التهيئة النفسية لأستقبال العيد بقلم د.محمد محمود
التهيئة النفسية لأستقبال العيد
دكتور محمد محمود ..استشارى العلاج السلوكى
أيام قليلة وسَيهل علينا عيد الفطر المبارك،
لكن العيد الذي سيأتي هذا العام في ظل الظروف الاستثنائية،
بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)،
قد غيرت هذه الظروف وبشكل غير مسبوق…
مظاهر الحياة العامة والتفاعل الاجتماعي،
والحالة النفسية لدى الإنسان،
حيث أن أيام العيد بالنسبة للكثيرين كانت تعني “لمة العيلة”،
ومشاعر الفرحة والبهجة والسعادة،
وفرصة لكي نلقي الهموم وراء ظهورنا،
ونتخلص من الضغوط ولو لفرصة قصيرة من الزمن،
خصوصًا في ظل الآثار النفسية…
التي تعاني منها العديد من الناس بسبب جائحة كورونا،
وقد يتعرض بعض الناس في هذه المرحلة لأعراض نفسية…
قد لا يدركها بسهولة، لكنها تتحكم في نفسيته وتصرفاته،
وهى ما يعرف “بإضطراب ما بعد الصدمة”،
والوضع يختلف كثيرًا عند الأطفال والمراهقين،
لأنهم أكثر مرونة وأكثر حساسية.
وكما يقال “العيد فرحة تجمع شمل قريب وبعيد”،
لذلك حتى لا يفقد العيد معانيه النفسية والاجتماعية…
ولا نترك العيد يمضي إلا أن نعيشه كالعادة،
بجمال بهجته وفرحة قدومه،
وحتى لا نسمع جملة “العيد لم يعد مثل زمان”
خاصة مع وجود جائحة كورونا،
والإلزام بالجلوس في البيت حفاظًا على الصحة العامة،
وعدم تفشي فيروس كورونا…
لذلك إليكم ما يلي:
الآن معظم الناس قد ينتابها حالة من الرتابة والملل،
وفقدوا طعم المعاني النفسية لفرحة العيد،
وربما يرجع ذلك إلى أن هؤلاء الناس نسوا حياتهم اليومية…
في حقهم في أبسط الأشياء وهو “التأمل والاسترخاء”،
للراحة النفسية والجسمية.
أيضًا الجلوس والتفاعل والتحدث مع الأسرة،
بعيدًا عن التفكير في الأمس أو الغد،
وبعيدًا أيضًا عن رتابة العمل وقيود الخطط الزمنية،
بالإضافة إلى المرح مع الأسرة والأبناء…
فقد يمنح المرح صيانة للذهن والجسم لاستكمال الطريق،
فالسعادة قرار وبإمكاننا رغم كل شيء…
أن نجعل عيدنا هذا العام متنفسًا لنا وواحة لأطفالنا،
يستظلون بها ونستظل معهم من الآلام النفسية والجسمية،
التي تنهش طاقتنا وصحتنا النفسية،
ونمنحهم ونمنح أنفسنا لحظات من الذكريات السعيدة…
التي تعيننا على احتمال وطأة ما نعانيه… إذا قررنا نحن ذلك.
أيضًا لا بد من التباعد الاجتماعي جسميًا،
واستبداله بالتقارب الاجتماعي نفسيًا،
في ظل استغلال وسائل التواصل الاجتماعي،
واستثمار أوقات الفراغ بصورة صحيحة…
فيأتي العيد كوقت مستقطع للمرح والبهجة والسعادة.
ولا بد من المحافظة على وجود الطاقة الإيجابية لدينا،
فرغم بهجة العيد وانتظارنا له…
إلا أن أحيانًا نشعر بمشاعر سلبية في البيت،
وتقوم خلافات بين أفراد البيت من اللاشيء،
وذلك لأن بعضنا يقوم بارتكاب بعض العادات السلبية الخاطئة،
التي تحد من الطاقة الإيجابية وتنشر الطاقة السلبية في البيت،
لذلك من الضروري ألا نبخل على أنفسنا،
ومن حولنا بإشاعة البهجة والفرحة بالعيد،
وأن نسعى إلى نشر هذه الروح في من حولنا،
وأن نتبادل التهاني ونتواصل مع أهالينا وأصدقائنا،
وألا نستسلم لأية مشاعر سلبية يمكن أن تسيطر علينا.
أيضًا لا بد من استغلال التكنولوجيا،
ووسائل التواصل الاجتماعي الاستغلال الأمثل…
فالبقاء في المنزل لا يمنعنا من المعايدة على الأهل والأصدقاء،
خاصة في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي…
بحيث تسد جانبًا هامًا فى الاطمئنان على الأهل والأصدقاء،
بدون تعب أو مشقة وبدون الخروج من المنزل…
فنحن مضطرون لقضاء الكثير من الوقت في المنزل،
بسبب جائحة كورونا،
خاصة في ظل أن جميع الأماكن العامة للنزهة مغلقة،
وذلك حفاظًا على الصحة العامة لمنع انتشار فيروس كورونا،
فيجب استغلال الوقت بشكل فعال وهادف لعدم الشعور بالملل.
