التنمر الإلكتروني وثقافة كره الآخر، ما بين سبعينات السادات وسيطرة الإسلاميين وتنحي مبارك وبنات شريف منير.
التنمر الإلكتروني وثقافة كره الآخر، ما بين سبعينات السادات وسيطرة الإسلاميين وتنحي مبارك وبنات شريف منير.
بقلم: نجلاء فتح الله.
_حادث التنمر على بنات الفنان/ شريف منير ونشر صورة لهما على صفحته الخاصة بموقع انستجرام هي الحادثة الأولي ولن تكن الأخيرة، فسلوك التهكم والتنمر على الفنانين خاصة بعد تعدد وسائط السماوات المفتوحة ومواقع التواصل الإجتماعية وازدياد قرب النجم من الجمهور أزال حاجزًا مهمًا من الخصوصية وعلاقة الفنان بجمهوره. _ويبدو أن حاجز الخصوصية أصبح منتهكًا الآن بإرادة الجميع ! ظاهرة التنمر الإلكتروني على مواقع التواصل الإجتماعي لم تطل النجوم في الفن والكرة فقط وإنما طالت الجميع من روادها وأصبحت لغة السخرية والتهكم خارج نطاق الأدب هي اللغة الجديدة التي تداخلت مع لغة كتابة جديدة عربت الإنجليزية لتصبح كتابة اللغة العربية بحروف انجليزية هي الدارجة على مواقع التواصل “الإجتماعي “ويصبح قاموس اللغة العامية محمل بكل ما هو سيء من ألفاظ وشتائم بل أصبحت هي لغة التفاهم بين الشباب وحتى ممن تخطوا سن الشباب المنتمين لثقافة الإنفتاح الثقافي باعتبار ذلك أحد أشكاله. _وبالتأمل قليلًا في التغييرات التي طرأت على المواطن المصري في السنوات القليلة الأخيرة وخاصة بعد ثورة ٢٥يناير ٢٠١١م وتنحي الرئيس الأسبق “محمد حسنى مبارك ” وبعد سيطرة شعارات الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية وهي الشعارات التي رفعتها الثورة نجد حالة من الاجتياح أصابت المواطن المصري أزالت معها ما تبقى من ثقافة مصرية مميزة طالما جمعت بين الشرقية المحافظة التقليدية والتقدمية المتحضرة المستنيرة استمدها المصريون من ميراث حضاري وثقافي يعود للأجداد الفراعنة ثم الاحتكاك بحضارات وثقافات أوربية امتدت لقرون طويلة طالما أثرت وآثرت في المجتمع المصري كما تأثرت به. _فبعد ٢٥يناير وسيطر الشباب على المشهد وانتشار الروح الثورية تم تحطيم نموذج القدوة والمثل الأعلى وتم إزالة الفوارق العمرية وعدم احترام الآخر أيًا كان عمره أو مكانته بل أصبح الثوار الذين نادوا بالديمقراطية هم الأشد عداوة لأي رأي مخالف وظهرت ثقافة جديدة على المجتمع المصري يملأها الحقد والكره لكل ماهو مخالف ومختلف خاصة بعد ركوب الإخوان الثورة وسيطرة لجانهم الإلكترونية على مواقع السوشال ميديا التى أشعلت فتيل الثورة وانتباههم سريعًا لأهميتها في السيطرة على مجريات الأمور وأنها المحرك الأساسي لأحداث مرحلة جديدة تشق طريقها لمجتمعنا لتدمر البقية الباقية من أخلاقنا وتقاليدنا وأصبحت ثقافة الغل والحقد والكره هي السائدة لتكمل ما بدأوه في فترة منتصف السبعينات والثمانينات إبان عهد الرئيس السادات والذي طالما أطلق على نفسه لقب “الرئيس المؤمن ” والذي آطلق يد الإسلاميين بعد ثورة