التلبية شعار الإحرام بقلم / محمـــد الدكـــروري

 التلبية شعار الإحرام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

شعار الإحرام

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الكثير عن الحج وكل مناسكة، ويشتغل الحاج بالتلبية طيلة إحرامه فهي شعار الإحرام وذكره المخصوص.

وإذا طاف بالبيت كبر عند ركنه المعظم، والتكبير توحيد، وإقرار بأن الله تعالى أكبر من كل شيء، وهو شعار الصلاة ونداؤها وإحرامها وسائر الطواف محل ذكر ودعاء وقرآن، والسعي بعد الطواف من الشعائر العظيمة المنصوص عليها في القرآن.

ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما دنا مِنَ الصفا ثم قال ” إن الصفا والمروة من شعائر الله” وقال ” أبدأبما بدأ الله به” ثم بدأ بالصفا، وكم في هذا الذكر من التوحيد، فوحد الله تعالى وكبره، ثم هلله سبحانه، والتهليل هو أخص ذكر للتوحيد، وأقر له بالملك والحمد والقدرة على كل شيء.

وذكر ما من به سبحانه عليه من النصر وهزيمة الشرك وأهله، وجعل هذا الذكر المبارك متخللا الدعاء على الصفا والمروة، والدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث، وهو دليل على تعلق قلب الداعي بمن دعاه، ولا يقتصر تقرير التوحيد بالأقوال في الحج على البيت الحرام.

بل يتواصل ذلك في المشاعر كلها فالتلبية والتكبير، مستمران طيلة الموسم، يعج بهما الحجاج في تنقلاتهم بين المشاعر لإعلان التوحيد، فيا له من مشهد مهيب، يهيض القلوب على الخشوع، ويحرك المشاعر فتسيل المدامع، ويعتري الجسد قشعريرة لا أحسب أن أي لذة في الدنيا مهما كانت تعدل لذة تلك اللحظات المفعمة بالإيمان واليقين، والقرب من رب العالمين، وفي عرفة، وما أدراك ما عرفة؟ ذلك الموقف الذي خصص لأخص دلائل التوحيد وهو الدعاء.

حتى شرع جمع صلاتي الظهر والعصر ليتفرغ الحاج لسؤال ربه والإلحاح عليه، يمد يديه إلى الله تعالى وقلبه مفتقر إليه، ويوقن بأن حاجاته عنده سبحانه لا يقضيها سواه عز وجل وأخص دعاء في عرفة هو كلمة التوحيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خير الدعاء دعاء عرفه وخير ما قلت أنا والنبيين من قلبى لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير”.

وقد قال صلى الله عليه وسلم “أفضل الحج العج والثجو” والعج هو رفع الصوت بالتلبية، والثج هو انهار الدماء بنحر الهدي والأضاحي، وليذكر الحاج الرفقة الطيبة، والنفقة الحلال، يتذكر لا رفث ولا فسوق، ولا معاصي، ولا جدال بالباطل، وصغيرك إذا أحرمت به يلزمه ما يلزم الكبير.

فإذا خشيت من عدم إتمام نسكه لشدة الزحام فلا تحرم عنه، ولا تصح النيابة في أي عمل في الحج إلا الرمي فلا يطوف أحد عن أحد، ولا يسعى أحد عن أحد، ولا يقف بعرفة أحد عن أحد، وهكذا، ومن لم يجد في منى مكانا إلا بكلفة زائدة، أو منة من الغير فلا يجب عليه المبيت، وقد أفتى علماءنا الثقات بأن الشرع لا يوجب على الإنسان أن يبقى على الرصيف، ويتورط في قضاء حاجته، فإن الشريعة جاءت بما يحفظ كرامة العباد، لا بما يمتهنها، فإذا لم يجد فلا حرج عليه، فإذا وجد بات بمنى أكثر من نصف الليل، والسنة أن يبيت الليل في منى هذا في أيام منى.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.