الحب الكاذب.

الحــب الكــــاذب‏.

بقلم‏: مروه السيد أبو سوسو.

_مثل‏ الحمل الكاذب‏ يأخذ الحب الكاذب شكل الحقيقة وظواهرها الخارجية‏ ومن ثم تكون فجيعة‏ الانكشاف‏؛ _وهي الانكسار والسقوط في بئر الألم والوجيعة‏ ويدرك‏ الموهوم‏ أن ما عاشه كان مجرد حلم‏؛ أو كان سرابًا يتراءى له من بعيد‏  وقد شاغلته وخايلته أطياف من بعيد‏ حسبها لجة من الماء فشمر عن ساقيه‏  كما فعلت بلقيس أمام عرش سليمان‏  لكن‏ لا كانت هناك لجة من الماء ولا نقطة منه‏، إنما كان الوهم جاثمًا في الوعي والشعور والاحساس جميعًا‏ إنني أتحدث هنا عن وهم المحبوب بأنه محبوب‏. _لأن هناك وهمًا آخر يتلبس شخصًا‏  فيوحى له بأنه يحب‏ وذلك وهم المحب بأنه يحب‏؛ _إن محنة الحب الكاذب‏  سواء شعر به المحبوب‏ أو شعر به المحب‏ أنه يغرق ويعتقد الإنسان‏ أنه حقيقة‏ وأنه يتنفس عبق الحب وعطره‏ وتداعبه أطياف السعادة مثل عرائس الجنة‏. _وتعتريه حالات من الصعود ومن الهبوط على كفوف المشاعر الصاعدة والهابطة ويتذوق رحيق الحب ويكتوي بحريق الحب حتى الرماد‏. _وهناك أمثلة كثيرة لحالات الحب الكاذب‏ إنما نلفت النظر إلى حالات الحب الكاذب قد تكون عمدية‏ يتعمدها شخص في مواجهة آخر للايقاع به‏ وقد تكون عفوية تلقائية‏ قد لا يدري بها صاحبها‏.‏ _‏فالأنثى تشعر بأن رجلًا يحبها‏ وتسوق الأدلة على صحة اعتقادها وسلامة استنتاجها‏ فهو يهتم بها‏ ولا يكف عن تحيتها برنة تليفون‏  تقنعها بأنه يفكر فيها‏ ثم هو لا يتأخر عن مجاملتها في مناسباتها‏ بالهدايا‏ وفوق ذلك كله‏  يسقيها من عصير الكلمات حبًا‏ يتساقط في مسامعها نقطة نقطة‏ فتنتشي‏ ويداخلها اقتناع ساحق بأنها المحبوب لهذا المحب‏. _‏غير أنه قد لا يشعر بحب حقيقي لها‏ إنما يشعر بحب لحبها له‏ فهي التي‏ صدرت‏ إليه الحب‏ فشعر بأنه‏ محبوب‏ ولا شك أن شعورًا بالزهو قد تملكه واحساسًا دافئا‏  بأنه‏ مطلوب‏. _إن هذا الشعور من المشاعر‏ الغالية‏ عند الانسان‏ لأنه علامة من علامات الجودة‏ ودلالة على أن هذا الشخص يحمل مواصفات الإنسان المحبوب‏ ومن الطبيعي أن يتمسك بمشاعر الزهو، لأنها تنعش وجدانه‏ فيصطنع التجاوب‏ ومبادلة المشاعر بالمشاعر‏ وحين يصطنعها اصطناعًا‏ فإنما يريد الحفاظ على تمتعه بصفة المحبوب‏ وأنه جدير بحبها‏ فتحبه أكثر‏ لأنه تجاوب معها‏ فيداخلها شعور بأنه يبادلها الحب نفسه‏ فتنام معه على وسائد الأحلام‏. _والمدهش أنه هو الآخر قد يصدق نفسه‏ أي قد يصدق أن ما اصطنعه هو الحقيقة‏ فلا يكف عن سكب رحيق الحب في مسامعها ولا يسكت عن عزف ألحان الغرام‏ لأنه مستمتع بغرامها وهيامها‏. _إن هذا الحب‏ كاذب من بدايته مثلما أن هناك حملا كاذبًا‏ ذلك أن شعور الإمتنان هذا‏ ليس هو الحب بعينه ولابذاته‏؛ _فالرجل قد يكون مرتبطًا بحب حقيقي مع أخرى ينتهي بإعلان زواجه‏ هنا تنفجر القنبلة‏ وينكشف المستور‏ وتصقط البنت تحت  الهزيمة وتصبح لقمة سائغة بين أنياب الانكسار‏  وهي تظن أنه خدعها‏؛ لكنه قد يكون غير مدرك لما يفعل‏ ولا غير عامد لما فعل‏، إنما اختلط عليه الأمر في البداية‏ فظن هو وظنت هي‏ أنهما في حالة حب‏. _لم يدرك أي منهما‏ أنها وحدها في حالة حب‏ وأنه في حالة امتنان لهذا الحب‏ وحتي الذين‏ يتعمدون‏  مسايرة من يحبهم‏ يختلط الأمر عليهم تدريجيًا‏، فيظنون أنهم في حالة حب حقيقي‏ ثم يكتشفون هم‏ قبلها  أنهم لا يحبون حبًا حقيقيًا‏.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.