البترول و سيطرة رأس المال الخليجي والتى أدت إلى انتشار ثقافة الصحراء والبدو وغزوها لمجتمعنا المستنير لتعيده إلى الوراء سنين عديدة بسيطرة الفكر الوهابي ونشر اتباعه وأعوانه وساعدهم السلطة السياسية وقتها عصر “السادات _مبارك ” لغزو العقلية المصرية والتعشيش فيها وتخريبها. _وخلط العادات البدوية بالدينية وتصديرها عن طريق ممن يدعون شيوخ السلفية إلى العامة بأنها من صحيح الدين ! ومن هنا بدأت ظاهرة الختان في الإنتشار واعتبار أن المرأة عورة يجب مداراتها وأنها وسيلة للمتعة فقط ووعاء للإنجاب وأن الرجل انحصر كل فكره في نصفه السفلي واكتفي الجزء العلوى ان يتدارى خلف لحية كثيفة وان عفة المرأة في غطاء رأسها فقط. _ومع إلغاء العقل وحل الغرائز بدلًا منه سادت ثقافة البدو بعشوائيتها وبربريتها وانزوى التنوير والتنويريين الحقيقيين ليحل محلهم مدعوون كثر للتنوير وكانوا المعادل الطبيعي للثقافة الوهابية وأصبح المجتمع المصري واقع بين فكى الإسلاميين البربر من ناحية ونخبة مزيفة تتدعي الاستنارة من ناحية أخرى وسط مناخ سياسي منهار واقتصادي متجمد وتلفظ مصر كل ما هو حقيقي ليحل الزيف ويصبح هو سيد الموقف مسيطرًا على سلوك الشخصية المصرية والتى تراكمت عليها كل معطيات الهبوط لتظهر في أوج بربريتها الحديثة بعد يناير وتبعاتها حتى الآن على وسائل التواصل “الإجتماعي” أو حتى في الشارع وتظهر في مشاهد غريبة على الشعب المصري وعلى عاداته وهو الشعب الذي طالما عرف بأنه “حلو اللسان ” وحلو المعشر يحترم المرأة ويقدر الكبير سنًا ومقامًا، الشعب المصري الذي طالما صدر الثقافة والحضارة للعالم أصبح الأول في نسبة التحرش بالمرأة بل وقهرها وأصبح شعب لا يشغله الا حجاب المرأة ونقابها ولحية الرجل أكثر ما يشغله التعليم والثقافة. _اصبح شعب شغوف بالنميمة أكثر من العمل بل أصبح مهتم بالاستهلاك أكثر من الإنتاج أصبح شعب مشوه ما بين ثقافة البترول الخليجية وأموالها وثقافة الحرية الغربية بإباحيتها ويأخذ من كليهما أسوأ ما فيهما. _وأصبح التطرف هو المسيطر على العقول سواء يسار أو يمين لينسحق الوسطيون من كل الأطراف وكأنهم هم النغمة الشاذة والمفردة اليتيمة وسط كل هذا الشذوذ الفكرى والثقافي، ورغم أنهم الأغلبية عددًا لكن الغلبة وللآسف للزاعقين فقط ممن يمتلكون أدوات النشر والانتشار عبر الوسيلة المهيمنة على العقول الآن وهى” السوشال ميديا “. _وأصبح الآن للارهابيين منصات ينشرون أفكارهم المريضة خلالها كما أصبح للشواذ منصاتهم التي يطالبون فيها برغباتهم المريضة أيضًا ليصبح كل فريق اتباع وتوابع تنقل الأفكار كمن ينقل السم داخل العسل وكل يدعو أحقيته في احتكار الحرية واحتكار الحق. _وتتوه كل القضايا النبيلة وسط هذا المناخ الزاعق المفتعل ويصبح من يحافظ على عقله كأنه يمسك جمر من النار وكأننا جميعًا أصبحنا مطالبين إما بالانسحاق تحت افكار مريضة من كلا الفريقين أو الاستسلام وإيثار السلام.