مع الحفاظ على الأصالة والهوية الثقافية.
يشهد الموسم الرمضاني المقبل أيضا حضورًا لافتًا للبطولة النسائية، حيث تتصدر العديد من النجمات المشهد الدرامي بأدوار محورية تسلط الضوء على قضايا المرأة من زوايا مختلفة، وتتنوع هذه الأعمال بين الدراما الاجتماعية التي تتناول التحديات التي تواجهها المرأة في المجتمع المعاصر، وأعمال الإثارة والتشويق التي تستعرض شخصيات نسائية قوية تتمتع بالاستقلالية والعمق النفسي، ويعكس هذا التوجه المتزايد بأهمية تمثيل المرأة بصورة أكثر واقعية و ثراءً، بعيدًا عن النمطية التقليدية، مما يمنح الأعمال الدرامية بعدًا أكثر تنوعًا وإثارة للاهتمام.
ميجا ستار بين استثمار النجاح و مجازفة التكرار :
يبقى حضور نجوم الصف الأول عاملاً حاسماً في نجاح الأعمال الدرامية، حيث يسعى المنتجون للاستفادة من شعبية النجوم لضمان نسب مشاهدة مرتفعة، ومع ذلك، فإن هذا الاعتماد المفرط قد يتحول إلى سلاح ذي حدين، إذ يعمد بعض الفنانين إلى تقديم أدوار متشابهة تفتقد إلى عنصر المفاجأة، مما يجعل الجمهور يشعر بأنهم يشاهدون العمل نفسه بوجوه مختلفة.
في المقابل، بدأ بعض النجوم في المجازفة بتقديم شخصيات غير اعتيادية، مثل الشخصيات ذات الأبعاد النفسية العميقة، أو تلك التي تعكس التحولات الاجتماعية الراهنة، في محاولة للخروج من دائرة التوقعات التقليدية وترك بصمة مختلفة في الموسم.
أيضا بدأنا نلمس الاهتمام المتزايد من صناع العمل بتوظيف الموسيقى والألحان كعنصر جوهري في بناء الحالة الدرامية وتعزيز الأثر العاطفي للأعمال الفنية، حيث لم تعد الموسيقى مجرد خلفية مصاحبة للأحداث، بل أصبحت جزءًا أصيلًا من السرد البصري و الحواري، تسهم في ترسيخ الهوية الدرامية وتكثيف المشاعر ولتحقيق هذا التأثير، استعان العديد من صُنَّاع الدراما التلفزيونية بنجوم التلحين والشعراء ونجوم الطرب في الوطن العربي ، مما أضفى على الأعمال بعدًا فنيًا أكثر تميزًا وجاذبية للجمهور، ويعكس هذا التوجه إدراكًا متزايدًا لأهمية التفاعل بين الصورة والصوت في صياغة تجربة درامية متكاملة ترتقي بالذائقة الفنية للمشاهد،
المنافسة الإنتاجية.. بين الضخامة والجودة:
من اللافت أن المنافسة لم تعد تقتصر فقط على جودة النصوص والأداء التمثيلي، بل امتدت إلى الجانب الإنتاجي الذي أصبح يلعب دوراً محورياً في جذب المشاهد. فالتقنيات الحديثة، والإخراج السينمائي المتطور، واستخدام الموسيقى التصويرية الاحترافية باتت عناصر أساسية في سباق الدراما الرمضانية ومع ذلك، فإن المبالغة في الإنفاق الإنتاجي أحياناً لا تعني بالضرورة نجاح العمل إذا افتقر إلى المحتوى القوي الذي يلامس مشاعر الجمهور.
الجمهور.. الحكم النهائي في هذه المبارزة الصعبة:
في النهاية يبقى الجمهور هو العنصر الحاسم في تحديد مصير الأعمال الدرامية الرمضانية، إذ أصبح أكثر وعياً وانتقائية في اختياراته، خاصة مع تعدد الخيارات المتاحة عبر المنصات الرقمية التي تتيح له مشاهدة المحتوى في أي وقت ومن أي مكان. وهذا يفرض على صناع الدراما تحديات أكبر، حيث لم يعد المشاهد يكتفي بالقصص التقليدية، بل يبحث عن أعمال تعكس واقعه بصدق وتمثل قضاياه بشكل حقيقي ومقنع.
اقرأ أيضاً: “أش أش”.. التعاون الموسيقي الثاني بين محمدي ومحمد سامي بعد نجاح “الأفوكاتو”
رمضان الاختبار الحقيقي لصناع الدراما:
مع العد التنازلي لانطلاق الموسم الرمضاني، تظل الدراما التلفزيونية الرمضانيه في مواجهة اختبار حقيقي بين تكرار النجاح السابق أو تقديم محتوى أكثر إبداعاً وابتكاراً.
فهل سنشهد هذا العام نقلة نوعية تُعيد للدراما وهجها الحقيقي، أم أننا سنظل ندور في فلك الأعمال المستهلكة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.