والالتزام بالفرائض يجب الحرص على أداء فريضة الصلاة،
لأن هذا يساعد في سحب الطاقة السلبية من الجسم.
أيضًا تقديم يد المساعدة للآخرين…
فقد يساهم العطاء ومساعدة المحتاجين والتصدق عليهم…
في شعور الإنسان بالسعادة، كما يطرد الطاقة السلبية الداخلية.
لذلك يجب أن نعدل من سلوكياتنا…
لتتناسب مع الأوضاع الراهنة،
ومن ذلك البقاء في المنازل وعدم مخالطة الناس…
فالإمكانيات متوفرة لكل الناس لكي يواصلوا أعمالهم،
وتواصلهم مع الأهل والأصدقاء عن بعد،
وذلك باستخدام تقنيات جديدة للاتصال…
أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي،
وأن بقاء الناس في منازلهم (حتى في العيد)…
فيه حماية للناس وللمجتمع من تفشي الفيروس.
ولا بد من التهيئة النفسية للأطفال…
خاصة في استقبال هذا العيد للحد من التوتر والقلق،
وقد تختلف طرق التعامل مع هذا القلق من طفل إلى آخر،
لكن يجب على الآباء والأمهات…
دعم أطفالهم للتعامل مع ما يمرون به من مشاعر،
ومتابعة المراهقين لسلوكهم في هذه المرحلة،
ومحاولة البقاء هادئين قدر المستطاع…
إضافة إلى تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم،
وطمأنتهم من خلال الحديث إليهم حول الفيروس بهدوء،
ومحاولة صرف نظر الأطفال عن مشاعر القلق والخوف…
من خلال ممارسة أنشطة محببة إليهم،
والاستمرار بالحياة الطبيعية قدر الإمكان،
للتخفيف من حدة التغييرات التي يمر بها الأطفال…
لإستقبال العيد في الوقت الحالي.
إذا كانت لغتنا نحن الكبار هى الحروف والكلمات،
فإن أدوات التعبير والتنفيس عند الأطفال…
هى اللعب والرسم والحكايات،
وأقترح على الأهل تحضير أوراق وألوان كثيرة،
وأعطوا لكل طفل ورقة واطلبوا منه أن يرسم ما يريد،
وبالطريقة التي يريد وبالألوان التي يحبها،
ثم اطلبوا من كل طفل أن يحكي عما رسمه،
وأعرضوا على الأطفال بعض الصور المختلفة،
وأبدأوا لهم خيط حكاية تستخرج مشاعرهم…
للتمتع خاصة في هذا العيد، ثم اطلبوا منهم إكمال القصة…
ليعبر الطفل عن المشاعر التي قد يجهلها،
في ظل هذه الظروف وكيف يعبر عنها…
مثل الخوف أو الفرح أو الحب أو الكره أو الغضب…
ونحن بذلك نساعد الطفل على أنه يتلامس مع مشاعره،
ويتعرف إليها ويعبر عنها ويفهم معناها.
الأمر ليس فيه خيار غير الحرص والالتزام…
بكل التعليمات المنصوص عليها من الجهات الصحية،
حتى نضمن سلامة الناس،
لذا من المهم أن نتقبل هذا الأمر بشكلٍ مختلفٍ،
وأن نتعاون مع بعضنا البعض من أجل الحد من بعض العادات،
التي كنا نمارسها في العيد…
وذلك ضمن الإطار المتبع في هذه الأزمة التي يتعرض لها العالم.
ولأن معنى العيد لا يكتمل إلا بالصلوات والدعاء والشكر لله…
فندعو من قلوبنا دعوات صادقة،
ونطلب من الله أن يزرع الأمل والفرح،
والأمن والطمأنينة والسلام في قلوبنا.
وكل هذه الخطوات والأفكار البسيطة تؤهلنا نفسيًا،
وتساعدنا على أن نَسعد ونُسعد أولادنا،
وأن نخرج كثيرًا من الشحنات السلبية المخزونة بداخلنا،
وتجعلنا نعيش المعنى الحقيقي للعيد…
عندما نظهِر محبة كبيرة واهتمامًا بمن حولنا،
ونشاركهم فرحنا والاستمتاع بعيد الفطر في المنزل،
بشكل مختلف دون الشعور بالملل…
في زمن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
لذلك يجب ولا بد التعامل مع الظرف الحالي “بوعي كبير”،
وأن نجعل من هذه الجائحة،
وما فرضته علينا من الجلوس في المنزل فرصة للاهتمام…
بالجوانب العبادية والتربوية الصحيحة،
وتعميق الصلة بالأمور التي تهذّب النفس،
وتربي الذات وفق المبادئ السليمة،
وأن نسعى جاهدين إلى زرع التفاؤل في النفوس،
والتأثير على الأشخاص المُحبَطين،
لطرد الأفكار غير المرغوب بها من مخيلتهم والعيش بسلام.