التنمُر مِن مرضىٰ الكورونا يُهدد الأمن الإجتماعي.. بقلم/ د. شيماء عراقي

التنمُر مِن مرضىٰ الكورونا يُهدد الأمن الإجتماعي.

_التنمر يكشف عن عذرية المجتمع، بالأمس القريب كنا نعالج آثار التنمر على الأفراد ولم نتوقع أن يتحول من عمل فردي ضد الآخر إلى ظاهرة دخيلة على المجتمع الشرقب بعاداته وقيمه وتعاليمه الدينية. مع اجتياح فيروس كورونا (كوفيد _19 ) الذى اجتاح العالم مؤخرًا بشكل مُبهم ومفاجئ للجميع ومع زيادة عدد الإصابات بالفيروس ظهر على السطح فيروس إجتماعيًا أشد فتكًا من فيروس كورونا وهو التنمر؛ ذاك الفيروس الذى أخترق جسد المجتمع وأزال الستار عن مدى هشاشة العلاقات الإجتماعية بين أفراد المجتمع وأن إصابة بعض الأفراد بكورونا ليست وصمة عار على حاملي الفيروس والمصابين به. لم نكن نتصور أن يُصيب التنمر كبد المجتمع وثوابته وقيمة وأخلاقه، فاليوم نجد حالات شاذه ضد مرضى كورونا، بل وأمتدت إلى حرمة الموتى وأنتهاك حقوقهم وتقديس أرواحهم المفقودة. فحينما ترفض قرى بأكملها دفن بعض أفرادها والخروج والتجمهر بشكل مُهين لرفض دفن الموتى وتكريم أجسادهم التى أخترقها الفيروس، بشكل كريم لمثواهم الأخير ، بل والتعدي بالضرب وإستخدام القوة في منع الجنائز على القبور؛ إذًا فنحن أمام أكتساح ظاهرة التنمر لجسد المجتمع وتحويل مسار العلاقات الإنسانية والإجتماعية إلى مسار وفلك غير الذي يسبح المجتمع فيه. حالات شاذه ونبذ إجتماعي لكل من له علاقة بالفيروس من بعيد أو قريب؛ الأطقم الطبية بأكملها من أطباء وممرضين ومسعفين قد نالهم التنمر ولم يرحمهم أيضًا، فالآن الجميع مستباح ولا حرمه للموتى، ولا جيش أبيض يعمل بكامل طاقتة لأنقاذ المرضى والمصابين؛ بل أمتد التنمر إلى الأسرة التي هي نواة المجتمع الأولى، فحينما يتخلى الأبناء عن الأم المصابة بفيروس كورونا ويتركوها للفيروس يأكل جسدها بلا رحمة وعزلها بمفردها في منزلها دون السؤال عنها خوفًا على أنفسهم من الفيروس ويكتشف الجيران موتها وإنتشار رائحتها بعد موتها معزولة دون أحد من أبنائها بجوارها فأعلم أنها أقتربت الساعة. بل الإعتداء بالقوة على المصابين وعدم السماح لهم بالإبقاء في منازلهم والأستغاثة منهم لرجال الأمن وبقوة القانون وتمكينهم من دخول منازلهم . وغيرها من السخرية والتهكم لفظيًا على مصابي كورونا . ماذا يحدث! بات الجميع في حالة تربص بل وأشد فتكًا من الفيروس ذاته. ونتسأل عن عاداتنا وتمسكنا بقيمنا وأخلاقنا الكريمة؟ فالتنمر أمتد إلى جسد الأمة أيضًا سنجد بعض من البلدان العربية تطالب بترحيل الوافدين منها في مشهد درامي بين عشية وضحاها. ترحيل في شكل محزن لم نتوقعه وسخرية هنا وهناك بل وتراشق بين الأشقاء وكأن كورونا يميز بين الوافد وصاحب المكان. كورونا ذلك الشبح الخفي محاط بنا من كل إتجاه لا يفرق بين أجساد البشر فيظهر التنمر في شكل مرعب ومخيف في أبسط صورة تجعل الأبناء يتخلون عن آبائهم المصابين. الآن تحولت كورونا من ساحة مرض إلى ساحة حرب ومعركة ضمير أنتصر فيها الفيروس بكل قوة على الجميع؛ معًا لمكافحة التنمر ..معًا نزيل غبار الفيروس عن ضمائرنا. والمطلوب الآن قوة القانون والأسراع في سن قوانين لحماية الأفراد؛ بالضرورة ولا نغفل أهمية دور الأزهر الشريف و دار الفتوى في تحريم كل من تسول له نفسه الأثمة ضد مصابي كورونا . ويأتي دور الإعلام  المرئ والمسموع  في نشر الوعي ونشر ورسالة متزنة ما بين الإجراءات الوقائية اللازمة ونشر الوعي بأن الدين المعاملة ونبذ التنمر بكافة أشكاله الجسدي واللفظي والإلكتروني والإهتمام بالجانب النفسي لمرضى كورونا وأسرهم وتهيئة المحطين بهم للتعامل معهم. إن الأمن الأجتماعي لن يتحقق إلا بتكاتف الجميع من وضع تشريع يحفظ لأفراد المجتمع حقهم في رفاهية وأمن ورخاء وحرية ومن خطورة التنمر وآثاره السلبية؛ فسيجعل أفراد المجتمع في حالة عزلة إجتماعية وإنسحاب إجتماعي ويفقد انتمائه للمجتمع. فإن سلامة الفرد الصحية والنفسية تحقق معادلة صعبة هي أمن المجتمع و رفاهية أفراده.

كاتبة المقال الدكتورة شيماء عراقي
استشاري الإرشاد الأسري وتعديل السلوك.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.