الخير يكمن في الشر ..بقلم. د/أحمد الطباخ

الخير يكمن في الشر

 

بقلم. د/أحمد الطباخ
يظن كثير من الناس أنهم يملكون الفهم السديد والتحليل الصحيح لكثير من الأمور ، فيحللون الأمور على ظاهرها ، ويأخذون النتائج بناءا عن تلك المقدمات التي تراءات لهم ، وهم غافلون عن حقائق قد تكون غابت عن فهمهم ، ولم ينظروا إليها نظرة ثاقبة متعمقة ، وإنما أخذوا الأمور على ظاهرها دون أن يتنبهوا إلى أن هذا الكون لا يملك البشر من أمره شيئا ،.

وإنما الأمركله لله ، فله الأمر من قبل ومن بعد سبحانه هو الذي عنده علم الغيب لا يعلمه إلا هو وما من أمر يحدث إلا بقدره الذي قدره وقضى فيه وربما يكون ظاهر الأمر شرا للناس وفي بواطن الأمور الخير الذي لا يعلمه إلا الله ذلك عالم الغيب والشهادة ومهما أوتيت البشرية من قدرة وقوة وعلوم فلن تصل إلى ما قدره الله بحكمته وعلمه ، وما أودعه فيه من سر ، فكم من خير عظيم كمن في أمر حسبه البشر سيئا وقد الله تعالى :” وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون” سورة البقرة.

لا يعلم الخير الذي جعله الله في بواطن الأمور التي يظنها الناس شرا سوى الله ، وكما قال الحسن : لا تكرهوا الملمات الواقعة ، فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك ، ولرب أمر تحبه فيه عطبك ، ولعل الله يحدث من الخير العظيم للناس أجمعين بعد هذا البلاء ما يعوضهم عما لحق بهم من ضر وبأس ؛ لأن الله رحيم بخلقه لطيف بعباده وصدق الله إذ يقول في كتابه الكريم :” الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز “.
وكما يقولون : رب ضارة نافعة فها هو ذا آثار البلاء يتوالى على الناس مثل إعلاء قيمة الإنسان وعلو شأنه بعد أن كان أصحاب الأموال من الرأسماليين يعلون من قيم المادية والنفعية والانتهازية على قيم الحق والعدل عادوا إلى صوابهم ، وثابوا إلى رشدهم في الإهتمام بالإنسان وقيمته والحرص عليه والتضامن الإنساني بين الناس فبدأ الكثير يهتم بغيره ،.

ويتابع أمره في المعمورة كلها ، ويحزن لما أصاب غيره في مشارق الأرض ومغاربها دون الاعتداد بلونه أو جنسه أو دينه وذلك ما دعت إليه الأديان كلها.
وكأن الله بهذا البلاء يعد الأرض لأمر جلل فهذا الذي حدث هو بمثابة التدريب للخليقة على مواجهة الاختبارات والإعداد للناس حتى يستطيعوا بعد ذلك مواجهة المصاعب في الحياة الدنيا ، وما أكثرها وتعددها ، ولا علاج لذلك كله إلا بالتسلح بسلاح الإيمان والصبر والعلم والاعتصام بحبل الله المتين ، والتمسك بكل خير جاء به هذا الدين ، وكما قال الشيخ الشعراوي :إن الابتلاء مراده أن يعد الخالق الخلق لمواجهة صعاب الحياة التي تقابلنا ، .

وحتى يمر المؤمن بالإعداد اللائق بمهمته في الحياة ، وأن ينجح في مواجهة كل ابتلاء ؛ لنخرج من كل هذا الابتلاء ونحن أقوياء متسلحون بسلاح الإيمان والصبر الذي هو العدة الحقيقية القادرة على مواجهة كل تحد
ولعل ما نراه اليوم من المسئولين الذين يتولون أمور بلادهم اليوم لدليل على الخير الذي ظهرت بوادره تجاه شعوبهم إذ رأينا حرصا على الناس ومعايشة لواقع الناس في معاشهم وأحوالهم ومتابعة دقيقة من قبل ولاة الأمور للناس والحرص على حياتهم مما أذاب ما أعترى هذه العلاقة من جفاء ، وقطيعة قبل ظهور هذه الجائحة التي جعلت الفوارق بين الطبقات المختلفة تذوب وتتلاشى ، حتى رأينا من يتبرع بجزء من راتبه لذوي الحاجة ، كما عاد إلى اهتمام الناس بالحديث عن العلم والمعرفة ، والعمل على الأخذ بأسباب البحث العلمي .

الخير يكمن في الشر بقلم. د/أحمد الطباخ

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.